المرتزقة يحرقون مدينة تعز
المسيرة | خاص
تواصلت المواجهاتُ والاشتباكاتُ العنيفة بين فصائل مرتزِقة العدوان في مدينة تعز، والتي بدأت منذ أَيَّام، وشملت عَــدَداً من الأحياء السكنية داخل المدينة، ويستخدم فيها المتقاتلون مختلف أنواع الأسلحة، وذلك ضمن الصراع المستمرّ بين مرتزِقة حزب الإصلاح ومرتزِقة ما يسمى “كتائب أبي العباس” وهو صراعٌ يمتد إلى فترات سابقة مر خلالها بالعديد من فصول المواجهات والاغتيالات المتبادلة.
وأفادت مصادر محلية بأن عدة مناطقَ في مدينة تعز، وفي المدينة القديمة تحديداً، شهدت، أمس السبت، مواجهاتٍ عنيفةً بين مليشيات المرتزِق “أبي العباس” ومليشيات حزب الإصلاح، وأسفرت الاشتباكات عن احتراق مستشفى المظفر، الواقع بجوار مسجد المظفر التأريخي، وعَــدَدٍ من المنازل المجاورة له؛ نتيجة قذائف متبادلة بين الطرفين.
وأكّــدت المصادر أن عَــدَداً من المدنيين بينهم نساء وأطفال سقطوا قتلى وجرحى نتيجة القصف، فيما تحدثت مصادرُ عن تفحم جثث نتيجة الحريق الذي أصاب المستشفى، وسط اتّهامات متبادلة بين الطرفين.
وتداول ناشطون محليون صوراً ومقاطع فيديو تظهر ألسنة اللهب تلتهم المستشفى، كما أظهرت الصور عَــدَداً من السيارات المحترقة بجوار المستشفى، ونشر الناشطون أَيْضاً صوراً مختلفة تظهر جثث قتلى وجرحى من المدنيين.
وأوضحت المصادر أن طرفي الاشتباكات نشرا قناصة على العديد من المباني داخل الأحياء السكنية، واستهدفت القناصة العديد من المدنيين، ما أَدَّى إلى خلق حالة هلع ورعب لدى السكان الذين أصبحوا محاصرين وسط القذائف والنيران الكثيفة المتبادلة.
وذكرت المصادر أن مرتزِقة الطرفين منعا بعضهما حتى من إسعاف الجرحى الذين سقطوا خلال المواجهات، حيث لاحقتهم القناصة وأجهزت عليهم.
الاشتباكات بدأت الأسبوع الماضي عندما أعلنت مليشيات حزب الإصلاح المسيطرة على سلطة المرتزِقة في المدينة، عن إطلاق “حملة أمنية” ضد مليشيات ما يسمى “كتائب أبي العباس” في إطار الصراع المتواصل بينهما منذ فترة طويلة.
وشملت الاشتباكات عدة مناطقَ منها باب موسى والدائري ووسط المدينة القديمة، وكلها أحياء مزدحمة بالسكان، واستخدمت فصائل المرتزِقة مختلف أنواع السلاح في الاشتباكات وبكثافة متصاعدة.
ويأتي هذا ضمن مسلسل صراع طويل بين مرتزِقة الطرفين، شهدت منه مدينة تعز عدة فصول عنيفة على مدى الفترات الماضية، حيث اندلعت عدة مواجهات متكرّرة شملت مختلفَ المناطق، وسقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، كما سقط العديد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين جراء تلك المواجهات.
وكان ضمن فصول هذا الصراع الاغتيالات المتبادلة بين الطرفين، والتي كان من آخرها اغتيال ضابط الأسبوع الماضي في منطقة عصيفرة، وقد طالت الاغتيالات على مدى الفترة الماضية عَــدَداً كَبيراً من قيادات وعناصر الطرفين.
وفي أغسطس من العام الماضي شهدت مدينة تعز مواجهات عنيفة بين الطرفين انتهت بإعلان مليشيات حزب الإصلاح عن “دحر” جماعة “أبي العباس” نهائياً، إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، حيث عاد الصراع إلى المربع الأول، ليذيق المدينة المزيد من فصول من الخراب والتدمير والرعب.
وهذه المرة ألقى صراع المرتزِقة في مدينة تعز بظلاله على الصراع الأوسع بين مرتزِقة السعوديّة ومرتزِقة الإمارات في مختلف المناطق، والذي يشهد احتداما إعلاميا هذه الأَيَّـام في المحافظات الجنوبية، حيث يشن مرتزِقة الإمارات حملات مكثّفة ضد الإعلام السعوديّ الذي بدأ يثير قضية “الوحدة اليمنية” التي يرفضها أتباع أبو ظبي.
وضمن تلك الحملة اتهم مرتزِقة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للاحتلال الإماراتي، الإعلام التابع للسعوديّة بالتواطؤ مع حزب الإصلاح في تعز وتغطية الجرائم التي يرتكبها، معلنين تضامنهم مع مرتزِقة جماعة “أبي العباس” التي تتبع الاحتلال الإماراتي أَيْضاً.
يشار إلى أن القيادي المرتزِق “أبا العباس” مصنَّفٌ لدى الإدارة الأمريكية ضمن قوائم “الإرهاب” إلا أنه ما زال يتلقى الدعم من تحالف العدوان، وقد صرّح لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نهاية العام الماضي قائلاً: “التحالف ما زال يدعمني ولو كنت إرهابيا لأخذوني للاستجواب”.
خيوطٌ متشابكة في مسرحية صراع هزلية بالنسبة لقوى العدوان التي تغذي أدوات الصراع بالسلاح والمال والإعلام، ومأساوية بالنسبة لسكان مدينة تعز بالذات الذين يعانون الأمرّين هذه الأَيَّـام جراء القصف المتبادل داخل الأحياء السكنية، والفوضى الشاملة في ظل غياب كُــلّ مظاهر السلطة المحلية وانتشار العصابات والمليشيات التي ترتكب مختلف الجرائم بدون حساب أَو عقاب.
ويعتبر هذا الوضع في مدينة تعز نموذجاً للوضع في مختلف المناطق والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال ومرتزِقته، حيث تشهد عدن وشبوة وحضرموت وغيرها مواجهات واغتيالات متواصلة وفوضى عارمة توضح جانباً كَبيراً من المشروع التدميري الذي ترعاه قوى العدوان.