الشهيدُ الشاهد (2) الخطوةُ الجريئةُ التي أقدم عليها الشهيدُ القائد وأغضبت المستكبرين .. بقلم/ أم مصطفى محمد
كان الشهيدُ القائدُ يدركُ بأن تلك السلطة كانت سلطةً ظالمةً تنفّــذُ أجندةً لأعداء الأُمَّـة الإسْلَامية هدفُها إركاعُ الشعوب وسلبُ إرادتهم ونهب خيراتهم؛ ولذلك نجدُه قد حذر أبناءَ الشعب اليمني من هذا الخطر وما سيترتب على ذلك من دمار وخزي وانتهاك للحرمات وللأعراض ونهب للثروات على أيدي أعداء الأُمَّـة إذَا لم يتنبه الشعبُ اليمني ويتحمل مسئوليته في الاستعداد لمواجهة هذه المؤامرة بكل الوسائل الممكنة؛ ولذلك اتخذ من الصرخة بدايةَ المشروع لتثقيفِ المجتمع وتهيئته ثقافياً للمواجهة فاطلقت من حنجرته صرخةُ الحق والعزة والكرامة صرخة [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسْلَام] ليعلن بذلك ولادة فجر جديد لا مكانَ فيه للذل ولا للهوان ولا للخوف والاستكانة والخنوع، يوم فتح فيه الشهيد القائد السيد حسين بابَ العزة والحرية والمواقف المشرفة التي ستعيد للأُمَّـة مجدَها وسيادتها وتخلصها من تحت أقدام أعدائها، وترفعها من المستنقع الذي قد انغمست فيه.
إن هذه الخطوةَ الجريئةَ والشجاعةَ التي أقدم عليها الشهيدُ القائدُ جعلت الظالمين يفتحون عليه أبوابَ جهنم على حَـدِّ تعبيرهم، ولم يدركوا أن هذه الأبوابَ لا تفتحُ إلا للشياطين أمثالهم، فقد كان من أسوأ ما ظُلِمَت به هذه المسيرة القُــرْآنية منذ انطلاقتها وبزوغ فجرها هو ما واجهته من حرب إعلامية لا تقلُّ شراسةً عن الحرب العسكريّة، حَيثُ أنشئت وسائل إعلامية جديدة إضافَةً إلى ما هو موجود من أجل تشويه هذه المسيرة القُــرْآنية من خلال الكذب والدجل والافتراء وقلب الحقائق وتقديم المعتدي الغاشم ضحية والضحية معتد ظالم، ثم العمل الجاد في التهميش والتقليل لما حقّقته المسيرة القُــرْآنية من مواقف مشرفة ومن انتصارات في كُــلّ المستويات، وكما هي عادة التكفيريين علماء البلاط فقد أفتوا بكفر الشهيد القائد ووجوب قتاله والوقوف إلى جانب السلطة الظالمة، وعليه بدأت رسائل التهديد والوعيد تتوالى على الشهيد القائد من جهة السلطة، وكلها كانت تتوعد السيد حسين بأنه لا بُـدَّ أن يتخلّى عن شعار [الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل] وإلا سيسلط عليه من لا يرحمه، وبالفعل أعلن الطواغيت زحفَهم على جبل مرّان وهناك ارتكبت السلطات اليمنية مجازر كبرى في الحرب الأولى فقتلوا الأطفال والنساء والرجال، وكأننا نسترجعُ أحداثَ كربلاء من خلال فريقين.. فريقٌ يدعو للحق وهم قلة في عددهم، وفريق يدعو للباطل وهم كثرة، ولعلنا ندركُ أن لا مقارنةَ بين الأشخاص ولا الأماكن ولا الزمان لكننا أردنا أن نستشعر أن كُــلّ أرض كربلاء وكل يوم عاشورا، فتلك الكثرة قد أعلنت عن مبادئها قديما بقطع المياه عن جيش الإمام الحسين عليه السلام ليموت وكل من معه عطشى، وحديثا بقطع الماء والزاد حتى على الأطفال الضعفاء، فقد منع الظالمون دخول حليب الأطفال إلى المنطقة لأَكْثَــر من 82 يوماً، وهذا أمر لا يُستغرَبُ فهذا هو مبدأُ الطغاة، وها هو صوت الجاهلية البغيض قديماً وحديثاً يصرخ، وبصوتٍ عالٍ: “اقتلوا الحسين وأهل بيته، وأصحابه، وأبيدوهم حتى الأطفال والنساء، وأحرقوا عليهم خيامهم وبيوتهم لتصهرهم رمضاء كربلاء ولتسحقهم صخور جبال مران، ولنشفي بهم صدورنا، ولنحصل على جائزة أميرنا الأموي وسيدنا الأمريكي والإسرائيلي”.
وها هم أصحابُ الحسين قديما وحديثا يستبسلون في مواجهة الباطل رغم قلة الإمْكَانيات، وكما شهد الإمام الحسين عليه السلام قتلَ أهله وأصحابه شهد كذلك الشهيدُ القائد السيد حسين، وكما رأى الإمام الحسين عليه السلام شبَحَ سعير الموت من ظمأ يخمد على الشفاه الذابلة ورأى جذوةَ الطفولة البريئة تغفو شاحبةً على وجنتين أتعبهما رهجُ الموت، كذلك رآه الشهيدُ القائد في من كانوا معه من أطفال، وكما أصاب الإمامَ الحسين عليه السلام سيفُ الغدر من أولئك الظالمين أصاب الشهيدَ القائد السيد حسين نفسُ السيف، حَيثُ وصل المجرمون إلى معقل الشهيد القائد بعدَ حرب دامت أَكْثَــرَ من ثمانين يوماً ورغم أنهم تمكّنوا من الوصول إلى مكان الشهيد القائد لتطلق عليه يد الإجرام رصاصة الغدر إلا أنهم لم يدركوا أن تلك الرصاصة قد أحيت الشعبَ اليمني، حَيثُ أَصبح فكرُ الشهيد القائد في كُــلِّ بيت وحديثَ كُــلّ الشرفاء.