مدير المستشفى الجمهوري في حوار مع صحيفة المسيرة:
بعدَ أن استخدم تحالُفُ العدوان السلاحَ البيولوجيَّ للفتك باليمنيين، عبر انتشار الأوبئة القاتلة، تتفاقم معاناة أبناء الشعب اليمني وسط تواطؤ أممي مفضوح.
وباءُ الكوليرا كان في صدارة الأوبئة التي أصابت وقتلت مئات الآلاف من اليمنيين، كان قد تلاشى بعضَ الشيء؛ بفعل الاستنفار الصحي للجهات المختصة والمواطنين، غير أنه في الآونة الأخيرة بدأ بالعودة تصاعدياً بفعل عوامل متعددة، يأتي في مقدمتها استمرار تحالف العدوان في استخدام مختلف الأسلحة التي تخصب بيئة الأوبئة والأمراض.
وفي هذه القضية أجرت صحيفة المسيرة حواراً صحفياً مع مدير هيئة المستشفى الجمهوري الدكتور مطهر مرشد، الذي كشف عن أسباب عودة الكوليرا ومختلف الأمراض.
وفي المقابلة تطرق مرشد إلى الخيارات القادمة لمواجهة الأمراض والأوبئة، وكذا مواجهة الحصار المطبق وإغلاق المطارات أمام المرضى الذين يتعرضون للموت وسط صمت دولي ووحشية عدوانية سعودية إماراتية أمريكية صهيونية.
وأشار مدير المستشفى الجمهوري إلى العديد من الجوانب الصحية نستعرضها في نص المقابلة:
حاوره/ أيمن قايد
– قامت صحيفة المسيرة بزيارة العديد من المراكز الصحية ولا سيما مراكز الأطفال ووجدت أمراضاً متفاوتة ومتزايدة لدى الأطفال، برأيك ما هو سبب هذا التزايد؟ وهل لذلك ارتباطٌ بالعدوان الغاشم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، أشكر صحيفة المسيرة على هذه اللفتة الهامة. أوّلاً: أمراضُ الأطفال متعددة، ومنها التشوهاتُ الخَلْقية والتي تمثل نسبة مرتفعةً وبالتأكيد لها رابط ما بينها والأسلحة والصواريخ والقنابل العنقودية والمتفجرة التي عانينا منها منذ بدء العدوان الغاشم على اليمن حتى اليوم.
ثانياً: سوء التغذية والتي تشغل حيزاً كبيراً وَقد ازدادت مراكزُ علاج سوء التغذية وَازداد العمل من جانب وزارة الصحة في هذا المجال ولدينا مؤشرٌ خطيرٌ جِـدًّا في سوء التغذية ناتجة عن الحصار والمعاناة وانقطاع الرواتب وسوء المعيشة الاسرية نتيجة العدوان الغاشم مما يحصل للطفل مضاعفات يدخل في التهابات مختلفة ونسبة كبيرة من الأطفال تحصل لهم الوفاة.
– ما سبب عودة انتشار مرض الكوليرا مرة أخرى في هذا الفترة؟
وباء الكوليرا يعتبر من الأمراض الفتاكة بالشعوب وهي تنتشر في البلدان التي يوجد بها حروب وصراعات ويستخدم كسلاح بيولوجي يفتك بالشعوب، وتحالف العدوان استخدم هذا السلاح ضدنا لقتل المزيد من اليمنيين.
وكان قد بدأ يتلاشى، لكم عاد؛ بسببِ أنه وباء ينشط ويخمد بنشاطات الوضع الموجود في البيئة فَمثلاً عدم التعقيم للمياه وكذا النظافة الشخصية واختلاط مياه الآبار بمياه الصرف الصحي كلها من ضمن المشاكل.
وقد قامت وزارة الصحة لتنقية المياه داخل الأمانة وهذه كسرت وجود الكوليرا في الفترة الماضية… والآن عادت من جديد وبقوة؛ بسببِ غياب الوعي عند الناس وكذا بسبب الخصوبة التي توفرها الأسلحة المتنوعة التي يقصف بها تحالف العدوان شعبنا باستمرار.
وبالنسبة لحالات الكوليرا بمستشفى الجمهوري نقوم بتحويلها جَميعاً إلى مركز 22 مايو بضلاع همدان؛ لأَنَّه متركز على استقبال حالات الكوليرا؛؛ لأَنَّ مرض الكوليرا يحتاج إلى مركز عزل حتى لا يصيب بقية الناس وَمن الأحسن أن يكون مركزا متفردا لمعالجة هذه الحالات.
– بالنسبة للأدوية المحلية.. هل تتوفر في المستشفى الجمهوري؟؟
من المفترض أن الأدوية المحلية تكون فعالة في هذه الوقت وفي هذه المرحلة الحساسة والاستثنائية من زمن العدوان علينا، والتي تصل إلى ثمانية مصانع داخل اليمن ومن المفروض أن تفي بالغرض، لكن للأسف الشديد نسبة تواجد الأدوية المحلية ضئيل جِـدًّا وقد ضعفت في الفترة الأخيرة ولم تفِ تلك المصانع بالغرض حتى على مستوى تصنيع المغذيات.
