استراتيجية الموت .. بقلم/ إبراهيم يحيى الوشلي
يقفُ ساسةُ الإرهاب الغربي ويصفقون بحماس للسفاح الذي استطاع قتل 50 مسلماً بمفرده في نيوزيلندا وخلال لحظات، فقد أثبت تفوقه بجدارة على الفريق الإرهابي المتكامل والمجهز بسلاح سرية بأكملها الذي اقتحم مستشفى العرضي في صنعاء قبل ست سنوات واستغرق وقتاً طويلاً لقتل 53 مسلماً بينهم نساء، وأنا أقف مذهولاً أمام التشابه الكبير بين الجريمتين من ناحية الأسلوب والوحشية بغض النظر عن احتدام المنافسة بين رعيّة الإمبريالية الأمريكية.
عقب الجريمة التي حدثت في نيوزيلندا ذكر شهود عيان لوسائل الإعلام أن رجلاً يرتدي ملابس مموّهة تشبهُ ملابسَ الجيش ويحمل بندقية آلية أخذ يطلق النار عشوائياً على المصلين في مسجد النور، آه يا شهود العيان لو رأيتم الاثني عشر مسلحاً الذين اقتحموا مستشفى العرضي بصنعاء وهم متنكرون بملابس الجيش، لعرفتم حينها أن غريمنا وغريمكم واحد، صدّقوني ستبادرون بالبحث عن حوثي أَو عن ثورة حادي وعشرين من سبتمبر جديدة على أمل أن تنقذكم من ظلمات الإرهاب الأمريكي كما أنقذت الشعب اليمني.
عندما كنتُ أتحدثُ عن التشابه بين المذبحتين كانت الأعين ترمقني بنظرات حادة تكاد تأكلُني وكأنني أبالغ أَو أتفوه بأسطورة ابتدعتها من وحي خيالي، ولكن لا بأس فهي بالتأكيد لم ترَ ذلك السفاح الأسترالي الذي كان يلاحق برصاصاته الحاقدة كُــلّ من حاول الهروب من المسجد عبر النوافذ، ولو رأت ذلك المشهد لتذكرت حتماً أولئك السفاحين الذين تتبعوا كُــلّ الأرواح البريئة في مستشفى العرضي ليسلبوها حياتها إما بالرشاشات أَو بالقنابل اليدوية إذَا كانت الفريسة دسمة.
المؤلمُ في المشهدَين أن الأبرياء يحاولون الفرارَ بأرواحهم وكأنهم مجرمون مطلوبون للعدالة، بينما المجرم الخبيث يطاردهم ليسفك دمائهم وكأن بزته العسكريّة المزيفة أوكلت إليه مهمة تحقيق العدالة، وهنا يتضح لنا جلياً مدى الإبداع الذي وصلت إليه العقول الإرهابية الأمريكية في أساليب القتل والإجرام وسفك الدماء البريئة خدمةً للبروتوكولات الصهيونية الشيطانية، هذه العقول اللعينة تعمل بدقة منقطعة النظير بعيداً كُــلّ البُعد عن العشوائية حتى في اختيار جنسية السفاح منفّــذ الجريمة، فأولئك الذين اقتحموا مستشفى العرضي في صنعاء أغلبهم يحملون الجنسية السعوديّة وهذا الشيء ليس غريباً على مملكة الشر والإرهاب، أما منفّــذ مذبحة نيوزيلندا فلم يكن أسترالياً بالصدفة، فتصريحات السيناتور الأسترالي اليميني فرايزر أنينغ الذي برر المذبحة مباشرةً تؤكّـــد لنا أن ثمة مدرسةً للإرهاب في أستراليا أيضاً كما قال الكاتب مايك ستاتشبري في مقاله على الاندبندنت.
هذا التشابه بين الجريمتين ليس عفوياً ولا محض صدفة، بل هو نتاجٌ طبيعي لاستراتيجية واحدة ومنهجية واحدة تمكث هناك في أروقة البيت الأبيض المغمور بالسواد.