الجيش السوداني ينقلب على البشير ويستحوذُ على السلطة والمحتجون يطالبون بسقوط العسكر
المسيرة| متابعات
انقلب الجيشُ السودانيُّ على رئيس بلاده عمر البشير، أمس الأول الخميس، بعد أن واجَهَ مظاهراتٍ معارِضةً انطلقت في ديسمبر مطالِبةً بعزله وتسليم السلطة، إذ دفع ضغط الشارع لعدةِ أشهر القُـــوَّاتِ المسلحة إلى إعلان الانقلاب على نظام البشير واحتجازه، فيما وقف حلفاؤه مثل دولتَي العدوان السعودية والإمارات متفرجين ينتظرون سقوطَه دون أن يقدموا له أي عونٍ اقتصاديّ أَو سياسيّ للخروج من الأزمات في صورة واضحة لنهاية العملاء وبائعي الأوطان لدول أخرى، حيث لم يسعفْه أن باع الآلافَ من جنوده إلى دول العدوان والزج بهم في حرب العدوان على اليمن بأن يشفعَ له حتى أن يستقبل كلاجئ سياسي.
وأعلن الجيشُ السوداني تعيينَ وزير الدفاع الفريق عوض بن عوف رئيساً لمجلس عسكري انتقالي يدير البلاد لمدة عامين، داعياً إلى حوار سياسي مع الأحزاب السياسية خلال الفترة الانتقالية، فارِضاً حظرَ التجوال لمدة ثلاثة أشهر مع إعلان حالة الطوارئ في البلاد.
وبرغم حظر التجوال الذي فرضه الجيشُ السوداني الخميس تجمّع المحتجون في ساحة اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للقُـــوَّات المسلحة؛ تلبية لدعوة تجمع المهنيين السودانيين لكسر الحظر، رافضين تولّي العسكر حكم البلاد.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين، إلى مواصلةِ الاحتجاجات والبقاء في شوارع وميادين العاصمة والولايات ومواصلة الاعتصام أمام القيادة متمسكين بسلمية الاحتجاج.
وفي بيان نشر في “فيسبوك”، دعا التجمع إلى “خرق حظر التجول لكسر شوكة النظام”، مؤكداً أن “الثورة مستمرة” حتى إكمال الطريق المختار.
وأضاف: “لن نتراجعَ شبراً حتى إسقاط النظام كاملاً، وتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية”، مطالباً العسكريين بالانحياز الكامل لخيار الشعب وعدم الانصياع لأوامر “طُغمة الانقلاب الفاشل”.
وفشل البشيرُ في الهروب من البلاد إلى إحدى الدول الخليجية؛ بسَببِ رفضها استقباله، وكانت صحيفةُ “الراكوبة” السودانية أفادت بأن الرئيسَ السوداني المعزول عمر البشير، قد حاول، ليل الأربعاء الفائت، الهرب إلى دولة خليجية منحته فرصةَ اللجوء إليها، مضيفةً أن تلك الدولةَ قامت لاحقاً بسحب دعوتها ورفضت استضافته؛ لذلك لم يجد أمامه شيئاً سوى البقاء.
ورأى مراقبون سياسيون أن تراخيَ دولة العدوان السعودي عن الوقوف إلى جانب حليفتها الحكومة السودانية في معالجة الأزمات الحالية التي تعصفُ بالبلاد يعتبر إنكاراً للجميل وعدم وفاء لحكومة قدّمت تضحيات لصالح الرياض وهي أكثر حتى مما كان السعوديون يتوقعون، إذ قطعت الخرطوم العلاقات مع إيران وتخندقت إلى جانب الرياض وبشكل غير مبرّر مارست الهجوم علناً على إيران بكلام تعرف أنه غيرُ صحيح وصولاً إلى أبعد نقطة يمكنُ تصوُّرُها، وهي الزجُّ بآلاف الجنود السودانيين في العدوان على اليمن خدمةً للسعودية.
وبحسب الخبراء، فإن السعودية لا تعبأ بمن يتولّى السلطة في السودان، البشيرُ وغيره عندها سواء، وهذا لم يكن البشير يتوقعُه مطلقاً، بل انتظر منها على الأقل دعماً سياسياً وتأييداً لحكمه طالما أنها قبضت يدَها وأحجمت عن حل المشكلة الاقتصادية.
وتوالت ردودُ الأفعال الدولية عقب انقلاب الجيش على البشير، فقد امتنعت الأمم المتحدة عن إدانة الانقلاب العسكري، وطالب الأمين العام، انطونيو غوتيريش، بعملية انتقالية تلبي التطلعات الديموقراطية لشعب السودان وجدّد دعوتَه إلى الهدوء والتزام بضبط النفس.
هذا الموقفُ تطابق مع موقف الجانب الأوروبي الذي عبّرت عنه وزيرة خارجية الاتّحاد فيديريكا موغيريني، التي دعت كذلك إلى عملية سياسية موثوق بها وشاملة بإمكانها أن تلبِّيَ تطلعاتِ الشعب السوداني، كما أعلنت بريطانيا أن تشكيلَ مجلس عسكري انتقالي لا يلبي تطلعات الشعب للتغيير.
من جانبها أملت روسيا عودةَ الوضع بشكل سريع جداً إلى النظام الدستوري، ووصفت الأحداث بأنها “شأن داخلي للسودان”، يجب أن يعالجَه السودانيون بأنفسهم.
من جانبها، دعت طهران جميع الأطراف للحوار، معربةً عن أملها في عودة الهدوء للبلاد، وأكّــدت مصر دعمَها لخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبله.
واعتبر الاتّحادُ الأفريقي استيلاءَ العسكر على السلطة غيرَ مناسب للتحديات التي تواجه السودان، كذلك انتقد رئيسُ المفوضية الأفريقية، موسى فكي، الانقلابَ، وكشف أن مجلسَ السلم والأمن التابع للاتّحاد الأفريقي سيجتمعُ بسرعة لبحث الوضع واتخاذ القرارات المناسبة.
بدورها، طالبت منظمة العفو الدولية، السلطاتِ السودانية الجديدة بتسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه بتهم ارتكاب بعض من أبشع انتهاكات حقوق الإنْسَــان في عصرنا وتلاحق المحكمة البشير، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة وضد الإنْسَــانية في دارفور.
فيما غابت بياناتُ دول العدوان على اليمن مِن ضمنها دولتي العدوان والاحتلال السعودية والإمارات اللتين تعتبران من أَقرب حلفاء نظام البشير الذي قدّم الآلافَ من جنوده، ناهيك عن الأطفال الذي جنّدهم تحت راية العدوان لقتال الشعب اليمني.
وبدأت المظاهراتُ في السودان في 19 ديسمبر 2018؛ احتجاجاً على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، لكن سَرعانَ ما تحوّلت إلى احتجاجاتٍ ضد حكم البشير، وسط أزمة اقتصادية خانقة كانت نتيجة تطبيق خطة صندوق النقد الدولي فشهدت معدلات التضخم ارتفاعاً كبيراً.