تقرير:اتفاق السلم والشراكة إلى الواجهة من البوابة الدولية
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
تتخذُ الدوَلُ العظمى والأممُ المتحدة مواقفَها بناءً على معلومات هامة تحصل عليها بطرقها الخاصة، بمعنى أن ما يروجه إعلام دول العدوان من انتصارات لا تأخُذُه تلك الدول بالحُسبان ويبقى مجرد استهلاك إعلامي في إطار حرب الإعلام التي تستهدف المستويات الدنيا وليس العليا.
أثبتت معركة مأرب للعالم حجم الصعوبة التي تواجهها دول العدوان وقوات الغزو التابعة لها والمرتزقة وأنها أصبحت حرباً عبثية، بالإضافة لإشعال النار في باب المندب، الأمرُ الذي كانت تخشاه الدول الغربية وخُـصُـوْصاً دول أوروبا بشكل كبير، ولذلك كانت الأيام القليلة الماضية كفيلة بإحداث متغيرات كبيرة في مواقف الدول الغربية تجاه الحرب، مبدية تراجُعاً في دعمها وتقدماً في دعم الحلول السياسية.
- بريطانيا: اتفاق السلم والشراكة مرجعية مهمة وقرار مجلس الأمن ليس شرطاً للتفاوض
خلال العقود الماضية أثبتت قضايا الشرق الأوسط أن الولايات المتحدة وبريطانيا تتخذان ذات المواقف ولم يحدث أن تعارضت مواقف الدولتين، ولذلك يقال إن المواقف التي تدخل في قناعات الأمريكان تخرج للعلن عن طريق بريطانيا، وهو ما ينطبق على الموقف البريطاني الأخير من العدوان واستمرار الحرب.
المتغيّرُ الجديدُ في الموقف البريطاني عبّر عنه وزير الخارجية البريطاني لشؤون الأوسط، توبياس إيدوود الذي تحدث لجريدة الأخبار اللبنانية وأكد أنه يجب التمسك بجميع المرجعيات بما فيها اتفاق السلم والشراكة.
كما أكّد الوزيرُ البريطاني على أهمية المفاوضات، معتبراً أن قرار مجلس الأمن حول اليمن ليس شرطاً لإطلاق المفاوضات بين الأطراف اليمنية.
واعتبر مراقبون أن تصريحات الوزير البريطاني تعد تراجعاً كبيراً في الموقف الغربي الداعم لدول العدوان على اليمن وناجماً عن إدراك بعبثية الحرب التي بدأت تشكل تهديداً لحركة الملاحة البحرية خُـصُـوْصاً مع إقدام دول العدوان على مغامرة فتح جبهة في باب المندب.
وبينما تصر دول العدوان على الاعتراف بقرار مجلس الأمن كشرط للتفاوض تتراجع بريطانيا عن اعتبار القرار مهماً للتفاوض، بل سارت إلى أبعد من ذلك بتجديد اعترافها باتفاق السلم والشراكة الموقّع بين جميع القوى السياسية عشية ثورة 21 سبتمبر.
- البيت الأبيض: الحل سياسي في اليمن ولا بد من تحقيق في استهداف المدنيين
تتعاظم القناعة الدولية بشأن الحل السياسي بعد أكثر من ستة أشهر من العدوان الذي لم يحقق نجاحاً عسكرياً واستمر في ارتكاب المذابح.
لم تكتفِ الإدارة الأمريكية بموقف حليفتها بريطانيا، حيث استغلت الفرصة للتعبير عن قناعتها بضرورة الحل السياسي لذات الأسباب المقلقة للدول الغربية من تأثيرات الحرب على اقتصادها وأمنها.
عندما وقعت مذبحة المخاء الثانية وراح ضحيتها 142 شهيداً بينهم 91 امرأة و27 طفلاً باستهداف صالة لحظة الاحتفال بعرس نسائي، خرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض نيد برايس أمام وسائل الإعلام يتلو عليها بياناً يدعو للتحقيق في التقارير التي تشير إلى استهداف المدنيين.
وطالب البيان أن تكون تلك التحقيقات علنية وعلى نطاق واسع يشمل كُلّ الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين في اليمن.
