التخصُّصُ كشكل من الأُمية .. بقلم/ علي عبدالله أحمد صومل
قد يكونُ التخَصُّص -بنظر الدكتور شريعتي- شكلاً من أشكال الاستحمار؛ لأَنَّه يساهمُ في نمو الفرد من جهة واحدة ويعطِّلُه من سائرِ الجهات، وليس التخَصُّصُ مرفوضاً على جهة العموم، فالتخَصُّص أمرٌ مطلوبٌ وضرورةٌ مُلِحَّةٌ لا ينبغي -بأي حال من الأحوال- أن نفرِّطَ فيه، لكن يجبُ أن لا يكونَ سبباً في ضياع كليتنا الإنْسَانية والاجتماعية، ونرضى بالجهل المطبق والعجز التام عن التفوّق والإبداع في بقية مجالات العلم والعمل الخارجة عن مجال التخَصُّص البارز، فليس نقصاً لكمال الإنْسَان أن يبنيَ شخصيتَه بشكلٍ راقٍ ومن مختلف الجوانب، بل إن صفةَ النقص أَو القصور تنطبق على العكس، فالكمال إنما يكونُ بإضَافَةِ جديدٍ لا الحذف من الأصل، وأيُّ ضَيْرٍ سيلحقُ بالطبيب الماهر إذَا كان -إلى جانب تخصصه في الطب- كاتبا أديباً أَو عالمَ دين؟
وأيَّةُ نقيصةٍ بحقِّ حامل العلم وخطيب المنبر إذَا كان مشاركاً لإخوته المجاهدين في جبهات الدفاع عن العقيدة وَالكرامة والعرض أَو حتى مساعد الرجال الأمن في العمل على توفير الحماية وإحلال السكينة وثبيت الأمن لمجتمع مستهدَفٍ يتربص به المجرمون الأذية والشر..
وهكذا فلا تضعن لكمالك حدّاً تقفُ عنده وتنكفئ دونه..
وهنا كلامٌ مهمٌّ في الموضوع للدكتور علي شريعتي منقول من كتاب النباهة والاستحمار.. فقد عد التخَصُّصَ ضمن أشكال الاستحمار، فقال:
التخَصُّص: كُلُّ واحد يسير في نهجه وتخصصه على نحو يغفل معه عن قضية المجتمع ومصيره إنه كبقرة أفلاطون تَمَاماً عندما يلمس واحد حافرها وآخر قرنها وثالث ذنبها والنتيجة لا أحد يشعر بوجود حيوان! وهكذا التخَصُّص يسبّبُ انغماسَ الإنْسَان في إطارٍ محدودٍ وصغير جداً مُجَــرّدٍ عن المجتمع بصورة يصعب معها لمسه كجسم واحد شامل وعلى هذا فالتخَصُّص يعدم الدراية الاجتماعية كما يسلب المرء إمْكَان شعوره بنفسه كإنْسَان مساهم في شتّى وجوه الحياة والسبب في ذلك؛ كَــون التخَصُّص يعملُ على نمو الفرد من جهة واحدة ويعطله من سائر الجهات والسؤال هنا: هل التخَصُّص أمر لازم؟ نعم إنه أمر لازم ولا ينبغي أن نعدمه لكنه علينا في الوقت الذي نتخصص فيه في فروع مختلفة أن نحفظ كليتنا الإنْسَانية وكليتنا الاجتماعية.. انتهى كلام المفكر الدكتور شريعتي رحمة الله عليه.