انطلاق شرارة المقاومة المهرية المسلحة ضد الاحتلال السعوديّ الإماراتي من “شحن” الحدودية
المسيرة | ضرار الطيب
انفجرتِ الأوضاعُ عسكريّاً في محافظة المهرة، ولأول مرة، بين قبائل المقاومة الشعبيّة والاحتلال السعوديّ الإماراتي، بعد أن حاول الأخيرُ استحداثَ مواقعَ عسكريّةٍ جديدة استقدم لها تعزيزات كبيرة من مليشياته في مديرية شحن الواقعة على الحدود مع سلطنة عمان، حيثُ تصدت القبائل لتلك المليشيات وخاضت معها، مساء أمْس الأول، اشتباكات عنيفة تكبّــدت فيها المليشيات خسائرَ بشريةً ومادية وانسحبت مجبرةً من مناطق محيطة، وتعتبر هذه الخطوة من القبائل بمثابة شرارة انطلاق للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، والتي تأتي بعد أكثر من عام من النضال الشعبي السلمي الذي قابله الاحتلال بتصعيد تحَـرّكاته العسكريّة داخل المحافظة.
وأفادت مصادر محلية بأن الاحتلال السعوديّ حاول استحداث مواقع عسكريّة في منطقة شحن الحدودية، وأدخل شاحنات “لم يعرف مصدرها ولم تخضع للتفتيش” رافقتها تعزيزات عسكريّة كبيرة من المليشيات المسلحة التابعة له، وهو ما رفضته القبائل التي أوضحت المصادر بأنها تعيشُ حالةَ استنفار واسعة في المديرية منذ مطلع الأسبوع الجاري على خلفية هذا الموضوع.
واندلعت الاشتباكاتُ مساء أَمس الأول بين القبائل المقاومة، ومليشيات الاحتلال بالقرب من منفـذ شحن الحدودي، وأكّــدت المصادر المحلية والإعلامية أن العديد من عناصر مليشيات الاحتلال سقطوا قتلى وجرحى، كما تمكّنت القبائل من تدمير وإعطاب عدد من المدرعات والآليات التي جلبتها مليشيات الاحتلال.
وأكّــدت المصادر أن القبائل المهرية المقاومة تمكّنت من السيطرة على كافة الطرق والوديان في منطقة “حات” المجاورة، حيثُ لجأت مليشيات الاحتلال إلى الانسحاب من هناك مجبرة، وعادت إلى أحد معسكرات الاحتلال في المنطقة.
وأصدرت قبائل المهرة بياناً حذرت فيه الاحتلال السعوديّ ومليشياته من التصعيد أَو محاولة السيطرة على مديريات وقرى المحافظة ونشر جنود سعوديّين أَو مليشيات من أي نوع، واعتبرت القبائل ذلك “تعدياً وتحدياً واضحاً” على إرادة أبناء المهرة، كما هاجم البيان محافظَ المحافظة المعيّن من الاحتلال، راجح باكريت.
ونقلت وسائل إعلام عن الشيخ علي سالم الحريزي، أحد أبرز زعماء المقاومة الشعبيّة في المحافظة، قوله: إن بيان القبائل جاء تحذيراً للرياض من محاولة السيطرة على المهرة، وحماية للمحافظة من “الصراعات والإرهاب”.
وتعتبر هذه المعركة أول مواجهة عسكريّة بين المقاومة الشعبيّة في المهرة والاحتلال السعوديّ الإماراتي، حيثُ استمر تصاعُدُ الرفض الشعبي للاحتلال خلال أكثر من عام، إلا أنه اتخذ مساراً سلمياً تحذيرياً تمثل في الاعتصامات والرفض السلمي للتوسعات العسكريّة للاحتلال.
ويُعَدُّ هذا الحدثُ نقطةَ تحول كبيرة في مسار المقاومة الشعبيّة المهرية ضد الاحتلال، إذ يأتي بمثابة انطلاق شرارة الانتفاضة المسلحة التي يبدو واضحاً أن الاحتلال السعوديّ حاول على مدى الفترة الماضية إجهاضها قبل أن تنطلقَ، من خلال تكثيف نشاطاته العسكريّة في المحافظة وممارسة الإرهاب والتخويف وتكميم الأفواه بحق المعارضين له.
وتمثل الهزيمةُ التي مني بها الاحتلالُ في هذه المواجهة المسلحة الأولى مع أبناء المهرة، فاتحةً مبشِّرةً للمقاومة الشعبيّة المسلحة، كما تمثل دليلاً على هشاشة وضعف الاحتلال الذي حاول جاهداً أن يستخدمَ سلطاتُ المرتزِقة في المحافظة كأداة لتعويض الرفض الشعبي الذي يواجهُه لكن بدون جدوى.
وكثّــف الاحتلالُ السعوديّ الإماراتي من تحَـرّكاتِه العسكريّةَ بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، في محاولات لاستباق الانتفاضة الشعبيّة ضده، حيثُ قام بإنشاء واستقدام مجاميعَ كبيرةٍ من المليشيات المسلحة بالتعاون مع التنظيمات التكفيرية من مختلف المحافظات الجنوبية المحتلّة، كما قام باستحداث مواقعَ عسكريّة كثيرة في أكثرَ من منطقة داخل المحافظة.
وكانت لجنةُ اعتصامات المهرة توعدت مطلع الأسبوع الجاري بالتصعيد ضد تحَـرّكات الاحتلال، كما كان العديدُ من ممثلي الحراك الشعبي المقاوم للاحتلال في المحافظة، وعلى رأسهم الشيخ علي سالم الحريزي، توعّــدوا في أوقات سابقة بالتصعيد المسلح ضد قُــوَّات الاحتلال في حال اضطرهم إلى ذلك.
كما دعت اللجنةُ الاحتلالَ السعوديّ، قبل أيام، إلى سحب قُــوَّاته من منطقة “عينة” القريبة من عاصمة المحافظة الغيظة، ورفع استحداثاته العسكريّة من المنطقة الساحلية، وحذّرته من الإضرار بمصالح الصيادين، وذلك بعد أن قام الاحتلال باستقدام تعزيزات من قُــوَّاته ومليشياته إلى تلك المنطقة، وبحسب مصادرَ محلية فقد بلغت تلك التعزيزات أكثرً من 24 طقماً ومدرعةً، مع العشرات من العناصر المسلحة، وفور وصول تلك التعزيزات باشرت بمنع المواطنين والصيادين من الاقتراب من الساحل وهدّدتهم بالاعتقال والاعتداء عليهم، وذلك في إطار العمل على تحويل المنطقة بكلها إلى ثكنة عسكريّة للاحتلال.
سلطةُ المرتزِقة في المحافظة هي الأُخْــرَى، ممثلةً بالمحافظ المعيّن من قبل الاحتلال راجح باكريت، تواجه رفضاً شعبياً متزايداً؛ لكونها أداةً مكشوفة تنفّـذ رغبات وخطط الاحتلال، حيثُ يقوم المحافظ المرتزِق باكريت بإقالة أيِّ مسؤول محلي ينتقد الاحتلالَ، وباسمه وتحت إشرافه يتم استقدام وإنشاء المليشيات المسلحة التابعة للاحتلال واستحداث المواقع والمعسكرات في المحافظة.