شهرُ رمضان.. فرصةٌ لإيقاف العدوان وإحلال السلام باليمن .. بقلم/ شهيد عبدالله يحيى الحوثي
يزورُنا بعد أيامٍ قلائلَ ضيفٌ كريم وفريضةٌ مهمة يقومُ بتأديتها كُــــلّ المسلمون في أنحاء المعمورة هي تعبر ركناً من أركان الإسْـلَام هذا الضيف هو شهر رمضانَ المبارك شهر القرآن شهر الجهاد في سبيل الله شهر التوبة إلى الله والعودةُ إليه والإكثار من ذكره… إلخ.
اللهُ -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى- يقولُ في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فالغايةُ المرجوةُ من صيام رمضان المبارك هي التقوى كما قال -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَـى-: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فإذا دخلت لهذا الشهر وقمتَ بصيامِ هذه الفريضة وخرجتَ منهُ وأنت أنت كما حالُك السابقُ فإنك لم تنضبط وتلتزم بتعاليم الله وأوامره ونواهيه وتحذر من ظلم عبيده، فلم يحقق فيك الصيامُ غايتَه وهذه خسارةٌ كبيرة!
كما هو حالُ النظام السعوديّ يشُنُّ على بلدِ اليمنِ الفقير وشَعبِهِ عدواناً غاشماً وحصاراً جائراً لأكثرَ من أربعةِ أعوام ويدّعي في نفس الوقت أنه نظامٌ إسْـلَامي وعارف الله فهذا كذب وبُهتانُ كبير.
التقوى لله -كما قلت- سابقاً هي الغاية من الصيام، ولو استفاد المسلمون من هذا الشهرِ كما ينبغي لأسهمَ ذلك في حل الكثير من الإشكاليات والنزاعات واستقر وضعُ الأمة الاستقرارَ الحياتيَّ المطلوب.
شعبُ اليمن وحكومتُهُ مع قائدهم العظيم من واقع تقواهم لله تحملوا مسؤوليتَهم التأريخية والوطنية والدينية في التصدي لهذا العدوان مدافعين عن أرضِهم وعِرضِهم، فهم ليسوا في موقع المعتدي بل المدافع عن نفسه، وبذلك فهم دعاة سلام ومتقون لله، فقد بحت أصواتُهم على مدى أربعةِ أعوام وفي كُلِّ عامٍ يدخُل علينا شهر رمضان المبارك نطلق فيه المبادرات المسؤولة والإنْسَــانية نقول لهم نحن مستعدون لإيقاف الحرب وإبداء كُــــلّ التفاهمات في كُــــلّ المسائل والجلوس على طاولات الحوار والتفاوض وحلحلة القضايا والمِـلَـفّات مِـلَـفًّا مِـلَـفًّا وقضيةً قضيةً؛ بغية وقف نزيف الدم العربي وإخماد الفتنة واستقرار وضع الأمة وفي الأخير حرمة لهذا الشهر الكريم.
لكن النظام السعوديّ الذي تولي كِبَرَ هذا العدوان يصمُ آذانَه تجاه كلِ مُبادرةً إنْسَــانية ووطنية، حَيْــثُ أنه قد أوغل في قتل أبناء هذا الشعب وقام بتجويعه وحصاره وإغلاق مطاراته، يريد بذلك قربى يتقرب بها للأمريكان (لترامب وجلاوزته)، فلا يهمه أن يرتكبَ بحق أبناء هذا الشعب أبشع وأشنع المجازر حتى في هذا الشهر الكريم، أذكر أنا شخصياً واحدة من تلك المجازر التي ارتكبت بشهر رمضان وشاهدتُها بأم عيني وهو قصف العدوان بغاراته لعدة بيوت مكتظة وآهلة بالسكان لحي المهمشين بمنطقة سعوان في العاصمة صنعاء، حَيْــثُ راح إثر تلك الجريمة الكثير من الضحايا والقتلى معظمهم نساء وأطفال.
هذهِ هي الصورة الحقيقية للنظام السعوديّ وفي نفس الوقت هو حريص على ألا يظهر بهذا الوجه فقام باتّخاذ قناعٍ له يتستر بهِ من سوءِ عمله وشرور نفسه فهو خادم الحرمين الشريفين ومن اهل البر والإحسان من يقم بتوزيع وجبات إفطار الصائم بالشارع ذلك القناع الذي يلبسه هو نفسه القناع الذي لبسهُ قابيل عندما قرب قربانا إلى الله فلم يتقبله الله منه؛ لأَنَّه ليس مطبوعاً بطابع التقوى لله والخوف منه بل يُصبح عملاً حابطاً ونتيجتُهُ تكونُ هباءً منثوراً، قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) وقال (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا).
أما حالُ الشعب اليمني فهم أناسٌ متقون لله ذنبُهم أن قالوا ربُنا الله وسعوا في الأمة خيرا فتقبل الله عملهم ورفع من شأنِهم وبذلك ظهرت نزعت الشر والشيطان لجارت السوء واستفحلت حالةُ الحقدِ والحسد لهذا الشعب مُصدِرةً حكماً بالإعدام الجماعي لأبنائه الشرفاء وقادتهِ العظماء.
بيد أن جُلُّ تفكير هذا الشعب مع حكومته هو فقط أن يحمل مشروعَ رئيسِه الشهيد الذي أطلقه قبيل استشهاده وعمده بدمه الطاهر (يدٌ تحمي ويدٌ تبني)، فتلك يدٌ من أبناء القبائل الشرفاء والجيش واللجان الأعزاء وفي مختلف الجبهات تحمل السلاحَ وتضغطُ على الزنادِ مُصوبةً رصاصةَ الصمود في نحور العداء مدافعين عن حياض هذا الوطن وسلامة أراضيه ممثلين قذيفةَ اللهِ في أرضه التي يقذِفُها على الباطلِ فيدمَغهُ فإذا هو زاهق.
ويدٌ تستكملُ الرؤيةَ السياسية لبناء الدولة المدنية وهيئةُ زكاة تُعلِنُ في عملها الأول تدشين اهتمامها بنصف مليون أسرة، وتصنيعُ حربي ذي همةِ عالية يُدخل صاروخاً جديداً أرض المعركة ليقطفَ رأسَ من تسول له نفسه احتلال هذا البلد، وهناك مُزارعُ بيده يحملُ مِعولاً فيزرعُ أرضَه وأرضَ أجداده ليحصُدَ ما زرع ذهباً فيروي ظمأَ عطشه ويُشبع جوعَ بطنه وأعلموا يا بني سعود أن الأرض لله يورثها من يشاء من عبادة والعاقبة للمتقين.
وفي الأخير أنصح النظام السعوديّ أن يستغل دخول شهر رمضان المباركِ عليه في أن يراجعَ نفسه وحِسابَاته، يوقفُ عدوانَهُ ويرفعَ حِصاره ويُغير من سياسته الشيطانية في المنطقة، أن يتقيَ اللهَ ويحترمَ جيرَانه ويكُفَّ من آذاه عن شعب الإيمان والحكمة، هذا إذا أراد الله من الله تقبل صيامه وكلّ أعماله.
ونحنُ على يقين أن قرارَهم ليس بأيديهم وإنما ما قرّره الأمريكان نفّذه وما فصّلوه لهم لَبِسوه وعلى كُــــلّ حال ليكونوا رجالاً ولو لمرةٍ واحدة فيتحدثوا أو بالأقلِ يُطلقوا بياناً.