آمال الرياشي -رئيس اللجنة الفنية لنظام عدالة الأطفال بوزارة العدل- في حوار لصحيفة “المسيرة”:
لا يخفى على أحد ما سبّبه العدوانُ والحصارُ من تفاقم للوضع الإنْسَــاني في اليمن الذي انعكس برمته على وضع الأطفال، فزيادةُ نسبة الفقر وتدني المستوى الاقتصادي وإيقاف المرتبات من قبل العدوان ومرتزِقته، قوّض من دَور الأُسرة في حماية أبنائها، كما دمَّـر المدارس والمؤسّسات العاملة مع الأطفال، وتسبب في تسرُّبِ كثيرٍ من الأطفال من العملية التعليمية، وكذلك زيادة موجات النزوح الجماعية التي كانت سبباً مباشراً لتشرُّد كثير من الأطفال، وزيادة نسبة أطفال الشوارع والأطفال العاملين، وهو ما جعل الأطفال عُرضةً لكثير من أنواع الاستغلال والجنوح، فكل تلك العوامل جعلت من الأطفال قنابلَ موقوتةً قد تنفجر بوجه المجتمع.
ولذلك يحتاجُ الأطفالُ في هذه المرحلة العُمرية إلى التوجيه والإرشاد المستمرّين من أجل تحقيق مطالب نموهم بصورة سليمة، من خلال وضع الأسس العلمية والعملية للأسرة وللمجتمع وَالتي من خلالها يتم رعايتهم وتربيتهم وتأهيلهم.
وعلى الرغم من توقف برنامج تعزيز نظام عدالة الأطفال لأكثرَ من عامين جراء العدوان وتوقف التمويل من قبل المانحين، وشل عمل المؤسّسات وتحييدها عن القيام بواجباتها تجاه المواطنين، إلّا أن وزارة العدل حرصت على القيام بمسئوليتها تجاه الأطفال وحماية حقوقهم، وما زالت تعملُ بجهودٍ متسارعة من أجل الارتقاء بقضايا حماية حقوق الأطفال في نزاع مع القانون، حَيْــثُ كان صدورُ قرار وزير العدل رقم 233 لسنة 2017 بشان إعَادَة تشكيل اللجنة الفنية دلالةً واضحةً على مدى الاهتمام الذي توليه قيادةُ الوزارة بهذا الخصوص.
وحول هذه القضية الهامة، أجرت صحيفةُ “المسيرة” حوارا خاصّاً مع الأُستاذة آمال الرياشي -رئيس اللجنة الفنية لنظام عدالة الأطفال بوزارة العدل-، والتي تطرقت إلى الكثير من الإنجازات التي حقّقتها اللجنةُ بتعاون مع الشركاء خلال العام المنصرم وكذا التحديات والصعوبات التي واجهتها، فإلى المحصلة:
حاورها| عباس القاعدي:
– أُستاذة آمال كونك رئيسَ اللجنة الفنية لنظام عدالة الأطفال حدثينا عن واقع أطفال اليمن بشكل عام خُصُوصاً مع استمرار العدوان؟
بدايةً أُرَحِّبُ بكم، وأشكُرُ صحيفةَ المسيرة على اهتمامها بواقعِ الطفولة في اليمن، وهو واجبٌ علينا جَميعاً أن نهتمَّ به؛ باعتبَارِ أطفالنا هم أملَ الحاضر وعمادَ المستقبل، أما بخصوص تساؤلكم عن واقع الأطفال في اليمن فإنّه واقع مؤلم، حَيْــثُ ترك العدوانُ السعوديّ الأمريكي آثاراً كبيرة على حياة الأطفال، وحوّل حياتَهم إلى جحيم، وكسر أحلام الأطفال ومزّق آمالهم، وجعلهم في واقع يضُجُّ بالألم والاحزان، وأصبحوا يعانون من الخوف ونوبات الهلع والأزمات النفسية الخطيرة جراء صواريخ العدوان، الذي يرتكب أبشع الجرائم الوحشية بحق الأطفال، ودمّــر مدارسَهم ومنازلهم وقتل أهاليهم وزملاءهم أمام أعينهم؛ ولهذا يمكنُنا اقتباسُ ما عبر به المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خيرت كابالاري، حول واقع المعاناة والظروف التي يعيشها أطفال اليمن في ظل العدوان على اليمن بقوله: “هنالك 7 ملايين طفل يخلُدون للنوم كُــــلَّ ليلة وهم جِياعٌ، ويتعرضون لخطر الموت في أية لحظة”.. ولو رجعنا إلى التقارير الأممية فسنجد أنها أشارت إلى ارتفاع نسبة المخاطر التي يتعرضُ لها أطفال اليمن؛ بسَببِ العدوان، حَيْــثُ أوردت أن ثمانية أطفال يُقتلون أَو يصابون في اليمن يومياً.
