على عتبات عام خامس من النضال .. بقلم/ محمد أمين الحميري
الناسُ في فهمهم للأحداث ينقسمون إلى أقسام متعددة، الصنفُ الأولُ يصلُ إلى الموقف الصحيح في التعامل معها، ابتداءً؛ بفعل وعيه الديني والتأريخي والسياسيّ الذي يحملُه، وما يتصلُ بكلِّ قضية على حدة بما يناسبُها من وعي.
وصنفٌ لا يصلُ إلى الحقيقة إلا بعد أن يقعَ الفأسُ في الرأس فهو يرى الشواهد المرئية أمام عينه تؤكّــد أن ما كان عليه من موقف في التعامل مع حدث معين غير سليم، وهنا يبدأ يستيقظُ ويراجع ويصحّح مساره.
وصنفٌ ثالثٌ ثمة موانعُ كثيرةٌ تمنعُه من الاعتراف بالحقيقة ولو وجد الشواهد التي تؤكّــد عليها.. منها التعصُّب الحزبي والطائفي وأمراضاً نفسية أُخْــرَى كالفجور في الخصومة والحقد والكراهية مع من يختلف معه، وهذا سيظل يكابر ويكابر إلى ما لا نهاية (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا…) اليوم نحن في اليمن وبعد أربعة أعوام من الصمود في وجه العدوان الذي أدرك أبعاده الأحرار منذ وقت مبكر فقاموا بواجبهم، هناك اليوم من بدأ يعيدُ النظرَ في مواقفه ويحسب الأمور بشكل صحيح من خلال ما توصل إليه من حقائقَ كشفتها الأَيَّـامُ خلال العدوان وهؤلاء سيلحقون بالركب إن شاء الله، وما نتمناه هو التفاعل أكثرَ وخَـاصَّـةً في إطار المدجنين فكرياً أَو في إطار مَن ينظر للأمور من خلال حسابات سياسيّة خاطئة ومصالحَ زائلة.
في كُــلّ الأحوال بعد أربعة أعوام من الظلم والطغيان ها هو الشعب اليمني العظيم اليوم أكثرُ قُــوَّةً وتماسكاً من ذي قبل وسيخرجُ في ذكرى الصمود الرابعة يوم الثلاثاء القادم ليؤكّــدَ تمسكَه بالعديد من القضايا، ومنها عدالة قضيته وبخيار المقاومة للصلف الأمريكي السعوديّ الإماراتي؛ باعتبار خيار مناهضة العدوان هو الخيار الأمثل لتحقيق الحرية والعزة والنصر والتمكين بإذن الله.
في الوقت الذي كان يراهن العدوان فيه على كسر إرَادَة الشعب اليمني واستسلامه، سيخرج الشعب ليؤكّــدَ له أنه يمتلك إرَادَة فولاذية لا يمكن أن تُقهر، وأن من أولويات هذه الإرَادَة وبعد أربعة أعوام تجديد الوقوف إلى جانب الجيش واللجان ورفد الجبهات بالرجال ودعمها بالمال، إرَادَةٌ تقودُه نحو الالتفاف المخلص إلى جانب القيادة السياسيّة والحكومة وكافة المخلصين للإسهام الفاعل في مشروع بناء الدولة التي تقوم على أساس حَــقّ الشعب في رفض الوصاية الخارجية وإيصال رسالة قوية وشديدة اللهجة أن اليمن بعد ما قدمه من تضحيات لن يقبل في أن يظل حديقة خلفية لنظام آل سعود أَو ملكية خَـاصَّـة لمراكز النفوذ والفساد الداخلي للعبث والفساد، من حَــقّ الشعب اليمني أن يعيش بَعيداً عن أولئك المجرمين جَميعاً، من حقه أن يعملَ على تفعيل الطاقات الكامنة ويسعى جاهداً لاستثمار مقدراته بالشكل السليم بما يمكنه من الوقوف بذاته وتلبية تطلعات الناس في الاستقرار والرخاء المعيشي والاقتصادي شيئاً فشيئاً.
بعد أربعة أعوام سيخرُجُ الشعبُ ليؤكّــدَ تعزيزَ ثقته بالقيادة الثورية الحكيمة التي تتواجد حيث ما فيه رضا الله وما فيه خدمة هذا البلد (الأرض والشعب) وفي مقدمة ذلك التمسك بهُوية اليمن الأصيلة والمضي على ضوئها في مسيرة التغيير وحركة النهوض بكل مسمياته.
إنه يومٌ من أَيَّام الله المباركة في حياة المناضلين الأحرار الشرفاء المخلصين، ويوم خزي وعار على قوى العدوان وعملائهم ومرتزِقتهم، يوم سيرى فيه العالم أن من أرادوا القضاءَ عليهم هم اليوم وبعد مختلف الكوارث التي لحقت بهم؛ بسببِ العدوان والحصار، رافعي الرأس ثابتي القدم يفخرون بما حقّـــقوه من منجزات وما سيستقبلون به عامَهم الخامس من منجزات أُخْــرَى مؤثرة وفاعلة في نقل المعركة مع العدوّ إلى مسارات متقدمة ومتطورة، بينما من حشدوا شذّاذ الآفاق وعملوا بكل ما يمتلكونه من إمكانات لحرب اليمن والتخلص من أحراره خلال أسابيع معدودة، يعيشون أسوأَ حالات الهزيمة والتقهقر والانقسام والتشظي، فضلاً عن المستقبل الذي ينتظرهم وما تخبئه أيامُه من خيبات وخسائرَ على كُــلّ الأصعدة.
إنه عونُ الله وتوفيقُه، إنه الوعيُ الرشيد الذي امتلكه اليمنيون وهو اليومَ في نمو مستمرّ، فقد كان هذا الوعي هو الكفيلَ بإسقاط كُــلّ الرهانات والتصدي لكل المُخَطّطات، لقد كان هذا الوعي هو حجرَ الزاوية في مواجهة التحديات والمخاطر بشكل صحيح من خلال الخطط والدراسات والتواجد الإيْجَـابي على كُــلّ الأصعدة الخارجية والداخلية معاً.
الانتصار الحقيقي الذي نعتز به ونحن على عتبات عام خامس من النضال والحمد لله هو أننا كيمنيين أصبحنا أحراراً في امتلاك قرارنا، ولهذا ما بعده إن شاء الله، كلّل اللهُ الجهودَ بالتوفيق والنجاح، وحفظ الله اليمنَ من كُــلّ سوء ومكروه.