الاحتفالُ بالإبداع والابتكار.. اليوم العالمي للملكية الفكرية .. بقلم/ محمد عبدالمؤمن الشامي
في 26 أبريل من كُـــلّ عام يحتفل العالم باليوم العالمي للملكية الفكرية للاطلاع على الدور الذي تلعبه حقوقُ الملكية الفكرية في تشجيع الابتكار والإبداع وَإلى دعم وتشجيع الحكومات والصناعة والمستهلكين، وَإلى نشر الوعي بأهميّة حماية حقوق الملكية الفكرية، وكانت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) حدّدت في عام 2000 يوم 26 أبريل من كُـــلّ عام للاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية وهو اليوم الذي يصادف تطبيقَ قرار تأسيس المنظمة عام 1970م.
وتقام هذه الفعالية كُـــلّ عام في جميع دول الاعضاء وذلك لزيادة الوعي بأهميّة الملكية الفكرية..
وَترجع نشأة مفهوم الملكية الفكرية إلى عصر الثورة الصناعية في أوروبا وأثرها الواسع في دول العالم، وكان اول محاولة نظامية لحماية الاختراعات في سنة 1474م، في إيطاليا بصدور قانون في البندقية ينظم حماية الاختراعات ونص على منح حق استئثاري لفرد المخترع، أما نظامُ حق المؤلف فيرجعُ إلى اختراع الحروف المطبعية والمنفصلة والآلة الطابعة على يد يوهانس غوتنبرغ عام 1440م.
وفي نهاية القرن التاسع عشر، رأت عدة بلدان ضرورةَ وضع قوانين تنظم الملكية الفكرية. أما دولياً فقد تم التوقيعُ على معاهدتين تعتبران الأَسَاس الدولي لنظام الملكية الفكرية هما اتّفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883 واتّفاقية برن 1886 لحماية المصنفات الأدبية والفنية.، حَيْثُ تعددت الاختراعات الصناعية وَالإنتاجات الفكرية، مما دفع بالدول المنتجة إلى التنادي لوضع الاتّفاقيات في سبيل حماية حقوق الصناعيين والتجار والمبدعين، أخذت الدول تنضم إلى الاتّفاقيات والالتزام بها، وتضعُ تشريعات وتعقد مؤتمرات عالمية في محاولة لحماية حقوق الملكية الفكرية، ومنذ ذلك الحين أتاح اليوم العالمي للملكية الفكرية فرصةً فريدة لمشاركة الآخرين في جميع أنحاء العالم في النظر في الكيفية التي تسهم بها الملكية الفكرية في ازدهار الموسيقى والفنون والابتكار التكنولوجي الذى يساعد على بناء عالم أكثر تقدماً.
أما في بلادنا اليمن، فقد عُرفت الحماية للملكية الفكرية، منذ الأربعينيات من القرن الماضي، حَيْثُ صدرت ضمن مجموعة من القوانين والقرارات في الملكية الفكرية سواء في الجمهورية العربية اليمنية شمال اليمن وَأَيـْـضاً الجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبيّة أَو اليمن الجنوبي سابقاً.
فقد صدرت قوانينُ الاستعمار البريطاني في عدن في الفترة ما بين 1936 – 1967م المتعلقة بالرسوم والنماذج الصناعية وقانون براءة الاختراع وقانون العلامات التجارية، وبعـد استقلال اليمن الجنوبي في 30 نوفمبر عام 1967م، أدرجت أحكـــام تلك القوانين ضمن القانــــون المدني الذي أصبح ساريَ المفـــعول منذ 1978م، حَيْثُ خُصِّصَ في هذا القانـــون جزءٌ خاصُّ بالملكية الفكرية، أما في الجمهورية العربية اليمنية شمال اليمن فقد صدر القانون رقم (45) لسنة 1976م، الذي نظم معظم قضايا الملكية الفكرية مثل العلامات التجارية، براءات الاختراع، المنافسة غير المشروعة، البيانات التجاريــة، الأسماء التجارية، وقد انضمت إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية في عام 1979م.
أما بعد توحيد الشمال والجنوب في دولة واحدة عام 1990، وإعلان الدولة اليمنية الموحدة الجمهورية اليمنية فقد صــدر القانون رقم (19) لسنـــة 1994م، بشأن الحــق الفكرية وبصدور هذا القانون ألغيت القوانين والأحكــام التي كانت ساريةً قبل صدوره والمتعلقة بالملكية الفكرية في الشطرين الشمال والجنوب، وقد اشتمل هذا القانون على أربعة أقسام من حقوق الملكية الفكـرية فقط وهي حق المؤلف، براءات الاختراع، العلامات الصناعية والتجارية، الرسوم والنمـــاذج الصناعية، ومنذ ذلك الحين إلى اليوم صدرت عدة قوانين تنظم الملكية الفكرية مثل قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية رقم 23 لسنة 2010م وَاللائحة التنفيذية للعلامات التجارية رقم (213) لسنة 2010م، وقانون براءات الاختراع ونماذج المنفعة وتصاميم الدوائر المتكاملة والمعلومات غير المفصح عتها رقم 2 لسنة 2011م، وقانون التصاميم الصناعية رقم 28 لسنة 2010م، واللائحة التصاميم الصناعية رقم (212) لسنة 2011م، وَقد بذلت بلادنا جهوداً متواصلة على مدى الأعوام السابقة من أجل مواءمة تشريعاتها لحماية الملكية الفكرية؛ استناداً إلى التزاماتها في الاتّفاقات الدولية وعضويتها في منظمة التجارة العالمية مثل اتّفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية وَاتّفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية والتي صــدر القانون رقــم 27 لسنـة 2006م بالانضمام للاتّفاقية وكذلك المصادقة عليها وأصبحت اليمــن عضــواً باتّحاد باريس للملكية الصناعية ودخــلت حيّز النفاذ اعتباراً من 15 فبراير2007م وبهذا الانضمام اصبحت اليمن ملتزمة بتنفيذ الاتّفاقية.
وبالرغم من هذه الجهود المبذولة على الصعيد الوطني إلّا أن مؤشرات وضع بلادنا في مجال حماية الملكية الفكرية لا يزال متواضعا للغاية مقارنة ببعض الدول النامية والدول المتوسطة الدخل وها ما يعزي إلى عدد كبير من التحديات التي لا تزال تواجه توفير الحماية الكافية للملكية الفكرية في البلاد، ومن أبرز هذه التحديات ضعف الإمكانات البشرية والمادية في مجال الملكية الفكرية وخَـاصَّـة فيما يتعلق بالكوادر البشرية المؤهلة في إدارات حماية الملكية الفكرية في الجهات المعنية في الدولة، بالإضَافَة إلى محدودية الوعي المجتمعي بأهميّة قضايا حماية الملكية الفكرية ودورها في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لذلك يجبُ على الجهاتِ المعنية في الدولة كوزارة التجارة والصناعة وزارة الثقافة أن تجعلَ من هذا اليوم العالمي للملكية الفكرية مناسبةً لتعزيز الوعي بدور الملكية الفكرية وتشجيع واحترام حقوق الملكية الفكرية وتحفز الإبداع والابتكار، والاحتفال بالإبداع والمساهمات المقدمة من المبدعين المبتكرين لتنمية وتطوير البلاد.