المدير العام للمؤسّسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في حوار مع صحيفة “المسيرة”:
يُعَــدُّ مشروعُ الشهيد الرئيس صالح علي الصمّاد الذي أطلقه قبيل استشهاده بأيام “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” مشروعَ تَحَـــدٍّ ومواجهة، ويقومُ على مقاومة التدمير بالتعمير، والحصار الاقتصادي بالاتّجاه نحو الاقتصاد المقاوم، وتوظيف الإمكانيات المتاحة في تحقيق اكتفاء ذاتي بالتدرج ووفق خطط قابلة للتنفيذ، كما يقومُ على مقاومة الحرب الاقتصادية المفروضة على شعبنا وعلى المالية العامة بتحسين موارد الدولة ومكافحة الفساد المالي والإداري، والانتقال من الحِفاظ على مؤسّسات الدولة إلى تعزيز دورها الخدمي والتنموي بما يخدُمُ المواطنَ اليمني ويخفّفُ من معاناته.
ولقد انطلقتْ رؤية الرئيس الشهيد صالح الصمّاد (يد تحمي ويد تبني) من إدراكه بأن مقاومة الواقع المفروض من قبل أنْظمة الوصاية الخارجية هي البداية والمدخل للبناء والتحديث والتطوير وبناء الدولة اليمنية الحديثة التي ينشدها الشعب اليمني بمختلق اتّجاهاته، حيثُ أشار في كثير من خطاباته إلى أن اليمن غنيٌّ بثرواته البشرية والمادية غني بقيمه وأَخْــلَاقه، وهو ما أثبته شعبنا اليمني خلال أربع سنوات من العدوان والحصار، عندما بدأت المؤسّساتُ بالإنتاج وفقاً للإمكانيات.
المؤسّسةُ العامةُ لإنتاج وتنمية الحبوب بدأت أولى خطوات تحقيق الاكتفاء الذاتي، عبرَ دعم المزارعين وتشجيعهم على زراعة القمح، وإطلاق المسابقاتِ التنافسية على جائزة الرئيس الشهيد صالح الصمّاد لأكثر المزارعين إنتاجاً للحبوب في مختلف المحافظات اليمنية، الأمر الذي قد يجعلُ الحصارَ على اليمن فرصةً للإنتاج؛ لنأكُلَ مما نزرع.
ومن منطلق ذلك، قامت صحيفة “المسيرة” بإجراء حوار مع المهندس أحمد خالد الخالد -المدير العام التنفيذي للمؤسّسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب-؛ لتسليط الضوء على المؤسّسة وأنشطتها، وأَهْدَافها المنشودة في ظل التفاعل الشعبي الكبير نحو مواجهة الحصار والتجويع.
وفي المقابلة ناقشت صحيفةُ المسيرة العديدَ من الجوانب المتعلقة بالمؤسّسة والإنتاج الزراعي، فيما أوضح “الخالد” العديدَ من الأمور نستعرضها في نص الحوار:
حاوره| أيمن قائد:
– بدايةً هل لكم أن تحدثونا عن نشأة المؤسّسة وأسباب إنشائها؟
بسم الله الرحمن الرحيم.. لقد تم إنشاء المؤسّسة بقرار من اللجنة الثورية العليا بالقرار رقم (366/2016م) وكان إنشاء المؤسّسة، بعد أن تم الإعلانُ الدستوري، وحاولنا تصحيح مسار وزارة الزراعة بما يخدمُ هدفَ زراعة محاصيل الحبوب، بعد الإعداد وعقد عدة اجتماعات لقيادات وزارة الزراعة للخروج برؤية لإنشاء لجنة الطوارئ الزراعية لزراعة الحبوب ولم يكتب لها النجاح، وتم الإعداد لعقد اجتماع موسّع لكل قيادات الوزارة وتم الخروج برؤية لإعادة تفعيل البرنامج الوطني لزراعة القمح والحبوب الأُخْــرَى.
ولأهميّةِ موضوع زراعة الحبوب تم تقديمُ مقترح لإنشاء مؤسّسة خَاصَّــة بتنمية إنتاج الحبوب للأخ القائم بأعمال وزير الزراعة سابقاً المهندس/ علي عبدالكريم الفضيل، والذي بدوره كلّفنا بمتابعة إجراء الإنشاء ورفع بالمقترح إلى وزارة الشؤون القانونية وإلى القائم بأعمال رئيس الوزراء ورفع للجنة الثورية العلياء وأصدر القرارَ رقم (366/2016م).
