الصمودُ اليمني.. ملحمةٌ تدعو للدهشة .. بقلم/ علي الزهري
شعرتُ بسعادة غامرة حين شاهدتُ علاماتِ الإعجاب ظاهرةً على وجه أحد أصدقائي العرب خلال حديثنا عن اليمن وأهله وكيفية سير الحياة اليومية فيه، في ظلّ استمرار وطول فترة العدوان عليه بمساراته المتعددة العسكريّة والسياسيّة والاقتصادية والإعلامية وغيرها.
فصديقي يعلمُ حجمَ الهجمة الكبيرة على اليمن، ويعرِفُ بالمعاناة التي خلّفها العدوانُ بقصفه وحصاره وخبثه وإجرامه، لكنه في المقابل يشاهدُ صموداً شعبيًّا كبيراً وإرادةً صلبةً لم تليِّنْها صواريخُ وقنابل المعتدين التي تجاوزت النصف مليون ويزيد.
كان صديقي يستمعُ إليَّ بكثير من الدهشة وأنا أحدثه عن بعضٍ من عظمة الإنْسَان اليمني، فعلى سبيل المثال لا الحصر حدثته عن تحدّي الشعب لأعداء الحياة من خلال الاستمرار في إقامة الأعراس في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وللتغلب عليه والتكيف معه نشاهدُ المجتمعَ يبادر لإقامة الأعراس الجماعية سواء على مستوى العائلة من خلال تزويج عدد من شبابها، أخوه وأبناء أعمامه وخال وأنساب وغيره، أَو على مستوى شباب الحي الواحد على أن تتوزعَ تكاليفُ حفل الزفاف من صالة العرس والصوتيات والفِرَق الفنية: نشّادين ومطربين وضاربي طاسة البرع والإضاءة والضيافة وغيرها على الجميع.. بدلاً عن أن يتزوَّجَ كُــــلُّ واحد لمفرده ويتحملُ كُــــلَّ التكاليف لوحده.
مثالٌ آخر وصورةٌ أُخْــرَى من صور التكافل المجتمعي برعاية رسمية ما تقومُ به الهيئةُ العامةُ الزكاة من مشاريعَ، فقد قامت مؤخّراً بتنفيذ عدد من الأنشطة، فتبنَّت تزويجَ وإقامةَ أعراس جماعية لعددٍ كبيرٍ من أبناء الشهداء في عدة محافظات، إلى جانب تزويجِ عدد من المكفوفين، وإطلاقِ عدد من المعسرين من السجون بعد دفع المبالغ التي عليهم إلى جانب توزيع الزكوات النقدية والعينية لمستحقيها، في مشهدٍ آخر أيضاً ومِن أجل تعزيز عوامل الصمود لدى الشعب، فقد انطلقت مجموعةُ مبادرات في مناطقَ يمنية تمثلت في اقتلاع شجرة القات واستبدالها بزراعة أشجار البن واللوز وغيرها من المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى التوسّع في زراعة الحبوب، كالقمح والشعير والذرة.
هذا التحَــرّكُ المجتمعي في مختلف المجالات والأصعدة ناتجٌ عن إدراك شعبي لخطورة المعركة وصَلَف المعتدي؛ ولأن خيارَ الاستسلام ليس وارداً في حسابات الشعب اليمني العزيز الحر فقد سارع ويسارعُ إلى تعزيز عوامل صموده وفق المتاح والممكن، مستنداً لكثير من القِيَم ورصيد كبير من القوّة البشرية الهائلة.
كان حديثُنا طويلاً وكنتُ سعيداً وأنا أتحدَّثُ بفخرٍ عن أهلي وناسي، وكان صديقي فخوراً باليمن وأهله.