الطفولة في اليمن.. بين صواريخ العدوان والتواطؤ الدولي .. بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
كعادتِها دولَ العدوان حين تُمْنَــى بأقسى الهزائم على الصعيد العسكري، تسارعُ لتصُبَّ جامَ غضبها على المدنيين الأبرياء، لتعبِّرَ بذلك عن مدى إجرامها وتوحشها وانتهاكها لجميع الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية والديانات السماوية والوضعية، التي تحرِّمُ في مجملها استهدافَ المدنيين والأبرياء، وتجرِّمُ استهدافَ الطفولة على وجه الخصوص، غير أن هذه الحربَ التي تشنها دولُ العدوان على الشعب اليمني، لا أخلاقَ فيها ولا مبادئَ ولا شرف؛ كَــوْنها تعكسُ صورةَ مجرميها، وحقيقةَ صانعيها، وطبيعةَ منفذيها، تلك الطبيعةُ الإجرامية الوحشية الإبليسية الخبيثة، التي لا تتورّعُ عن سفك الدماء، وإزهاق النفوس البريئة المعصومة؛ لتؤكّــد بذلك طبيعةَ حربها العدوانية العبثية، التي سقطت عنها كُــلّ المزاعم والمبرّرات والأعذار، التي طالما تعللوا بها وبرّروا عدوانهم وفقاً لها.
مما لا شك فيه أن العدوان على اليمن باطلٌ ولا مسوغَ له من أساسه، إضافةً إلى ذلك فإن استهدافَه للمدنيين الأبرياء والتجمعات السكنية والطرقات والأسواق والمستشفيات وغيرها، أدلةٌ دامغة وحجج قاطعة تدل على عبثيته وإجرامه، وتُسقِطُ كافة مزاعمه، وتكشف الوجهَ الحقيقي الإجرامي، الذي طالما حاولت دولَ العدوان ومن ورائها عصابة الأمم المتحدة إخفاءَه وتجميلَ تشوهاته، والترويج له اعلامياً بأن حربه على اليمن هي من أجل استعادة الشرعية لا غير.
لم تكن جريمةُ استهداف أطفال ضحيان هي الأولى، ولن تكونَ جريمةُ استهداف طالبات مدرسة الراعي هي الأخيرة، ما دام المجتمع الدولي مرهوناً بإدارة ترامب، وما دام ترامب وبقية الدول الاستعمارية رهينةَ البراجماتية النفعية، وما دامت المصالح والثروات والبترودولار هي سيّدةَ الموقف، وهنا تتضحُ حقيقةُ الموقف الدولي وتسقط شعاراته ومزاعمه وتسقط مبادئه وأدبياته، التي يدّعي من خلالها أنه يحمي حقوق الإنْسَان، ويرعى الحقوق والحريات، ويناضل لأجل حقوق الطفل ورعاية الطفولة، التي تمثل مستقبلَ البشرية على هذه الأرض.
إن استهدافَ الطفولة في اليمن من قبل تحالف قوى العدوان الصهيوسعوأمريكي، يعني محاولاتِ قوى العدوان اغتيالَ وتصفيةَ مستقبل اليمن الواعد، في حرب أقل ما يقال عنها أنها حربُ تصفية وتطهير عرقي، وحرب إبادة جماعية بحق شعب بأكمله، وذلك يعكسُ حقيقةَ المشروع الصهيوني، الذي يسعى الكيانُ الصهيوني لتطبيقه في المنطقة بمساعدة الإدارة الأمريكية الاستعمارية والإدارة البريطانية الماسونية وأموال النفط السعودي، حيث يسعى جميعُهم لتنفيذ المشروع الصهيوني في المنطقة العربية، وإقامة علاقات تطبيع علنية بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية الموالية لأمريكا، مثل السعودية ودول الخليج وغيرهم.
يمكن القولُ: إن استهداف الطفولة في اليمن من قبل تحالف العدوان، هو جريمة حرب متكاملة الأركان، واضحة المعالم، وَتعكسُ مدى السقوط والهزيمة والتخبط والإفلاس والعجز، الذي وصلت إليه قوى العدوان، بعد أن فشلت فشلاً ذريعاً مخزياً على مدى أربع سنوات، عن تحقيق أدنى تقدم ميداني على الصعيد العسكري، رغم الترسانة العسكرية الهائلة ورغم التواطؤ الدولي، والصمت والحياد، ورغم الأموال الطائلة التي ينفقونها لشراء السلاح المتطور وشراء الذمم والمواقف الدولية، وشراء المرتزقة والعملاء وشُذَّاذ الآفاق، ليشُنَّ أكبرَ وأقسى وأقذر عدوان شهدته البشرية عبر تاريخها، ضد شعبٍ أعزلَ مسالمٍ.
تحاولُ قوى العدوان ومَن يقف معها من خلال استهداف الطفولة في اليمن – طلاب ضحيان وطالبات مدرسة الراعي وغيرهما – كسرَ صمود الشعب اليمني والنيل منه وتخويفَه وإرهابه، وثنيَ الشعب اليمني عن مساره وطريقه الجهادي التحرّري الذي انتهجه، ومحاولة لتبديد مخاوف الكيان الصهيوني من الأجيال القادمة، التي نشأت في ظل حرب ظالمة وإبادات جماعية بحق شعوبهم، الأمر الذي يجعلُ تلك الأجيالَ -التي انتهجت التحرّر وآمنت بمقاومة الاستكبار- مصدرَ قلق وتهديد حقيقي للمشروع الصهيوني الاستعماري، لكن محاولاتهم كلها فشلت، ومشايعهم سقطت وقواتهم هُزمت شرَّ هزيمة، وستكونُ دماءُ الأطفال هي الطوفانَ الذي سيجرفُهم ويحقّــقُ زوالَهم، وهم إلى زوال بعون الله.