أيضاً التقرير الذي نشرته منظمةُ اليونيسيف لشهر ديسمبر الماضي الذي أشار إلى آثار العدوان على الأطفال في الحياة، حَيْــثُ زهقت أرواح ما يزيد عن 2569 طفلاً وإصابة 4124 طفلاً آخرين جراء العدوان على اليمن، وأن مليونَ طفل تعرضوا للنزوح الداخلي، وأن أكثرَ من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية، من بينهم 360 ألفاً يعانون من سُوء التغذية الحادِّ، مما يعني أنهم يعانون من الهُزال الشديد ويواجهون المجاعة.
والواقعُ أن هذه الأرقامَ المهولةَ وإنْ كانت لا تعبّرُ عن حجم الكارثة الحقيقي، إلّا أنها تكشف واقعَ الظروف المُريعة التي تعيشُها الطفولةُ في اليمن والتي نعيشُها اليوم، ذلك فإن شريحةَ الأطفال على وجه الخصوص هي أكثرُ الفئات تعرُّضاً للمعاناة، حَيْــثُ نالهم النصيبُ الأوفرُ من الانتهاكات الواقعة على حقوقهم، فضلاً عن الصدمات النفسية الناجمة عن تعرُّضهم للعنف والقتل الوحشي وقتل أسرهم وفقدان مساكنهم. كما أن نفادَ الإمدادات الغذائية وقلةَ المؤن جراء الحصار المفروض على اليمن أدّى إلى سُوء التغذية والمعاناة الكبيرة على أجساد الأطفال النامية التي تحتاجُ لكميات مناسبة من المواد الغذائية، حَيْــثُ اعتبرت اليمن أحد أكثر الدول تضرراً بأزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية في العالم. أضف إلى ذلك حرمان الملايين من الأطفال من مواصلة التعليم. وإذا كانت هذه الأرقامُ ربما لم تبلغ حتى30% من نسبة الأرقام الحقيقية لمعاناة الأطفال، فالمخاطرُ التي كانت قائمةً ارتفعت؛ بسَببِ العدوان إلى أضعافٍ مضاعفة، لكننا تعمدنا هنا ذكرها؛ كَونها صادرةً من هيئات أممية يُنظر إليها على أنها جهاتٌ محايدة، وحتى لا نوصف بالمبالغة في الأرقام أَو أننا اعتمدنا على إحصائيات صادرة عن طرف دون آخر.
– برنامجُ نظام عدالة الأطفال حقّق إنجازاتٍ كثيرةً، إضَافَةً إلى تطوير المؤسّسات التي يعمل من خلالها ما هي أبرزُ تلك الإنجازات؟
هناك إنجازاتٌ كثيرةٌ حقّقها برنامجُ عدالة الأطفال منذ العام 2005م وتقدمٌ ملحوظٌ في تعزيز نظام عدالة الأطفال وتطوير المؤسّسات التي يعمل من خلالها، سواءً على صعيد نظم المعلومات وإنشاء نظام إلكتروني لعدالة الأطفال في خمس محافظات كمرحلة أولى، أَو على مستوى التجهيزات والأثاث لمؤسّسات عدالة الأطفال، وكذلك العون القضائي المجاني للأطفال في نزاع مع القانون، والتدخلات الوقائية في عدد من المحافظات، وإعَادَة التأهيل والاندماج والرعاية اللاحقة، فضلاً عن حملات المناصرة لإنهاء عقوبة الإعدام على الأطفال، واتّخاذ الإجراءات التمهيدية لإنشاء مركز الطب الشرعي، وكذلك فحص حالات الأطفال من خلال لجنة خُبَراء طبية، وكذلك الحملات التوعوية والإعلامية، والعديد من البرامج التأهيلية والتدريبية للعاملين مع الأطفال في نزاع مع القانون من قضاة وأعضاء نيابة وشرطة ومحامين وخبراء اجتماعيين وعاملين في دور التوجيه الاجتماعي؛ للحد من اكتظاظ السجون ودُور الاحتجاز، ومعالجة قضايا الأطفال المودعين بمؤسّسات الاحتجاز، وتنفيذ برامجَ توعويةٍ إعلامية موحدة للوقاية والحد من جنوح الأطفال.