واذا اعتمدنا الاعتمادَ الكلي على المنظمات أن تقوم بتوفير المستلزمات وأن نمكنهم من أرواحنا فهذا شيء خطير جِـدًّا؛ لأَنَّه من الممكن في أية لحظة أن يتركك تموتُ وحيداً بمنتصف الطريق.
وعلى قيادة وزارة الصحة أن تلزم المصنعين المحليين أن يقوموا بتوفير مستلزماتنا الطبية، وأرجو من قيادة وزارة الصحة أن تلزم المصانع للتحويل إلى الاكتفاء الذاتي وبالذات لدينا المصانع سواء الحكومية أَو الخاصة وإن لم تفِ بالغرض هذا المصانع نقوم بإنشاء مصانع جديدة لتغطية الاحتياجات لكي نتمكنَ من مواجهة الحصار العالمي على بلادنا، وحتى لا نطرح ارواحنا بيد منظمات لا تعرف مدى التزامها معك وقد تتركك بمنتصف الطريق وحيداً بلا شيء.
– هل سبق وواجهتم مشاكلَ مع المنظمات؟
نعم بالتأكيد، ففي بداية 2019 منظمة اليونسف أشعرت المستشفيات التي تقوم بدعمها بأنها توقفت عن الدعم، مما أَدَّى إلى لخبطة تلك المستشفيات التي كانت مدعومة من المنظمة، وقد كان هناك رسالة قد تلقاها الدكتور طه المتوكل وزير الصحة من منظمات تريد أن تتوقف فأجابهم الدكتور طه بأن يغادروا الوطن فوراً، ثم تراجعت تلك المنظمات عن ذلك بمبرر وجود إشكاليات هنا وهناك بعد ذلك حُلت المشكلة.
ومن المشاكل أيضاً أن تعتمد مراكز ومستشفيات اعتماداً كلياً على المنظمات، وهناك مستشفياتٌ لا تعتمد اعتماداً كلياً على المنظمات كالمستشفى الجمهوري كبعض المحاليل وبعض الأدوية ومركز الغسيل الكلوي.
ونريد ننوه إلى نقطة هامة، وهي أن لدينا لجاناً متخصصة في فحص جودة الأدوية قبل إدخالها المخازن.
– المعاناة بسبَبِ إغلاق مطار صنعاء وتزايد وفاة الحالات الحرجة.. حدثونا عن هذا الجانب؟
الوضعُ سيئٌ جِـدًّا في هذه المرحلة فهناك الكثير من يلقون حتفهم نتيجةَ إغلاق المطار والحصار الجائر بالنسبة للحالات التي بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج كالجراحات النادرة أَو الزراعة، وهذا الجانب الذي أثبت وحشية العدوان وتواطؤ الأمم المتحدة، حيث أن المرضى يموتون وسط وحشية العدوان وتغاضي الأمم المتحدة.
لكن اليوم والحمد لله بدأ المستشفى الجمهوري عمليات زراعة الكلى وهي تعتبر خطوة جبارة وممتازة، وفي كُــلّ أسبوع ينجز عدداً من المرضى، لكنه لا يكفي؛ لأَنَّ العدد كبير جِـدًّا ويحتاج إلى مراكز أخرى.
وهناك مرضى كُثْــــــرٌ يحتاجون إلى جراحات متخصصة كجراحة المخ والأعصاب وجراحة العين وكذا الكبد وهذه كلها لا تعمل داخل اليمن وتحتاج مثل هذه الحالات إلى تسفيرها إلى الخارج وهم يناشدون لكي يتم نقلهم لكن حصار العدوان الخانق يتسبب في أن يلاقيَ هؤلاء المرضى حتفهم للأسف الشديد.
– هل سيبقى المستشفى كما كان في السابق أم أنه سيتغير إلى الأفضل؟
الدكتور طه المتوكل في اجتماعهِ الأخير بمدراء العموم ورؤساء الهيئات ومدراء المستشفيات قال “أنا لن أنام في البيت، بل سأنام فوق سيارتي من مستشفى لآخر، ولن أترككم تناموا”.
وهذا يظهر أن لديه رغبةً جامحة أن يعمل شيئاً، ولن يكون التوجه كما في السابق ويحتاج هذا الشيء إلى وقت فقط حتى تتغير المفاهيم وتتغير السياسات وتتغير القيادات حتى تتمكن من تغيير ما تسعى إليه وتطمح له.
ونحن نحاول في المستشفى الجمهوري استقبال كم هائل من الناس حيث يتردد في اليوم حوالي خمسة إلى ستة آلاف شخص إلى المستشفى، عمليات كثيرة في أكثر من خمسة إلى عشر غرفة عمليات جراحية، والمستشفى في تميز أكبر وتطور أكثر.
– رسالتكم الأخيرة لقوى العدوان؟
نقول لقوى العدوان: إن الشعب اليمني صابر وصامد ومحتسب وإن شاء الله في الأَيَّـام القادمة سيكون انفراجٌ لأزمتهم وسيكسر قرن الشيطان بإذن الله.