مرحى جمعة الجولان في غزة .. بقلم د/ أحمد الصعدي
أطلق المناضلون الفلسطينيون الذين يحتشدون في كُــــلّ جمعة في تظاهرات حاشدة كأسلوبٍ كفاحي في مسيرة نضالهم طويلِ الأَمَدِ على تظاهرتهم في آخرِ جُمُعة من شعبان / الثالث من مايو (جمعةُ الجولان عربية سورية).
هذه اللفتةُ الموفَّقة إلى الجولان من غزة موقفٌ سياسيٌّ مهمٌّ؛ وذلك لأَن تضامُنَ الشعوب العربية في نضالها لاستكمال تحررِها القومي ومقاومة الهيمنة الإمبريالية الغربية التي يعد الكيان الصهيوني رأسَ حربتها هو من أَهَمِّ مصادر قوتها.
لقد نجح الغربُ الإمبريالي والأنظمة العربية التابعة له في جعل الشعوب العربية جُزُراً معزولة. في البداية صرفوا اهتمامَ العرب إلى أفغانستان، معتبرين أن الوجودَ السوفييتي هناك أخطرٌ على الأُمَّــة العربية والإسْلَامية من الكيان الصهيوني، ثم انتقلوا إلى شيطنة الجمهورية الإسْلَامية الإيرانية وتصويرها أكثرَ خطورةً على العرب من الكيان الصهيوني، وصولاً إلى ترويض الجماهير العربية لقبول التطبيع مع الكيان الغاصب والتحالف المكشوف معه.
منذ عقود كان خصومُ الاستقلال والتحرر والوحدة العربية يسخفّون هذه القيم السياسيّة ويعتبرونها شعاراتٍ فارغةً، ويطرحون بديلاً عنها المصالحَ القُطرية، مسرِّبين أوهاماً مفادُها أن مصلحةَ كُــــلّ قُطر عربي هي في الانزواءِ وفي التركيز على مصالحه الخَاصَّــة ونجحوا إلى حَـدٍّ كبير.
وكانت النتيجةُ في هذا المسعى هي الانسحابَ التدريجي عن القضية الفلسطينية والاحتراب القُطري العربي العربي ثم إحياء النعرات التمزيقية داخل كُــــلّ قُطر على أُسُسٍ مختلفةٍ إثنية ودينية وجهوية.
كان بعضُ الغربيين يصابون بحالاتٍ من الذهول والاستغراب عند مراقبتهم ردودَ الأفعال الجماهيرية العربية الباهتة على أحداث مصيرية كاجتياحِ العراق عام 2003 أَو العدوان الصهيوني على لبنان 2006 أَو الهجمات المتكررة على قطاع غزة. واليوم على كُــــلّ المواطنين العرب الذين يرفُضون تدميرَ بلدانهم وإخضاعها للهيمنة الإمبريالية لا سيما الأمريكية ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية أن يعوا أن تضامُنَهم أمرٌ جوهريٌّ وأدَاة عظيمة الأثر في مسيرتهم النضالية، وعليهم أن يغادروا العيشَ في جُـــزُرٍ معزولةٍ وعادة اللامبالاة السيئة وأن يحيوا روحَ التضامن النشط والدائم والفعَّال.
مرحى جُمُعةَ الجولان من غزةَ، وحيّا على تضامُنِ الشعوب العربية مع بعضِها البعض، وستبقى الجولانُ عربيةً سوريةً.