كم ستدفع السعوديّة مقابل فيتو ترامب؟ بقلم/ طالب الحسني
إدارةُ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلوِّحُ للسعوديّة والإمارات بورقة جديدة حصلت عليها على طبقٍ من ذهب بعد تصويت البرلمان بغالبية ساحقة لصالح مشروع إنهاء المساعدات الأمريكية المقدمة لصالح الحرب العدوانية على اليمن.
إننا أمام كلمة ستجلبُ ملياراتِ الدولارات لهذه الإدارة التي تستخدمُ الابتزازَ بطريقة فجة وفي كل المناسبات وحتى بدون مناسبات، فقط سيغرّد ترامب بكلمة ”فيتو” ضد ”الكونجرس″؛ للحصول على ورقة بيضاء مفتوحة من التحالف الذي تقوده السعوديّة مقابل الاستمرار بدعم العدوان على اليمن، بدون تفويض من المشرِّعين الأمريكيين، وبالمناسبة فإن المساندةَ العسكريّةَ واللوجستية الأمريكية للسعوديّة والإماراتية في الحرب على اليمن تجري منذ 2015 أي قبل 4 أعوام بدون تفويض الكونجرس الأمريكي.
إنه تخادُمٌ أمريكي في أقل أحواله بدون تنسيقٍ وترتيب مسبق ويستفيد منه ترامب غير المكترث بكل تداعيات هذه الحرب على الجانب الإنساني والأَخْــلَاقي من جهة وسمعة السعوديّة والإمارات وسمعتهما من جهة ثانية ووسط عجز في وضع سيناريو للخروج من الحرب بأقل الخسائر.
دعونا نقُــلْ: إن هذا التصويتَ يخدُمُ طرفاً آخر وعلى حساب السعوديّة أيضاً، وهذا الطرفُ هم أنصار الله وحلفاؤهم الذين يطلقون على هذه الحرب من أول غارة، بالعدوان السعوديّ الأمريكي، وبالتالي فإن مواجهتَه تمنحُهم مشروعيةً وطنيةً ودينيةً وأَخْــلَاقية وتقلدهم وسام البطولة؛ باعتبارهم يدافعون عن اليمن ضد مشروع غزو تشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن كان البعض يعمل وبكل الوسائل لإسقاط هذه المشروعية وتلبيس التحالف صفة ”المنقذ العربي” ”والفزعة” الخليجية لإعادة ما تسمى ”الشرعية” وإنهاء ”الانقلاب” المزعوم.
لقد باتت السعوديّة والإمارات أمام عجزٍ وشللٍ كاملٍ في تسويق الشعارات التي تم إقحامُها زوراً؛ لتمرير فكرة التدخل العسكريّ السعوديّ، فمُجَــرّد وجود الولايات المتحدة الأمريكية في هذه العمليات ودفاع ترامب وإدارته المستميتة عنها يستدعي من الجميع التوقفَ والبحثَ عن الوطني من غيره، والشرعي من غيره، فضلاً عن عدم مشروعية التدخل العسكريّ بوجود واشنطن أَو بدون وجودها، فحساسية الشعوب العربية ومنها الشعب اليمني تجاه الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال حيةً وطريةً، فذاكرةُ الشعوب ليست مثقوبة.