الوعي السياسي .. بقلم د/ عبدالملك عيسى
تستهلكُنا الكثيرُ من القضايا الفردية والأحداث الشخصية دون أن تكونَ لدينا الرؤيةُ الكاملةُ لمعالجتها، ويرجعُ السببُ في ذلك إلى المقاربات الشخصية نحو حَـلّ هذه القضايا، بينما بإمكان التكاتف والتعاضد أن يحلَّ كافة المشكلات القائم منها والمستقبلي، وهذا مبدأٌ علمي بسيط.
فعندما تستغرقُك التفاصيلُ تغيبُ عنك الرؤيةُ الشاملة، وعندها ترتكِب الأخطاء التكتيكية والاستراتيجية، هذا ما يحدث في أوطاننا العربية والإسْلَامية، حَيْــثُ يتم التعاملُ مع القضايا المركزية للأُمَّــة كفلسطين بعقلية فردية وحساب المصلحة العليا من منظور كُـلّ دولة على حدة، وهذا سببٌ في استخفاف العدوّ الصهيوني بأمتنا وزرع الفُرقة بين أوطاننا، فوفق مقاييس المصلحة السياسيّة لكل بلد على حدة تكمُنُ في التعاون وتشكيل التكتلات السياسيّة أمريكا تستمدُّ قوتَها من ٥٠ ولاية أمريكية وروسيا تستمد قوتها من الاتّحاد الروسي والاتّحاد الأوروبي يستمدُّ قوتَه من دوله.
أمَّا الحساباتُ الضيّقة لدول ما يسمى بالجامعة العربية فنراها ضعيفةً مهزومةً عقيمة؛ لأَنَّه لا يوجدُ مشروعٌ سياسيّ حقيقي يجمعُهم؛ بسبَبِ تقديم المصالح الشخصية للحكام على حساب المصلحة الوطنية للأُمَّــة.
قضية فلسطين شاهدٌ حيٌّ على فشل المشروع السياسيّ العربي في الحفاظ عليها؛ بسبَبِ قيام الأنْظمة العربية بنفاق النظامين الأمريكي والصهيوني؛ للحفاظ على عروشهم مقابل بيع القدس والجولان السوري ولم نشاهد أيَّ موقف حقيقي لرفض هذا الأمر سِوى البيانات الكلامية التي لا تُغنِي ولا تُسمِنُ من جوع.
قضيةُ فلسطين قضية عربية إسْلَامية دينية مركزية، لكن غيابَ الوعي السياسيّ السليم وقراءة الواقع بشكل خاطئ سمح للكيان الصهيوني بالسيطرة عليها؛ لأَنَّ بوصلة العداء بدلاً عن أن تتجه نحو الأمريكي والصهيوني وجّهناه نحو الجهة الخاطئة وهي محاربة حركات المقاومة في أوطاننا ونقاط قوتنا في أمتنا، فالسعوديّة والإمارات بدلاً عن مقاطعة إسرائيل الصهيونية تقومُ بتصنيف حركة حماس وحزب الله وأنصار الله كحركات إرهابية، والمفارقة الغريبة فأمريكا تصنّف السعوديّة كدولة إرهابية وسمّتها البقرة الحلوب ووعد ترامب بذبحها بعد انتهاء حلبها.
لذا من المهم عدمُ التركيز على تفاصيل الأحداث باستغراق شديد، بل نرفعُ أعناقَنا قليلاً للنظر بشكل شامل للأحداث حتى نحميَ مشروعنا السياسيّ الإسْلَامي وفي القلب منه فلسطين.