الشهيد الشاهد (3) الشهيدُ القائدُ وإيصالُ رسالة الصلاح الأبدي للإنسان .. بقلم/ أم مصطفى محمد
من المعلوم أن هناك سُنَناً إلهيةً لا تتبدّلُ وقوانين كونية لا تتغيّرُ إذَا عرفتها أُمَّـة وسعت من خلالها نحو الاستقلال والتقدم لن تستطيع أية قُـــوَّة خارجية على وجه الأرض من فرض إرادتها عليها أَو الحيلولة دون تقدمها.
وهذه السُّنَنُ قد جاءت بها الرسالةُ الإلهيةُ الصحيحة والمتمثلة في الدين الإسْلَامي فرسمت للإنْسَان أساليبَ رساليةً لمقاومة التخلف، فالمسؤول عن تخلف المسلمين هي الأفكار السلبية الباطلة التي تسلّلت إلى ذهنية المسلمين وترعرعت فيها وأَصبحت قيما مقدسة ومناهج للتفكير المنحرف، وقلة من الناس من تنبه لهذا الأمر وكان ممن تنبه لخطر هذا الأمر الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله تعالى عليه فبيّن أن مشكلةَ المسلمين اليوم أنهم نسَوا جانباً من هذه السنن والقوانين التي ذكّر بها اللهُ سبحانه في كتابه الحكيم والتي طبّقها السابقون من المسلمين في حياتهم؛ لذلك كانت نتيجة هذا النسيان أن تلك الأنظمةَ أحاطت بهم وأتاحت الفرصةَ للقوى المعادية الخارجية ولعوامل التخلف الداخلية أن تحيط بهم، فبيّن رضوان الله تعالى عليه أن الحلَّ هو فهمُ هذه السنن والقوانين من جديد، ووعي ما أنزل الله سبحانه في الكتاب من تذكرة بها، فحينها سوف تندفعُ الأُمَّـة إلى تطبيقها؛ كَــوْنها ستجدُ فيها خشبةَ النجاة في زحمة الأمواج العاتية التي كادت تقضي عليها.
لقد سعى الشهيدُ القائدُ السيّدُ حسين بدر الدين الحوثي خلال مسيرة حياته المباركة أن يعيدَنا إلى تلك السنن التي تكفَلَ لنا الحياةَ الهانئةَ؛ كَــوْن تلك السنن هي التي أرشدنا إليها الرسولُ الأعظمُ صلى اللهُ عليه وآله وسلم من خلال رسالته السماوية؛ لذلك نجدُ أن الشهيدَ القائدَ وجّهنا إلى العودة إلى القُــرْآن الكريم وربط حياتنا به، فبيّن لنا من خلال ما قدّمه من محاضرات كانت عصارةَ فكره النقي المستمدّ من الفكر المحمدي الأصيل أن القُــرْآنَ الكريم يهدفُ إلى توفير البصائر والهدى للإنْسَان ورفع الحجب التي تفصل بين الإنْسَان وبين الرؤية الصحيحة للحياة، وبالتالي يهدف القُــرْآن إلى إيقاظ العقل البشري من سباته وتكريس قيمه ومقاييسه في حياة الفرد والمجتمع، وفضح المقاييس الزائفة التي قد تخدع الإنْسَان وتظهر له الفساد بمظهر الصلاح، وإعطاء الإنْسَان دفعات من الإرادة الشجاعة لمحاربة الانحراف.
إن المطالعَ لما كتبه وألقاه الشهيد القائد يدرك أن الشهيد القائد قد حرص على إيصال رسالة فيها الصلاح الأبدي للإنْسَان وذلك من خلال اتّخاذه لمنهج إثارة العقل وإعماله فيما يدور حولنا، فعقل الإنْسَان عندما يخلد إلى سبات عميق تتكاثف على قلبه حُجُبُ الشهوات وعُقَدُ التخلف حينئذ تنطفئ فيه شعلةُ التفكير ولا تبقى أمامه فرصةُ التعرف على الحقيقة إلا بالتوسُّل بهدى السماء، وهذا ما وجّه به الشهيد القائد، حَيثُ أشار إلى أن الإنْسَانَ إذَا تعطّل عقلَه واتبع شهواتِه واعتمد التخلفَ وترك التفكير وتعقد نفسياً؛ نتيجة القيم الزائفة فإنَّ خَلاصَه الوحيدَ هو الإقلاعُ كلياً عن الأرض إلى السماء بالتماسِ هدى الله المتمثل في كتابه العزيز الذي لا ريب فيه؛ كَــوْنه هدى للمتقين، فبيّن رضوانُ الله تعالى عليه أن العودةَ إلى هدى القُــرْآن هو الوسيلةُ الوحيدة للخلاص من الوضع الذي يعيشُه هذا الإنْسَان وخُصُوصاً إذَا كان يخضَعُ لسلطة ظالمة منعته من الالتحاق بركب التقدم، وحجبت بصيرته عن رؤية واقعه، وغلت عقله بأغلال التعصب والجهل والتردّد.
لقد أدرك الشهيدُ القائدُ رضوانُ الله تعالى عليه أن مجتمعَنا وريثُ جبال التخلف والبُعد عن الله؛ كَــوْنه قد تشبع بأفكار ضالة بثتها أذنابُ قوى الاستكبار والصهاينة والتي كانت تتمتع بسلطة كبيرة في بلادنا، فحرص الشهيدُ القائد على تأسيس حركة مناهضة لتلك القوى الظالمة وجعل أساسها العودة إلى هدى القُــرْآن والنظر إليه من خلال أوضاعنا ومشاكلنا الراهنة لا من خلال رواسب الماضي وأوضاع الماضي ومشاكل الماضي، فبيّن رضوانُ الله تعالى عليه أن علينا أن نُحكِّمَ القُــرْآنَ في كُــلّ خياراتنا اليومية التي تُفرض علينا عندما نحتكُّ بالحضارة لكي لا نرفضَ أَو نقبلَ عبثاً ومن دون مقياس ثابت؛ كَــوْنَ العبثية تجعلنا قد نرفض شيئاً صالحاً ونقبل شيئاً ضارًّا وقد نرفضُ اليوم شيئاً نقبله غداً؛ لذلك كان لا بُـدَّ من وجود مقياس ليجعلنا نفرق بين الصالح والطالح والحق والباطل وأيُّ مقياس أدقُّ من القُــرْآن الكريم.