– عرّفنا عن المؤسّسة وأَهْدَافها المنشودة؟
المؤسّسةُ جاءت لهدفٍ استراتيجي محدّدٍ هو تحقيقُ الأمن الغذائي وتأمين الاكتفاء الذاتي من محاصيل الحبوب، وللأهميّة الكبيرة لهذا الهدف والمطلب الهام والأسمى رأت قيادةُ الثورة والقيادة السياسيّة أن تخصّصَ لها جهةً محدّدةً تعملُ ليلاً ونهاراً من أجل تحقيقه؛ كونه الأملَ الوحيدَ لنهضة اليمن وتقدمه وانتصاره ضد دول الاستكبار والتسلط والظلم والطغيان وكل مَن يقف معها من الداخل أَو الخارج، وللمؤسّسة العديدُ من الأَهْدَاف تسعى لتحقيقها أبرزها زيادة إنتاج الحبوب وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي بصورة تدريجية، وكذا تخفيض تكاليف الإنتاج ودعم وتشجيع المزارعين وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة، وتشجيع ودعم البحوث الزراعية الهادفة لتطوير الإنتاج.
– حسناً.. ما الهدفُ الرئيسي للإنتاج المحلي من الحبوب؟
الهدفُ من الإنتاج هو رفعُ نسبة الاكتفاء الذاتي بصورة تدريجية وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب بشكل عام والقمح بشكل خاص.
– أين هي الأراضي التي تقومون بزراعتها؟
نعملُ في مناطق الإنتاج الرئيسية في تهامة والجوف بدرجة أساسية وكذلك المرتفعات الشمالية والوسطى.
– هل أنتم تزرعون أم أنكم تكلفون مزارعين ومن ثمَّ يردون لكم عائداً من القمح؟
نعملُ في كلا الاتّجاهين، حيثُ يتمُّ استئجارُ أراضٍ مناسبةٍ، ونقوم باستصلاحها وزراعتها، وهدف المؤسّسة هنا هو تقديمُ نموذج لمزارع نموذجية باستخدام وسائل المكينة الزراعية الحديثة تساعدُ المزارعَ في تحسين الإنتاج وتقليل التكاليف، ومن ثم يتم تعميمُها على المزارعين لتطبيقها على مزارعهم هذا من جانب.
ومن جانبٍ آخر، نفّذنا عَدَداً من المشاريع لخفض تكاليف الإنتاج في محافظة الجوف عن طريق دعم المزارعين بالغطاسات وقُمنا أَيْضاً بتمويل ودعم المزارعين بالبذور المحسَّنة وعملية الحراثة.
– بالنسبة للمزارعين.. كيف تتم الآلية والمعايير بينكم؟ وكيف هو مستوى تفاعلهم؟
كما ذكرتُ سابقاً.. نقومُ بتمويل ودعم المزارعين بالبذور المحسَّنة وعملية الحراثة وفي نهاية الموسم يتم الاستردادُ مقابل التمويل المقدم حبوب، حيثُ نفّذنا ذلك في محافظة الجوف: مديريات المطمة والزاهر والمتون وكذا “تهامة “محافظة الحديدة: مديريات زبيد والجراحي، بيت الفقيه، باجل، المنيرة، الضحى، والقناوص ومحافظة حجة: عبس، بني قيس، مستبا، حرض، بكيل المير، وكذلك المرتفعات الشمالية محافظات صنعاء، ذمار، المحويت، عمران والمرتفعات الوسطى محافظات إب والبيضاء وَحالياً محافظة تعز، سنتدخل خلال هذا العام بتنفيذ بعض المشاريع الزراعية هناك، حيثُ كان التجاوبُ من قبل المزارعين مشجعاً، وتفاعل المزارعين مع كُــلّ خطوة نقوم بها، حيثُ عملنا على إنشاء مجموعة الإنتاج لتنظيمهم في مجموعات لإنتاج الحبوب لأكثرَ من 11 ألفَ مزارع؛ لتحديد احتياجاتهم، وتنظيم جهودهم وإمكانياتهم لإنتاج الحبوب، وكان التفاعُلُ من قبل الجمعيات جيداً، وخَاصَّــةً جمعية الاعتصام التعاونية الزراعية في محافظة الجوف.
– هل لكم أن تطلعونا على الخطط والمشاريع المستقبلية للمؤسّسة؟
توجدُ خططٌ استراتيجيةٌ للمؤسّسة لتنمية المجتمعات المنتجة للحبوب وتنظيمهم في مجموعات إنتاج؛ وذلك للمساهمة في توفير مستلزمات الإنتاج والعمل على زراعة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الخَاصَّــة بهم بمحاصيل الحبوب، كما سنعملُ في الفترة القادمة على توسيع دائرة التعاون والشراكة مع المؤسّسات والهيئات الحكومية؛ لما من شأنه تظافر كُــلّ الجهود لإعادة النشاط الزراعي لمحاصيل الحبوب في المناطق المستهدفة وفق الرؤية المحدّدة للمؤسّسة والتي تسعى من خلالها إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي لليمن من هذه المحاصيل، خصوصاً في ظل الظروف الحالية التي تمر فيها بلادنا من عدوان غاشم وحصار جائر، الذي تستدعي تكثيفَ الجهود والتعاون من الجميع للوصول إلى الآمال المنشودة إن شاء الله.
