التغييرُ لواقع الأُمَّـة هو الحل .. بقلم/ عبدالله اليوسفي
إنَّ الطرقَ الوحيدَ لفكاك هذه الأُمَّـة من كُــلّ هذه التحديات والأخطار والواقع البئيس، هو تغييرُ واقعها؛ لأَنَّ واقعَها أصبح عاملاً مهماً وأساسياً في ملازمة هذه الأحداث، وأن تكون الأُمَّـة بيئةً لها، المخاضات التأريخية والأحداث الكبرى هي في سُنة الله الكونية تكون دائماً حُبلى، حُبلى بتغييرات كبرى في واقع البشرية، حُبلى بولادة أمم وسقوط أمم، حُبلى بنهضة أقوام وسقوط أقوام. كُــلُّ هذا يتم ضمن أحداث، ضمن صراعات ضمن مشاكلَ، أية أُمَّـة، كُــلّ الأمم، أية أُمَّـة تأتي لتدرُسَ نشأتها وكيف ابتنت وتحوّلت إلى أُمَّـة عظيمة، نشأت في ظل صراع، في ظل أحداث، في ظل واقعٍ ساخن، ما هناك من أُمَّـة نشأت وأصبحت أُمَّـةً عظيمة وكبيرة، لم تمر بتحديات ولم تمر بأخطار ولم تمر بمراحلَ عاصفةٍ وأحداثٍ ساخنة نهائياً، هذا لا يوجد. التحدياتُ تشكل فرصةً مهمةً وحافزاً مهماً جداً للبناء وللتغير ولتصحيح الوضع؛ ولذلك نجدُ أن اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قال عن أنبيائه، وهم أنبياؤه، بكل مكانتهم، بكل مقامهم لديه، بكل ما يوليهم من رعايته ومحبته ورحمته: (وَكَذَلكِ جَعَلْنَا لكُلِّ نبَيِّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) لماذا يا اللهُ تفعلُ هذا بأنبيائك؟! أنبياؤك!
تجعل لكل نبي عدواً؟!، يعاديه؟! يتحَـرّك ضده، يتصدى لرسالته، يتحَـرّك بكل ما يستطيع بالدعايات بالتكذيب بالافتراءات بالتشويه! في كثير من الحالات عسكريّاً وأمنياً واقتصادياً، وعلى نحو ساخن جداً؟ ألا ترحم أنبياءَك يا الله! هو يقولُ: (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا).
لم يكُنْ واقعُ الأنبياء وهم أنبياء يُقدمون للبشرية الخيرَ كله الهدى الرحمة القيم الفُضلى المبادئ العظيمة البناءة التعليمات التي تُصلح البشرية وتُصلح واقعها، لم يكن واقعهم مستقراً وهادئاً، لا يلقى مشكلة ولا يواجه مشاغبة ولا يعترضه أحد، ولا يسيء إليه أحد، ولا يعاني ولا يضحّي ولا يتعب، ولا يتحمّلُ أعباءَ المسئولية لم يكن واقعُهم على هذا النحو، بل واقع صراع ومواجهة وتحديات وأخطار ومشاكل. لكن كُــلّ هذا الجانب له إيجابية كبيرة في عملية البناء، الأُمَّـة تنهض وتنمو وتقوى، الأحداث والتحديات والأخطار والأوجاع والآلام تشكّــلّ حافزاً ودافعاً للبناء، تتجه الأُمَّـة المستهدفة المُعانية المُضحية، التي تُحس بالأخطار بفطرتها، إلى بناء واقعها حتى تكونَ أُمَّـةً قويةً، أُمَّـةً بمستوى مواجهة التحدي الذي يضغط عليها بأوجاعه وآلامه وأخطاره، فيحفزها للتحَـرّك الجاد، وهكذا ندرك إيجابية الأحداث وأهميتها، وأنها تشكل الفرصة الحقيقية للأُمَّـة لتغيير واقعها ولتصحيح وضعيتها وبناء نفسها؛ ولذلك فإن على الأُمَّـة أن تتحَـرّكَ بحركة الشهيد القائد وأن تحوّلَ التحدياتِ إلى فرص، وأن تقدمَ التضحياتِ في سبيل حريتها وعزتها ونهضتها وكرامتها واستقلالها.
وفوق هذا كله ليسلَمَ لها دينُها، وتنجوَ من الخزي في الدنيا وعذابِ جهنمَ في الآخرة. أَو فلتنتظرْ أن تُسحَقَ على أيدي أعدائها وتُذَلَّ وتهانَ وتخسَرَ دُنياها وآخرتَها.