منطقُ النفاق .. بقلم/ يحيى المحطوري
في المرحلة التي تتعاظَمُ فيها أهوالُ الصراع.. ويزدادُ تكالُبُ الأعداء.. ويصل فيها المؤمنون إلى الزلزلة الشديدة.. وتزيغ أبصارهم وتصل قلوبهم الحناجر.. وتتقاذفُهم الظنون والأوهامُ إلى سوء الظن بالله..
كما قال اللهُ سبحانه:
إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا۠
هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا۟ زِلْزَالًا شَدِيدًا..
تبرز من المنافقين فئات..
فمنهم من ينطلق إلى الإرجاف والتشكيك بوعد الله وينسب العجز والضعف إلى الله.. ويصف المؤمنين بالمغرورين المخدوعين كما قال الله..
وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا..
وفئة منهم تدعو إلى التراجع.. وتصطنع المبررات والأعذار للهروب والفرار.. وتترك النبي وحيدا في مواجهة الكفار..
وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا..
وهم أبعد الناس عن الثبات..
ومع أي تقدم بسيط للعدوّ يفتنون ويزيغون..
وينقضون عهود الله بكل يسر وسهولة..
ويولون الأدبار أملا في السلامة والنجاة
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا..
وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ، وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا..
وقد توعدهم اللهُ بقصف أعمارهم..
وأكّـد لهم أن فرارهم يقرّبُهم من الهلاك..
ولا يتمتعون بهروبهم إلا قليلاً..
وليس لهم من دون الله نصير ولا من عقابه مجير..
قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلً..
قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً، وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا..
نسأل الله أن يعصمَنا وإياكم من كُــلّ فتنة وزيغ..
وأن يصرِفَ عنا السوءَ..
وأن يدخلَنا في واسع رحمته ولطفه..
وأن يقبلَنا من أوليائه.. ويجعلَ لنا من لدنه سلطانا نصيرا..
ولا حول ولا قُــوَّة إلا بالله.. ولا نصرَ إلا منه.. إنَّه هو العليُّ العظيم..