الكوليرا في موجتها الثالثة.. توقعاتٌ مخيفةٌ وتعاطٍ أمميٌّ باهت
موجةٌ جديدةٌ هي الثالثة من وباء الكوليرا تضرِبُ معظمَ المحافظات، سيما التي تفتقرُ إلى البنية التحتية أو التي خرجت عن الخدمة المراكز الصحية فيها بفعل الحصار والقصف الذي ينفّــذه العدوان منذ أربعة أعوام.
حيث تشهد محافظات صنعاء صعدة وتعز وريمة والمحويت وإب ارتفاعاً مخيفاً في عدد الضحايا المصابين بهذه الجائحة وسط تقاعس للمنظمات الدولية المعنية التي لم تقُم بدورها الإنساني على أكمل وجه، بينما استمرت صرخات الاستغاثة من الأهالي للمطالبة بوضع حَــدٍّ للجائحة التي زادت من الأعباء على المواطنين الذين كانوا سدًّا منيعاً خلف أبطال الجيش واللجان في رفض العدوان ومقارعته رغم كُــلّ الجرائم والأزمات.
وفي هذا الصدد، سلّطت صحيفةُ المسيرة الضوءَ على الموجة الثالثة من وباء الكوليرا الذي بات يشكل خطراً على حياة ملايين اليمنيين في ظل تردّي الوضع الصحي بفعل العدوان والحصار، فيما نستعرض جوانب الموضوع في التقرير التالي:
المسيرة: فاروق علي
عودة تفشي الكوليرا
لا يمكن فصلُ عودة الكوليرا عن الحالة العامة في البلد، إِذ أن ظروف العدوان والحصار وتبعات ذلك من استهداف للمنشآت الصحية وإخراجها عن الخدمة وتعطيل وظيفتها من خلال قطع المرتبات عن العاملين في المراكز الصحية والمستشفيات، إضَـافَـةً إلى استهداف المرافق الخدمية كخزنات المِيَــاه وعرقلة وتعطيل وظيفة الصرف الصحي والنظافة بشكل عام يمثل عاملاً هامًّا مع موسم الأمطار في عودة انتشار الوباء بشكل متسارع، حَيْــثُ أن كُــلّ تلك العوامل جعلت المواطن عرضةً للإصابة بالكوليرا؛ كَوْنه لا يحصل على الخدمات الأولية كالمِيَــاه من مصادرَ سليمة.
إحصائياتٌ مفزعة
المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري قال لصحيفة المسيرة: إن عدد الحالات المصابة بالوباء منذ بداية العام الحالي بلغت 142 ألفَ حالة منها 152 حالة وفاة حتى الآن بزيادة عن الفترة الزمنية من العام الماضي بنسبة 25%، حَيْــثُ أن الأطفال ما دون الخامسة كانوا الأكثر عرضة للإصابة بالوباء، بينما تقول الأرقام: إن الإحصائيات التراكمية تشير إلى أن عدد حالات الإصابة والاشتباه بلغت أكثرَ من مليون وخمسمائة ألف وَعدد الوفيات 3900 حالة منذ إبريل 2017م وحتى الآن.
المحافظاتُ التي تشهدُ تفشياً سريعاً للكوليرا
تشهدُ معظمُ المحافظات تزايدا مخيفا في عدد حالات الاشتباه بالكوليرا سيما مع بداية موسم الأمطار، حَيْــثُ تشير المعلومات إلى أن عدد حالات الوفاة في محافظة تعز تجاوزت 25 حالة بينما، كانت عدد حالات الاشتباه قرابة ستة آلاف حالة بحسب مكتب الصحة في تعز، أما في محافظة المحويت فقد بلغت الوفيات 18 حالة بينما حالات الاشتباه والإصابة المسجلة لدى مكتب الصحة 7105 حالات حتى تأريخ أمس الأول، بينهم 1552 طفلاً، كما يذكر أن معظم الإصابات في المحافظة بمديرية ملحان.
وفي محافظة ريمة تشير المعلومات الصادرة عن مركز الترصد الوبائي في المحافظة إلى أن إجمالي عدد حالات الإصابة والاشتباه بلغت 2414 حالة وعدد الوفيات 30 حالة.
أمانة العاصمة كان لها النصيب الأوفر، حَيْــثُ وصل الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا والإسهالات المائية إلى أكثر من 25 ألف حالة من بينها 28 حالة وفاة، فيما بلغت في الحديدة 18 ألف حالة كان عدد الوفيات 4 حالات.
ولم يكن الوضعُ في محافظة أب أفضل حالاً من بقية المحافظات، فقد بلغ عدد الحالات المشتبه بها أكثر من 15 ألفاً، منها 49 حالة وفاة، وتجاوز الرقم 13 ألف حالة في ذمار عدد الحالات التي ماتت 32 حالة، أما في عمران فقدت اقترب عدد الحالات 15 ألف حالة الوفيات 25 حالة.
