متى ينتشرُ الفسادُ وتفشل الخطط عن تحقيق أهدافها؟! بقلم/ منصور البكالي
قبلَ الإجابة عن هذا السؤال، نحبُّ التذكيرُ بأن خطابَ قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي سلامُ اللهِ عليه في الذكرى الرابعة للصمود الوطني في وجه العدوان، أكّــد على أهميّة محاربة الفساد وتبنّي خطط وبرامج أسماها بـ “المضادات الحيوية”.
ومن هذا المنطلق، أحببتُ تقديمَ إجابةٍ مبسطة عن أسباب انتشار الفساد وفشل الخطط المؤسّسية عن تحقيق أهدافها بقراءة تمهيدية وبشكل موجز وهيَ كالتالي:
عندما تغيبُ القيمُ وتتبخّرُ المبادئُ ويضعُفُ جانبُ استشعار الرقابة الإلهية، ويزيدُ الرياء، يموتُ الضميرُ وتنتعشُ النزواتُ والغرائزُ المكبوتة في نفوسنا، وتصبحُ أعمالُنا مغلفةً بأقنعة براقة الشكل متعددة الألوان فاشلة المضمون خالية من الإخلاص.
فتغيب الأهداف العامة في حضور الأهداف والمصالح الفردية، من هرم المؤسّسات وقياداتها إلى قعر المكاتب التنفيذية على حساب مصالح المجتمع وحقوق أفراده.
ويأخذُ العاملُ الزمني دورتَه الكافيةَ لكشف الحقائق وترسيخ الصورة الذهنية في تفكير المجتمع عن الجهات الفاعلة في محيطها.
ومع هذا تبدأ مرحلةُ التعبير عن هذا الصورة ونقلها بين أوساط المجتمع من خلال الشكاوى التي يتناقلها قلةٌ من الأفراد الممتلكين للشجاعة في التعبير عن مظالمهم والجهات المتسببة في مصادَرة حقوقهم أَو المتعاملة معهم بأسلوب مغاير للقيم والمبادئ المعمول بها، فتنعدم الثقة بتلك المؤسّسات وقياداتها، ويتولد الإحباطُ المجتمعي والمؤسّسي، وتزيد حالةُ النفير والابتعاد عن هذه الجهات من قبل الأفراد والجماعات، ويختفي الإبداع وتنحصر النتائج، وتعرقل التنمية وتنعكس مُخَطّطات النهضة والبناء نحو التراجع.
وبحكم التأثير والتأثر، يصلُ الفسادُ والفشلُ إلى داخل المؤسّسات الرقابية والقضائية فتضيعُ الحقوقُ وتتعدّد الشلليّة داخل كُــلّ مؤسّسة على حدة، ويتفق الفاسدون بشكل ضمني أَو في اجتماعات انفرادية مع أتباعهم على تبنّي استراتيجية تعميم الفساد وتبني الحلول الإنقاذية والترقيعية من خارج الخطط والبرامج التي وضعت لها، وتجهيز مبرّرات وهميّة في التقارير المرفوعة أَو عبر وسائل الإعلام.
ولكن الكارثةَ لم تقفْ عند هذه الحدود، وإنما يتولد الاحتقانُ بين أبناء المجتمع وكوادر المؤسّسات، وتكثر الأزمات والمشاكل بأبعاد مختلفة وبشكل أوسع، تتقزم أمامَها ممارساتُ الفاسدين وفشلُ الفاشلين، لتصلَ إلى بحث المجتمع عن حاجته عن الأمن والسلامة، غيرَ مبالٍ بحقوقه المسلوبة أَو حاجاته للتقدير والاحترام، وهذا هو حالُ مؤسّساتنا اليوم.
ولهذا أطلق قائدُ الثورة الضوءَ الأخضرَ لمعركة تحرير مؤسّساتنا من الفساد والمفسدين خلال العام الخامس من الصمود بالتزامن مع خطة بناء الدولة.
ومن بابِ استشعارِنا للمسئولية تطرقنا إلى هذا الموضوع بطريقة مجملة خالية من التفاصيل والإفصاح عن الجهات والأشخاص، وتبني الأسلوب التحذيري لكل فاسد بأن يتوقفَ عن فساده ويدركَ أن كُــلَّ المعلومات والحركات والاجتماعات والاتصالات من حوله باتت مرصودةً ولن يجدَ بعد اليوم من يشفعُ له كائناً من كان.