اليمن أسطورة الصمود .. بقلم د/ فاطمة بخيت
لا يمكنُ لكل الكلمات أن تعبِّرَ عما يحدُثُ في هذا البلد ولهذا الشعب العظيم الذي يتعرّضُ لأكبر مظلومية في تأريخ البشرية، عدوانٌ عالمي ضم أعتى طواغيت العالم، قتل الطفلَ والمرأةَ والمسن، قصف بأحدث أنواع الأسلحة ومنها المحرم دولياً، دمّر البُنية التحتية، ضمَّ أخطرَ جماعات الإرهاب والتطرف والشركات الأمنية وجيوش المرتزِقة من شتى الدول، قُـــوَّات برية وبحرية وجوية، دعم لوجستي ومعدات حديثة ومتطورة.
عدوانٌ اشترى الضمائرَ والمواقفَ وكل ما يمكن شراؤه لمواجهة هذا الشعب. ولكن في المقابل هنا شعبٌ حر أبي يفضّلُ الموتَ على الذل والهوان والاستسلام، واجه هذا العدوان بكل طاقاته وإمكاناته برغم جلل المصاب وحجم المعاناة.
فأيُّ شعبٍ يُحاصَرُ ويعاني أبناؤه الجوعَ والفقر ولا يزيدهم ذلك إلا صموداً وتحدياً؟!
وأيُّ شعبٍ يُقتَلُ أبناؤه ويزيدُهم ذلك اندفاعاً للمواجهة ورفد الجبهات بالمقاتلين؟!
وأيُّ شعبٍ يُقصَفُ ويقوم أبناؤه من تحت الركام وهم أكثرُ قُـــوَّةً وصلابة؟!
وأيُّ شعبٍ يُحارب اقتصادياً وتُقطع مرتباته ويدعو للتكافل الاجتماعي ويرفدُ الجبهاتِ بالغالي والنفيس؟!
وأيُّ شعبٍ يُمنع عنه الغذاءُ والقوتُ الضروري ويدفعه ذلك إلى الزراعة والتوجّــه إلى الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات؟!
وأيُّ شعبٍ يُضرَبُ بشتى أنواع الأسلحة ويدفعُه ذلك إلى تصنيع الأسلحة الحديثة والمتطورة والطائرات المسيّرة؟!
وأيُّ شعبٍ تُرمل نساؤه ولا يزيدهنّ ذلك إلا إصراراً على دفع المزيد من الرجال للجهاد وبذل كُــلّ طاقاتهن لمقاومة العدوان في مختلف المجالات؟!
وأيُّ شعبٍ يُتّم أبناؤه ولا يزيدُهم ذلك إلا عنفواناً وإصراراً على مواصلة طريق الآباء في مسير الحرية والإباء؟!
وأيُّ شعبٍ يُعاني من الأمراض والأوبئة؛ بسببِ الحصار وانعدام الأدوية ويأبى الذلَّ والخنوع؟!
وأيُّ شعبٍ يُعتدى عليه بهذه الوحشية ولمدة أربعة أعوام وفي كُــلّ عام يخرُجُ أبناؤه بالملايين؛ احتفالاً بذكرى الصمود في وجه العدوان؟!
إنّ ذلك الخروج المليوني المهيب لأحرار هذا البلد قد عكس الكثيرَ من الرسائل لقادة العدوان الذين لم يدركوا بعدُ أنّهم أمام شعب لا يُقهر؛ لأَنَّه يستمدُّ قوتَه من قُـــوَّة الله القوي العزيز، كذلك للعالم الصامت الذي يجهلُ ويتجاهلُ ما يحدثُ في اليمن.
مشهدٌ يستوجبُ من الجميع أن يقفوا له وقفةَ إكبار وإجلال لصمود قل نظيره في تأريخ الصمود البشري، صمودٌ سطّره شعبٌ في ملحمة من أكبر الملاحم التي سيسطّرُها التأريخ على مر الأجيال. ليتعلموا من هذا الشعب كيفيةَ الدفاع عن الحرية والعزة والكرامة، وعن عدالة القضية التي تجعلُ إيْمَانَ الإنْسَان بها أكثرَ قُـــوَّةً وصلابة في مواجهة الأعداء مهما امتلكوا من طاقات وإمكانات.
لقد رأينا ولا نزال نشاهدُ المقاتلَ اليمنيَّ في الجبهات وهو يصنعُ الملاحم الأسطورية ويمرّغُ أنوفَ الأعداء والمرتزِقة في التراب، ويحوِّلُ فخرَ الصناعات الأمريكية إلى حُطام.
تلك الملاحمُ التي ستُدرَّسُ لاحقاً في الأكاديميات العسكريّة وسيكون هذا العدوانُ وبالاً ونكالاً على كُــلِّ مَن أقدم عليه ونفّــذ وخطط وساهم.
الحريةُ والعزةُ والنصرُ والكرامةُ للشعب اليمني. وتحيةُ إعزاز وإجلال للقائد العلم الذي نجدِّدُ له العهدَ والولاءَ بأننا على الدرب ماضون وعلى نهج الشهداء سائرون مهما كان حجمُ التحدياتِ والمؤامرات.