هذه الكارثة تنسحب على بقية المحافظات كصعدة وحجة، حَيْــثُ تتسارع وتيرة الوباء بشكل كبير بحيث تسجل عشرات الحالات بشكل يومي.
العدوانُ يستخدمُ الأوبئةَ في حربه على اليمنيين.. عاملٌ آخر يخصب بيئة الوباء
لأَن العدوانَ لم يحقّــق أهدافه التي راهن عليها وأمل تحقيقها في وقت قياسي وبات عامل الوقت محرجا ومكلفا له تتزايد الاتهامات بأن تحالف العدوان يشن حرباً بيولوجية على اليمنيين بهدف إخضاعهم، فالشواهد كثيرة خلال أربعة أعوام من عمر العدوان من جرائمه التي لم تتوقف، حَيْــثُ أن المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور يوسف الحاضري ذكر في تصريحه لصحيفة المسيرة، أنه لا يستعبد لجوء دول العدوان لهذه الأسلحة بعد حالة اليأس التي وصل إليها.
حَيْــثُ قال إن التأريخ مزدحم بمثل هذه الشواهد، مشيراً إلى أن بعض الدول في الحرب العالمية استخدمت الحرب البيولوجية”، مُضيفاً: إن هذه الاتهامات لا تطلق جزافاً، بل إن الزمن كفيلٌ بفضحها فهي تستند على حقائقَ ومعلومات جمعت خلال فترة العدوان، وما عودة الأمراض والأوبئة التي انقرضت كالدفتيريا والحصبة والحصبة الألمانية وحمى الضنك وانفلونزا الخنازير، إضَـافَـة الكوليرا وغيرها لا يمكن أن تخرج عن سياق العدوان على اليمن سواء بطريقة مباشرة من خلال نشر الأوبئة واستهداف المنشآت الصحية أو بشكل غير مباشر من خلال تبعات الحصار ومنع وصول الأدوية واللقاحات والمعدات الطبية”.
وفي محطات كثيرة ألمحت دولُ العدوان إلى تعمدها استخدام الكوليرا ورقة في الحرب على اليمن، وقبل أسبوع مع تصاعد الموجة الجديدة للكوليرا نقلت قناة العربية السعودية عن ما يسمى وزارة الصحة بحكومة المرتزقة قولها إن الكوليرا والأوبئة الأخرى لن تنتهيَ إلّا بانتهاء ما وصفته بالانقلاب، في إشارة واضحة على استخدام ورقة الكوليرا في العدوان على اليمن خصوصاً أن المناطق الواقعة تحت سيطرة العدوان تشهد تفشياً للوباء الذي لا يقتصر على مناطق حكومة الإنقاذ الوطني.
الموجة الثالثة للكوليرا قد تكون أشدَّ فتكاً
تدخل الموجة الثالثة من وباء الكوليرا مع مطلع العام الحالي 2019م، بحيث يتوقع أن تكون أشد فتكاً من الموجة الأولى التي بدأت في 27 من شهر إبريل 2017م، والموجة الثانية في شهر أغسطس من العام 2018م، التحذيرات من الموجة الثالثة صدرت عن وزارة الصحة باعتبار أن مستوى الخدمات الصحية تردّى بشكل غير مسبوق، كما أن البيئة أضحت أكثر ملائمة لتفشي الوباء وانتشاره بشكل أسرع من ذي قبل.
دورُ وزارة الصحة والمنظمات الدولية
عملاً بالمسؤولية الملقاة على عاتق وزارة الصحة، يؤكّــد المعنيون في الوزارة بأنهم تعملون بكل طاقتها وإمكاناتهم، حَيْــثُ افتتحت الوزارة عدداً كبيراً من مراكز استقبال الحالات المصابة بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية في كُــلّ المحافظات بحكم أنها تختص بمعالجة النتائج بالتعاون، كما أنها تنفّــذ حمالات توعية للمواطنين، كما أن الصحة العالمية وَاليونسيف تقومان بدور كبير في تقديم الأدوية والمساعدات الطبية أو الإصحاح البيئي إلّا إنه غير كافٍ سيما مع تفاقم الأزمات في البلاد.
كما أن الوزارة لديها غرفة عمليات للاستقبال شكاوى المواطنين على الرقم 25088 ولديها غرفة للطوارئ الخَاصَّــة بحالات الكوليرا على الرقم 195 وتؤكّــد بأنها ستتخذ إجراءات ضد أي مستشفى أو مركز صحي لم يستقبل حالات الكوليرا حتى وإنْ كان يتبع القطاع الخاص؛ باعتبار أن هذه المرافق الصحية تودي دوراً إنسانياً قبل أن يكون تجارياً.