– ماذا عن طموحكم ونظرتكم؟
تحقيقُ نسبة مرتفعة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من محاصيل الحبوب.
– ما هي رسالتُكم التي توجّهونها لقوى العدوان؟
نقولُ للعدوان بأنه مهما حاولوا تركيع شعبنا اليمني العزيز الصامد من خلال الحصار الاقتصادي وتدمير البُنية التحتية فلن يجنوا إلّا الخُسران وكما هُزموا في الميدان سيُهزمون في المعركة الاقتصادية والعاقبة للمتقين.
– ما هي رسالتكم للشعب؟
ورسالتي الأُخْــرَى للشعب اليمني بأن يضعوا جهودَهم إلى جانب الجهود التي تقومُ بها المؤسّسةُ في إعادة تنمية وإنتاج الحبوب في اليمن؛ للوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، سواءٌ أكانوا مزارعين أَو مواطنين.
– كلمةٌ أخيرة توجّهُها للحكومة والقطاع الخاص؟
نقولُ: إن المؤسّسةَ حديثةُ النشأة ليست لديها بنية تحتية متكاملة من معدات زراعية ومزارع، ويوجدُ لدى وزارة الزراعة مئاتُ المعدات والآلات متوقفة في أروقة هذه الجهات، ولا يتم استغلالُها ولا الاستفادة منها ولم تمكّن المؤسّسة منها ولا من استغلالها رغم أننا في أمَسِّ الحاجة لها، إضافةً إلى مزارع ومساحات كبيرة تم إهمالُها ولم تُزرَعْ إلى الآن، ومن أهمّ المعوقات عدمُ تسليم المؤسّسة الأراضي الزراعية التابعة للدولة في تهامة من قبَل نافذين وباسطين على أراضي الدولة، بالرغم من التوجيهات الصادرة عن رئيس المجلس السياسيّ الأعلى، القاضية بتمكين المؤسّسة من زراعة الأراضي والمحدّدة من قبَل المؤسّسة، ولم تتمكّنِ المؤسّسةُ إلى الآن من استلام الأراضي البالغة 12 ألفَ معاد، ولجأنا إلى استئجار أراضٍ زراعية تابعة للمزارعين لزراعتها بمحاصيل الحبوب.
ورسالتي إلى القطاع الخاص أن يستشعرَ المسؤوليةَ الوطنية خلال هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الوطن، فلدينا مساحاتٌ شاسعة وبإمكانِهم الدخولُ مع المؤسّسة في شراكة للاستثمار فيها، ونحن مستعدون لتجهيز الأرض وعمل الدراسات وحتى الدعم ببعض الإمكانيات فيما إذَا توفر لنا دعم من بعض الدول المانحة.. بعض رؤوس الأموال في بلادنا لديها رأسُ مال كبير وبدلاً عن أن يضعوْها في البدرومات عليهم أن يستغلوها في عمل نهضة تنموية زراعية وصناعية في اليمن.
فجدوى الاستثمار في القطاع الزراعي كبيرة وممتازة، خصوصاً أن اليمن بدأت تتحرّر من تبعية القرار السياسيّ، صحيحٌ أن هناك ضغوطاتٍ سياسيّةً كانت تُمارَسُ في السنوات الماضية على القرار السياسيّ اليمني في فترة الزعامات السابقة وتحدث وزير الزراعة وبعضُ المختصين في الوزارة بأن لدينا اتّفاقيات دولية بعدم زراعة الحبوب، الآن القرارُ السياسيّ تحرّر وأصبح بيد الشعب اليمني ليس بيد أمريكا والسعوديّة، والآن بمقدور القطاع الخاص أن يعمل ويستثمرَ بكل حرية.
وهناك من أصحابِ رؤوس الأموال مَن هم حريصون على وطنهم وسيبادرون كما وعدونا بذلك في الدخول في هذه الشراكة للاستثمار معنا في القطاع الزراعي.. هم كانوا في السابق يبحثون عن الربح السريع والسهل؛ لأَنَّ العدوان وضع العراقيلَ ويحاول أن يدمِّرَ الاقتصادَ الوطني، وترتب على القطاع الخاص دفعُ مبالغ ومخاطر من الاستيراد للحبوب وغيرها ويوجهون عوائقَ من توفر السيولة وارتفاع أجور التأمين وكلفة النقل… إلخ.
الآن أصبح الاستثمارُ في الداخل هو المجدي، خصوصاً أن الاستثمار في القطاع الزراعي لا يحتاجُ سوى قُــوَّة إرادة ومبادرة فقط والبدء بالعمل، الأرض موجودة والإمكانياتُ موجودة والمياه موجودة والإرادة والقرار السياسيّ يدعمُ ويشجِّعُ، إذَاً ما عليهم سوى البدء بالاستثمار في هذا القطاع الواعد.