ظاهرة التكفير و(عقيدة) التكفيريين التي لا تزال تفتك بالأمة الإسلامية .. بقلم/ عبدالإله الشامي
لأول مرة يتحدَّثُ السيدُ عبدالملك بدرالدين الحوثي عن الفكر التكفيري والعقيدة التي يحملها التكفيريون ومخاطرها وما أحدثته في المجتمع الإسلامي واليمني خصوصاً، في إيجاد الحقد والكراهية والفرقة بدل المحبة والأخوّة والاعتصام بحبل الله، وأظن أن طرحي لهذا الموضوع الآن. يعده البعض من المواضيع ذات الحساسية الشديدة التي يحاول بعض الناس الإمساك والصمت عن تناوله أو طرحه، ولكن الصمت عن قول الحق والحقيقة أمر سيئ، فكثير من الحقائق والثقافات والمفاهيم والعقائد والاتّهامات الباطلة التي نحاذر أن نتفوه بها، تصبح أدواءً سامة وأوراماً قاتلة، خصوصاً وأن التكفيريين وفي سبيل الانتصار لدعوتهم يستخدمون أسلحةً غير أخلاقية ولا نزيهة مثل: تشويه الخصم ورميهم بالتهم والأقوال المستبشَعة ومحاولة اضطهاده والتضييق عليه، وقتله ولو بالاستعانة بالسلطة وباسم الذب عن العقيدة!
وتحويلُ عقيدتهم إلى أداة إرهاب ووسيلة لتسليط سيف الاتّهام بالكفر والشرك والابتداعِ والخروج عن ملة الإسلام، واتخذوا من أقوال وكتب مَن يسمونهم بالمشايخ وعلماء السلف مراجعَ قطعيةً لدعوتهم فوق القرآن والسُّنة الصحيحة للرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. ومن أولئك: ابن تيمية الذي يرتبط به الكثير من التكفيريين على المستوى الثقافي والتعليمي والدعوي كرمز لهم ويسمونه بشيخ الإسلام وكأن الإسلام تلميذٌ عنده!
ويأتي بعد ابن تيمية محمد بن عبدالوهّاب النجدي كمرجع رئيسي لديهم، ويصنفون كل من لا ينتمي ويعتقد ويتدين ويتعبد الله بتلك الدعوة والفكر الوهّابي بالكفر والضلال والشرك والابتداع وهو ملحد ومجوسي ورافضي وخارج عن الإسلام، مستحل دمه وماله وعرضه، ويصدرون الفتاوى بذلك، وما فتوى صعتر في حق أبناء اليمن عنا ببعيد والذي أجاز فيها قتل 24 مليوناً من أبناء الشعب اليمني لصالح بقاء مليون من الذين هم على عقيدتهم، وأن العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن بأمر الله!
ولتلك الفتاوى أمثالها من مشايخ البلاط وعلماء السوء في السعودية وغيرها كالسديس والقرني وآل الشيخ وغيرهم كثر..
وكي لا يظننَّ ظانٌّ أني قد تجنيت على هؤلاء التكفيريين الوهّابيين واتّهامهم بما هم بريئون منه، فأقول إنما حوته كتبُ العقائد ومن أهمها كتب عقائد الحنابلة مليئة وتطفح بهذه الأفكار والمتمثلة:-
التكفير، التبديع، الشتم، الكذب، والقسوة في المعاملة، والظلم لغيرهم من العلماء والصالحين من سائر المذاهب والفرق الإسلامية المعتبرة، والغلو في مشايخهم، وتفضيل الكفار على المسلمين، وتفضيل الفسقة والظلمة على المؤمنين الصالحين، والانتصار بالأساطير والأحلام، وتجويز قتل الخصوم، والاعتماد على الإسرائيليات، والتناقضات الصارخة، والتقول على الخصم، واستثارة العامة والغوغاء في إثارة الأحقاد والضغائن، وزرع الكراهية الشديدة مع عدم معرفة حق المسلم على أخيه المسلم، الإغفال المتعمد والتزهيد من العودة إلى القرآن الكريم مع المبالغة في نشر أقوال العلماء الشاذة، إغفال التأسي والاقتداء والإتباع للرسول الخاتم ورسالته وهديه وسيرته ومواقفه من كل الوقائع والأحداث التي حكاها القرآن المبين والذكر الحكيم إلى ما دون من روايات وقصص بعد عدة قرون والتي أسموها بالسير، التركيز على الجزئيات وترك الأصول، وإطلاق دعاوى الإجماع، وإطلاق دعاوى الاتّفاق مع الكتاب والسنة والصحابة، وتعميم معتقد البعض أو بعض الأفراد على جميع المسلمين، وإرجاع أصول المخالفين لهم لأصول غير مسلمة يهودية أو نصرانية أو مجوسية وغير ذلك من الأمراض التي نعلمها أبناءَنا في المدارس والجامعات فيخرجون فاقدي لأهلية التفكير الصحيح وجاهلين أبرز أسس العدل والإنصاف في القول والشهادة التي أمرنا الله في كتابه بقولها، وتأسيساً على ما سلف فلا غرابة أن نجد من استبدلوا هويتهم الإيمانية في بلد الإيمان والحكمة بالعقيدة الطحاوية الوهّابية وغيرها من كتب العقائد المنتشرة على نطاق واسع وأن تسمع من يصف أخيه اليمني المتعايش مع أبيه وجده وأجداده عشرات القرون بالرافضي والمجوسي ويطعن في مواطنته وجنسيته اليمنية الأصيلة والمتأصلة عبر تاريخ طويل، أو يصف ما يتعبد فيه ربه ويعظم ويوقر ويرفع ذكر من رفع الله ذكره الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم كالأذكار عقب الصلاة جهرا وفي الاحتفاء والاحتفال بذكرى مولد الرسول أو هجرته بالمبتدع!
والبدعة دون أن يفهم ما معنى البدعة!!
وأن التبديع أخو التكفير؛ لأن كليهما مبنيان على أدلة ظنية لا قطعية.
وهو ما يستوجب إعادة النظر في المناهج الدراسية في مراحل التعليم الأساسي والجامعي بما يخدم الأمة اليمنية ويجمع شملها ويوحد صفها في مواجهة عدوها الحقيقي في الحاضر والمستقبل.