– هل هناك أضرارٌ في مختلف الجوانب لحقت بمؤسّسات عدالة الأحداث؛ نتيجة الحرب العدوانية على بلادنا وأثّرت على حياتها؟
نعم هناك أضرار كثيرة لحقت بذلك، حَيْــثُ نفّــذت اللجنةُ الفنية، بمشاركة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، دراسةً شاملةً لآثار وأضرار العدوان على نظام عدالة الأطفال من مختلف الجوانب، ابتداءً لمعرفة ووصف وتحليل واقع نظام عدالة الأحداث، والمتغيرات التي طرأت عليه جراء العدوان وأثرها على قدرة مؤسّسات عدالة الأحداث من كافة الجوانب المؤسّسية والفنية والإدارية والتنظيمية، ومستوى تقديمها للخدمات والبرامج الموجهة للأحداث، عن طريقِ قياس مستوى النظام في عامَي 2015 و2016م مقارنةً بمستواه خلال عامي 2013 و2014م؛ لمعرفة مستوى التغيير وحجم الآثار التي لحقت بالنظام في مختلف مجالاته ومدى تأثر الأحداث، والأسباب والعوامل والظروف التي أدّت إلى ذلك، حَيْــثُ أظهرت الدراسةُ نتائجَ كارثيةً على نظام عدالة الأطفال، حَيْــثُ بلغ إجمالي المؤسّسات المتضررة أكثرَ من 66%، توزعت ما بين توقف المؤسّسة عن العمل، وما بين الأضرار المادية، حَيْــثُ تضررت ما يقرب من 46% ما بين دمار كلي وأضرار جزئية، فضلاً عن 43% التي تعرضت تجهيزاتها للتلف والدمار.
كما أظهرت توقفَ الإيواء في الدُّور بنسبة 63% جراء القصف الجوي، أَو الظروف التي حالت دون استمرار الدور في تقديم مهامها، فضلاً عن تدنّي مستوى التغذية والرعاية الصحية والتعليم المدرسي والتدريب المهني، بما يقارب نسبة 80%، والعديد من الأرقام المهولة التي لا يتسعُ المقامُ لذكرِها.
ولقد كانت نتائجُ تلك الدراسة منطلَقاً لاستئناف العمل وإعَادَة تفعيل برنامج عدالة الأطفال، لا سيما بعد صدور القرار الوزاري بإعَادَة تشكيل اللجنة الفنية، حَيْــثُ تم البدء بتوفير التغذية للأطفال في دور الرعاية في حدود الإمكانيات المتاحة، فضلاً عن متابعة إعَادَة تشغيل مؤسّسات عدالة الأطفال المتوقفة، والعمل على تنفيذ بعض الترميمات وتوفير التجهيزات وبدائل الطاقة لمؤسّسات عدالة الأطفال، لا سيما دُور الرعاية التي تأوي الكثيرَ من الأطفال الجانحين والمشردين وممن فقدوا أُسَرَهم وأهاليهم.
– هناك أسبابٌ كثيرةٌ أدّت بالأطفال إلى أن يصبحوا عرضةً للانحراف والجنوح، برأيك ما هي أبرزُ هذه الأسباب؟ وما الحلول المناسبة لها؟
مما لا شكَّ فيه أن ظاهرةَ الجنوح تمثل إحدى أخطر الظواهر الاجتماعية، وأن ارتفاعَ معدلات الجنوح يزيدُ من خطورتها، إذ تحمِلُ في طياتها تهديداً مباشراً للبناء الاجتماعي، وتهديداً حقيقياً على القيم الدينية والأُسَرية والاجتماعية والثقافية.
والواقعُ أن أسبابَ الجنوح تتنوعُ وتختلف من مجتمع لآخر، غير أن عدداً من الدراسات الأكاديمية المنفّــذة على الواقع اليمني أظهرت جانباً من تلك الأسباب، حَيْــثُ تدورُ الأسبابُ في مجملها بنِسَبٍ متفاوتة حول أن حِرمانَ الطفل من حقوقه يمثل أهمَّ أسباب الجنوح، ابتداءً بالحِرمان من الحق في التعليم والصحة، والتغذية المناسبة، والحرمان من المسكن، فضلاً عن المستوى الثقافي والتعليمي للأسرة.
