سلامُ عليك في ذكرى استشهادك .. بقلم/ صالح مقبل فارع
السيد حسين بدرالدين؛ لأَنَّه مخلص لله قوي استطاع أن يكسبَ قلوبَ الملايين بلاش، بدون أن يغريهم أَو يدفع لهم قرشاً واحداً.
ولأن منطقه بليغ وحجته دامغه استطاع أن يبهر جميع العلماء وينقادوا له بسلاسة، حتى أساتذته عادوا عنده طلاباً، فوالده العلامة الكبير والمفسر العظيم بدرالدين الحوثي قال: لو عادني قوي لقرأت عند الولد حسين، وكذلك العلامة أحمد صلاح الهاشمي وغيرهما.
ولأن الله حبَّه وحب الله فقد حبّه الشعب اليمني.
لم يمت حسين، وإن غاب عنا جسده فقد بقيت كلماته ومحاضراته وملازمه لا زالت إلى اليوم يقرأها الناس، بل أصبحت منهاجاً للمسيرة ودستورا لمعظم الشعب اليمني يمشون عليها.
ولأنه على الحق لم يبالِ بالموت فقد كان شجاعا، بل أشجع الشجعان؛ لأَنَّ خصمه أمريكا، ولا يخاصم أمريكا إلا أشجع الشجعان، وكان يعلم بأن طريقه محفوفة بالمخاطر ولكن ضميره أبى أن يبقيه في البيت ويسكت، أرعب أمريكا بدون سلاح، بل بكلمات، كشف حقيقتها وعراها إمام العالم، أمريكا التي كانت تتغنى بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير لم تستطع أن تتحمل خمس كلمات منه، افتضحت، فشعاراتها التي ترفعها وحرية الرأي التي كانت تدعو لها كلها مزيفة وما كانت تقول ما تقول إلا زيفا وبهتانا وزورا وكذبا ودجلا وتضليلا.
سيدي الشهيد القائد:
– كان باستطاعتك أن تتغاضى عن الفاسدين وعن ظلم أمريكا وتجلس في بيتك، بين أهلك وأولادك، ولا تتعب نفسك وتجهدها.
– كان باستطاعتك أن تسكت مثل بقية العلماء الساكتين وتتحجج بأن الأُمَّـة لن تنقاد لك، وأن الوضع مأساوي والباطل في أقوى قوته ويملك أقوى الأسلحة وأفتكها، كما يملك المال والإعلام والثروة الاقتصادية، وأنت لا تملك شيئاً لمواجهته، فليس لديك أتباع ولا سلاح ولا مال، وتقول لنفسك: أنا فرد واحد، لا أستطيع أن أغير وضع كهذا.
– كان باستطاعتك أن تصمت وتتجاهل الوضع وتترك الجهاد وتنشغل بالإرشاد والوعظ فقط كما فعل ويفعل أمثالك من العلماء والدعاة.
– كان باستطاعتك أن تنام وتغفو، فأمة محمد نائمة أيضا.
لكنك أبيت ورفضت التقاعس والجلوس، وحملت لواء الجهاد وقارعت الطغيان وتكلمت وصرخت حين سكت الآخرون، وكأن نفسك لن ترتاح إلا باستشهادك.
أبيت إلا أن تمضيَ في الطريق الذي مضى فيها الحسين، وتسلك المسلك الذي سلكه زيد، والنهج الذي انتهجه النفس الزكية ويحيى بن زيد وغيرهم من العظماء الذين رفعوا راية الجهاد وقارعوا الظالمين والمستبدين وضحوا بأرواحهم رخيصة في سبيل نصرة المستضعفين ورد الحق للمحقين.
سيدي حسين.. كنا ضالين نعيش في ظلام بالرغم أن النور بيننا، وهو القرآن، ولكنه كان مجرد كلمات نتلفظ بها ونتلوها فقط، كان مجرد تشكيلات مداد، كلمات جامدة، لا نرى فيها الهداية ولا نفهمها.
كنا عطشى بالرغم من وجود الماء بيننا، كنا أُمَّـة غافلة عن دينها وهُدى ربها تابعة لليهود والنصارى، أُمَّـة نائمة في سبات أُمَّـة ضعيفة هزيلة تتحكم بها دول الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل، سيدي كنا وكنا وكنا..
فأتيت أنت وأيقظتنا من غفلتنا وسباتنا، وأخرجتنا من التيه الذي كنا فيه، وهديتنا إلى كتاب الله ونوره وهديه، ونفخت روحية القرآن فينا، وقومت اعوجاج الدين، وفتحت أعيننا وحركتنا بعد أن كنا جماد.
فأصبح القرآن لنا نهجا، وبسببه نزداد وعيا وهدى وبصيرة، وبالتمسك به عرفنا ربنا ومدى قوته فنصرناه واتكلنا عليه بعد أن لبّيناه، وعرفنا عدونا ونقاط ضعفه وهزمناه، بعد أن استصغرناه، فصرخنا في وجهه وحطمنا أسطورة أمريكا، وأصبحنا وحوشا ضارية نواجه 17 دولة ولا نخاف الموت أَو نخشى المنايا، فهي إما نصر أَو شهادة.
سيدي حسين:
دمك الزكي الذي فجرته وسال عبيطا صنع أُمَّـة ثائرة كالبركان الهائج الذي يُفني كُــلّ شيء وكالإعصار المدمر لا يقف أمامه شيء فحطم الباطل وترك الخنوع والذل والاستكانة.
دمك الزاكي أعاد الروح إلى أُمَّـة ماتت وكانت سيوفها في الأغماد.
سيدي نعاهدك بأن نحيي القيم التي استُشهِدت من أجل إحيائها، وسنمضي على دربك، ولن نترك خطك، وهيهات أن نترك خطك أَو نعود إلى سابق عهدنا، هيهات أن نعود إلى الخضوع والذل، بل سنبقى أحراراً رافعين علم الحرية وكلمات الحرية في وجه الطغاة والمتجبرين، سالكين مسلكك، بقيادة أخيك القائد العلم/ عبدالملك بدرالدين الحوثي، حفظه الله وعافاه، ورضي عنه وأرضاه، وسنربي أولادَنا وأحفادَنا على ما ربّيتنا عليه، على هذا النهج وهذه الطريق.
كم أنت عظيم يا سيدي يا ابنَ بدرالدين..
كم أنت عبقري وفيلسوف.
وكم أنتَ نوراني وقديس.
خسرناك ومصيبتنا فيك كبيرة.
سلامُ عليك في يوم استشهادك.
سلامُ عليك في ذكراك الـ15.
اذكرني عند ربك..