باب المندب يكشف حقيقة العدوان
احمد داوود
تتكشف الحقائق من يوم إلى آخر حول أهداف العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا، فضراوة الهجمات وإطالة أمد العدوان ليس لها علاقة بإعادة شرعية هادي أو حكومة بحاح وإنما لها علاقة في خروج اليمن عن الوصاية الأمريكية الإسرائيلية السعودية وذلك بانتصار الشعب اليمني في ثورة 21 سبتمبر التي استطاعت إزاحة قوى الفساد والعمالة والارتهان للخارج.
ولو عدنا قليلاً بذاكرتنا إلى قبل 21 سبتمبر 2014 فسنرى أن الحاكم الفعلي لليمن ليس هادي وإنما السفير الأمريكي “فريستاين” وهو المسيطر على القرار السياسي اليمني لدى الرئيس أو الحكومة ولا يمكن تمرير أي قرار دون الموافقة من “فريستاين” السفير الأمريكي.
وخلال تلك السنوات كان السفير الأمريكي والسفير السعودي يتحركان كحكام فعليين لليمن وبشكل علني لخدمة مشاريعهم، فكانت قاعدة العند الجوية أهم المواقع في المنطقة قاعدة عسكرية للمارينز الأمريكي، كما حرص الأمريكان على أن تكون المواقع الاستراتيجية تحت سيطرتهم فعملوا على إنشاء رصيف عائم وكاسر الأمواج في منطقة خور عميرة، بمحافظة لحج الذي يبعد عن باب المندب 75 كيلو متراً، وهو عبارة عن شريط ساحلي خال من السكان، حيث أعلن فيلق مهندسي الجيش الأميركي بمنطقة الشرق الأوسط عن مناقصة لتنفيذ مشروع الرصيف في حينه، وأدخلت أمريكا أكثرَ من 500 جندي أمريكي من المارينز إلى “شيراتون”، بينما كان مطار صنعاء الدولي يستقبل بشكل شبه يومي طائرات عسكرية أمريكية ولا أحد يجرؤ من الموظفين على تفتيشها.
إذن كان الأمريكي والسعودي هما المسيطرين على القرار السياسي في اليمن والمتحكمين فيه بمساعدة قوى الفساد والعمالة والارتهان إلى أن جاءت ثورة 21 سبتمبر وغيّرت المعادلة، حيث أصبح الشعب اليمني هو صاحب القرار الفعلي في اليمن وليس سواه، وأصبح التحرك الأمريكي غيرَ مجدٍ، والقرار في البلد هو سيادي من الدرجة الأولى والطائرات الأمريكية كبقية طائرات العالم تخضع للتفتيش وفقاً للإجراءات المتبعة في أيٍّ من مطارات العالم.
الآن تتضح الصورة، فأمريكا وإسرائيل والسعودية جلبوا العدوان كمحاولة لإعادة مصالحهم التي فقدوها بسبب الثورة، والمعارك التي تدور حالياً في باب المندب هي بمشاركة إسرائيلية مباشرة وبإشراف أمريكي مباشر على هذه العملية، فالقيادة المشتركة للجيش واللجان الشعبية رصدت مشاركة إسرائيلية مباشرة في الهجوم البري والبحري والجوي باتجاه منطقة باب المندب وبإشراف أمريكي مباشر على هذه العملية.
وللتأكيد على أن ما يحدُثُ هو أمريكي إسرائيلي هو الذعر والقلق الإسرائيلي مما يدور في منطقة باب المندب، حيث ألقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بني غانتس محاضرة في معهد واشطن للسياسة، وطالب فيها بالابتعاد عن القلق بشأن توقيع الاتفاق النووي مع إيران، معتبراً أنه أنقذ إسرائيل من حرب، أي أنه لا ضرورة للدخول في حالة هستيريا.
وذهب الرجل إلى أبعد من ذلك حين أظهر أن الكيان الصهيوني أكثر ما يقلقه هذه الأيام هو باب المندب والطرق البحرية الأخرى، إذ أنها “أشد إقلاقاً من البرنامج النووي الإيراني” وأن إسرائيل بحاجة إلى أن تسأل نفسها عن ماهية الطريقة الدفاعية التي ستكون لديها في مواجهة مستقبل غير معروف، مشيداً بالدعم الأميركي غير المحدود والاستثنائي الذي عرضته الولايات المتحدة على إسرائيل، من أجل الحفاظ على تفوّقها العسكري النوعي في المنطقة.
إذاً لا هادي ولا بحاح هما المقياس لدى السعودية وأمريكا، والحنين إلى الماضي والاستئثار بالقرار السيادي لليمن هو الذي يجعل تحالف العدوان بقيادة أمريكا تجازِفُ بكل مغامراتها للعودة من جديد إلى ما قبل 2014 وإعادة عملائها من جديد إلى كراسي الطاعة والانحناء.
صحيفة صدى المسيرة العدد62 الاثنين 5أكتوبر2015