بين سفاح نيوزيلاندا وسفاح فلسطين ولبنان.. يمين متطرف وجرائم بشعة في حق المسلمين .. بقلم/ فوزي بن يونس بن حديد
لم تصدر إدانةٌ واضحةٌ من الدولة الإسرائيلية في مجزرة أَو مذبحة نيوزيلاندا كما فعلت عديد الدول العربية والإسْــلَامية والغربية، حتى الرئيس الأمريكي المتطرف دونالد ترامب قدوة السفاح المجرم الذي قتل بدم بارد مسلمين عزّل أبرياء لا يملكون من القوة شيئا، أصدر تغريدة في هذا الشأن وسمّى العمل الإجرامي الذي قام هذا الوغد بالعمل الشنيع والإرْهَــابي، لكن إسرائيل لزمت الصمت التام والمطبق على حادثة تعد من أشنع وأبشع الجرائم التي ترتكب ويوثقها المجرم بنفسه وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، توهّم الكثير من الناس بداية أنها لعبة من لعب القتال العنيف.
وهذا يعني أن إسرائيل تبارك هذا العمل الإجرامي؛ لأَنَّها تمارسه يومياً، وأكاد أجزم أن اليهود في تلك اللحظة التي وقعت فيها المذبحة فرحوا بما قام به اليمين المتطرف بشكل فردي وقتل عدداً لا بأس به من المسلمين في وقت قصير، وما عمل هذا السفاح إلا عينة صغيرة مما قام به الإسرائيليون في فلسطين منذ سنة 1948م، أي بعد وعد بلفور المشؤوم، انطلق الصهاينة في جرائمهم بلا هوادة ودون حساب ولا إدانة من المجتمع الدولي إلا قليلاً، ومنذ ذلك الوقت وقعت مذابح عديدة ومتعددة، ففي فلسطين هناك مذبحة بلدة الشيخ ومذبحة دير ياسين ومذبحة قلقيلية ومذبحة المسجد الأقصى ومذبحة الحرم الإبراهيمي ومذبحة مخيم الجنين، أما في لبنان فمذبحة بلدة بنت جبيل، ومذبحة صبرا وشاتيلا ومذبحة قانا الشهيرة، ومن الاغتيالات الكثير والكثير منها اغتيال أبو جهاد وفتحي الشقاقي ويحيى عياش وعباس الموسوي والمجاهد أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ومحمود المبحوح وعماد مغنية ومحمد الزواري وغيرهم الكثير، فصاح من صاح وعلا صوت من علا إلا أن إسرائيل بقيت كما هي تمارس التطرف بشتى أشكاله وأبشع صوره وأنواعه منذ العهد الأول إلى العصر الذي نحن فيه، كُــلّ أشكال التعذيب والقهر والتنكيل والقتل والنهب والأسر والاستيلاء والهدم وتخريب وتدنيس المسجد الأقصى، سبعون سنة كاملة لم يشعر العالم أن إسرائيل تمارس جرائمها المتطرفة وتقتل بدم بارد شعباً أعزل لا يملك من القوة إلا قوة الإرادة والعزيمة والصبر والتحمل والتكيف مع الواقع.
وبينما يتنامى التطرف في إسرائيل وهو على أشده، لا يسميه العالم إرْهَــاباً بل يعطي الحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها، ويمنحها استخدام القوة المفرطة في حق الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل أرضه حيث مات الآلاف من الشهداء، وهناك الآلاف من الأسرى والمعتقلين تعسّفا من الرجال والنساء والولدان، والملايين من الفقراء والمحتاجين الذين يحتاجون إلى كُــلّ العون، كُــلّ ذلك يحدث ولا أحد يحرّك ساكنا لا الأمم المتحدة التي صارت في قبضة المتطرف الآخر دونالد ترامب، ولا العالم الإسْــلَامي الذي أصبح أسير دولة إسرائيل التي أغرقته بكلمات ناعمة أنسته واجبه المقدس وحوّلت وجهته إلى المجهول.
وأسائل نفسي مرات عدة لماذا هرع العالم إلى إدانة هذه الجريمة البشعة التي وقعت في نيوزيلاندا الجمعة الماضي، بينما يموت الآلاف من المسلمين ولا يهرع إليهم أحد إلا قليلا، فالذين يموتون يومياً في فلسطين مسلمون، والذين يموتون يومياً في اليمن مسلمون، والذين يموتون في سوريا والعراق يومياً مسلمون، والذين يموتون في ليبيا يومياً مسلمون، وماذا عن الذين يموتون في بورما وفي غيرها من البلدان، ألا يستحقون أولئك الحياة أم أن دماءهم أرخص من أي دماء؟
ما أريد قوله في هذه المقالة، أن العالم يتجه إلى التطرف أكثر من اتجاهه إلى العدالة، وقد بدا واضحاً من خلال وصول هؤلاء إلى سدة الحكم من إسرائيل نتنياهو الحاقدة على الإسْــلَام والمسلمين إلى أمريكا ترامب العنصرية ضد الإسْــلَام والمهاجرين المسلمين، إلى برازيل بولسونارو الشعبوية المتطرفة إلى ربما دول أخرى في الطريق في أمريكا الجنوبية وأوروبا، يحملون الفكر الشعبوي المتطرف ألا يجدر محاكمة هؤلاء الذين يفسدون في الأرض بغير حق، وما يفعله البعض أيضا في العالم العربي والإسْــلَامي يصل إلى حد التطرف والإرْهَــاب، ويبقى الصوت المعتدل خافتا لا أثر له في الحياة، وتبقى الدول المستعمرة تمارس الضغوط وتقتل الناس ويبقى المتطرفون الأفراد يستلهمون أفكارهم من السياسيّين المتطرفين أمثال ترامب ونتنياهو وبولسونارو وغيرهم.
ويبقى التطرفُ الصهيوني دائماً على رأس القائمة، وما فعله شامير ورابين وشارون وأولمرت وباراك وما يفعله نتنياهو اليوم لا يقل بشاعة مما قام به سفاح نيوزيلاندا، ينبغي للعالم أن يعترف بذلك، وأن يجعل حدّا للتصرفات الصهيونية المتطرفة في حق المسجد الأقصى وفي حق الشعب الفلسطيني الذي سيأخذ حقه كاملا يوما، وسيقتلع اليهود من كُــلّ شبر من أرض فلسطين بإذن الله.
* كاتب تونسي