وأضاف “نشعر بقلق بالغ وبالصدمة والحزن من هذه التقارير، كما أصبنا بالصدمة والحزن الشديدين جراء مقتل عدد من المتطوعين لدى الصليب الأحمر اليمني في تعز، وذلك في اليوم ذاته ونحن نأخذ كافة أنشطة الرصد الموثوقة حول استهداف وقتل المدنيين بعين الاعتبار”.
واعتبر بيان البيت الأبيض أن حوادث سقوط المدنيين تؤكد ضرورة اللجوء للحل السياسي في اليمن، مطالباً أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن.
الأمم المتحدة: لا حل عسكرياً في اليمن
استمراراً للتحول الدولي واتجاه قناعته نحول الحل السياسي واستبعاد نجاح العمليات العسكرية خرج بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة متحدثاً بصراحة أنه لا يوجد حل عسكري في اليمن، معولاً على المفاوضات السياسية للخروج بحل سياسي.
واعتبر كي مون أن الضربات الجوية التي تشنها دول العدوان في مقدمتها السعودية تدمر اليمن، داعياً جميع الأطراف للانضمام فوراً للعملية السياسية وتسهيل مهمة مبعوثه الخاص إسماعيل ولد الشيخ.
تصريحاتُ بان كي مون كانت حاضرة في بال المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الذي قال إنه آن الأوان لوقف الحرب وأن الشعب اليمني بحاجة لوقف لإطلاق النار بشكل كلي.
جاءَ ذلك في مقابلة تلفزيونية مع ولد الشيخ أكّدَ فيها على ضرورة وقف نهائي لإطلاق النار في اليمن، مشيراً إلى أن الأوضاع الإنسانية في اليمن لم تعد تُحتمل.
واعتبر ولد الشيخ أن الحرب على اليمن قد تجاوزت حدها وزادت عن ستة أشهر وأن اليمن كان البلد الثاني على مستوى العالم من ناحية مجاعة الأطفال، وقبل الحرب كان هناك سبعة ملايين يمني يحتاجون إلى مساعدات والآن تفاقمت الأوضاع وأصبح 21 مليونَ يمني يحتاجون للمساعدات.
وأشار ولد الشيخ إلى أن أهم محطة في الوساطة الأممية في اليمن هي أن الجهودَ الأممية نَجَحَت في جَمْـعِ أطراف الأزمة اليمنية في جنيف والاتفاق على العديد من النقاط المحورية والأساسية مثل وقف إطلاق النار والانسحاب.
- الحل السياسي يمر بتجاوز هادي.. قناعة محلية ودولية
تكتمل الصورة دولياً عند الوصول لرؤية أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد في اليمن، وتعرف الدول الكبرى أن هذا الحل لا بد أن يتجاوز مرحلة هادي وهي أيضاً قناعة الأطراف الوطنية في الداخل.
ذهب هادي إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العمومية في محاولة لانتزاع اعترافات دولية به غير أن مجريات الأمور هناك أثبتت له أنه لم يعد رئيساً إلا بالمجاملة وأن الحل السياسي سيطيح به إلى الأبد.
فقد ذهب الفار عبدربه منصور هادي إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبحثاً عن اعتراف دولي به كرئيس لليمن.
وقد أجرى هادي لقاءً بالأمين العام للأمم المتحدة قبلَ يومَين في نيويورك، ولكن اللقاء لم يجرِ كما هي عادة اللقاءات بين أمين عام المنظمة ورئيس دولة.
فقد غاب عن اللقاء وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية فلتمان على غير العادة في مثل هذا اللقاءات التي يُفترض فيها حضور الوكيل ليكون منوطاً به التحدث أمام الإعلام حول اللقاء وما جرى فيه ليتحول لقاءُ هادي ببان كي مون إلى مجرد مجاملة من الأول لا أكثر.
لم تتوقف الأمورُ السيئةُ بالنسبة لهادي عند لقاء بان كي مون بل تعداه إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث لم يلتقِ برؤساء دول كان يُفترض به لقاؤهم، حسب ما تم وعده.
وقد رفض رؤساء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اللقاء بهادي على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وفيما كان هادي يخطب في اجتماع الجمعية مشترطاً وقف الحرب بعد تطبيق مجلس الأمن غير أن الأمين العام بان كي مون ضرب بكلامه عرض الحائط وخرج للإعلام مطالباً بوقف فوري للحرب.
صحيفة صدى المسيرة العدد62 الاثنين 5أكتوبر2015