إضافةً إلى أن العدوان يمثل سبباً رئيسياً في تضاعف معدلات الجنوح، فهو مصدرُ الانتهاكات الواقعة على حقوق الأطفال، فضلاً عن موجات النزوح، وما يؤكّــد ذلك هي تلك الدراسةُ المذكورة آنفاً التي نفّــذتها اللجنةُ الفنية بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة التي كانت أبرز نتائجها تضاعف معدلات جنوح الأطفال وبنسبة 92% بالقياس بالعامين السابقين لبدء العدوان، كما أظهرت نتائجَ ذات دلالات ارتباطية مباشرة بين الجنوح وانتهاك حقوق الأطفال في العيش الآمن وحقهم في التغذية والصحة والتعليم، إضَافَةً إلى الحرمان من حقوقهم الأساسية والظروف المعيشية والأسرية والمجتمعية التي ترتب عليها زيادة معدلات الجنوح.
ولهذا فإنَّ مواجهةَ الجنوح تسيرُ في مسارين:
الأول عن طريق الوقاية السابقة للجنوح من خلال الاستراتيجيات الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بالجوانب الاجتماعية كالأُسرة والمدرسة والمجتمع المحلي والإعلام والسياسات الاجتماعية والتشريع وإدارَة نظام عدالة الأحداث.
والثاني عن طريق معالجة الجنوح بعد وقوعه من خلال التأهيل وإعَادَة الإدماج للأطفال الجانحين.
وتعمل اللجنة الفنية على تنفيذ عدد من الأنشطة في هذين المسارين، ولعلَّ آخرها البرنامج التوعوي الذي استهدف القيام بحملات تفتيشية على أماكن تواجد الأطفال غير المرغوب فيها في المقاهي واللوكندات.. وغيرها من البرامج التي لا يتسع المقام لذكرها.
– ما هي التحدياتُ والصعوباتُ التي واجهتكم في مجال نظام عدالة الأطفال في العام المنصرم؟ وما الحلول التي اتخذتها اللجنة لذلك؟
هناك الكثيرُ من التحديات، ولعلَّ من أهمِّ تلك التحديات توقُّفَ كثيرٍ من مؤسّسات عدالة الأطفال، وعدمَ القدرة علي القيام بترميمها؛ بسَببِ عدم توفر الإمكانيات المادية ورفض المنظمات تمويل مشاريع إعَادَة بناء مؤسّسات عدالة الأطفال التي سبق تعرضها للقصف؛ بسَببِ إمكانية تعرضها للقصف مرة أُخْــرَى، ومن التحديات أيضاً انقطاعُ النفقات التشغيلية لدُور الرعاية والافتقار لديمومتها، كما أن إيقافَ المرتبات وانقطاعها من قبل العدوان ومرتزِقته ونقل البنك المركزي، أدّى إلى شُحَّةٍ في توفير الكادر الفني في مختلف المؤسّسات، إضَافَةً إلى ما ترتب عن الحصار الاقتصادي من توقف برامج التأهيل والإصلاح وإعَادَة الدمج وتأخر الفحص الطبي نظراً لشحة توفير الأطباء الشرعيين. فضلاً عن تعذر خروج بعض الأطفال من الاحتجاز على ذمة مبالغَ مالية، وننتهز هذه الفرصة ومع حُلُول شهر رمضان الكريم، ندعو التجارَ وفاعلي الخير للنظر في الأطفال المحبوسين على ذمة مبالغَ مالية، مؤكّــدين على وجود معاييرَ تعملُ اللجنةُ على وضعها للإفراج عن أولئك الأطفال إذا ما توفرت المبالغُ التي يمكنُ أن تساعدَ على خروجهم.
– ما هي الإجراءاتُ التي اتخذتها اللجنة الفنية من أجل إصلاح أوضاع الأطفال البعيدين عن أُسرهم والأطفال المشردين والمتسولين حتى لا يكونوا عرضةً للانحراف؟
تُمَثِّلُ الوقايةُ من الجنوح من أهَــمِّ البرامج التي تعمل عليها اللجنة الفنية؛ باعتبَارِ أن الوقايةَ تمثل أهَــمَّ ركيزة من ركائز السياسة المثلى لنظام عدالة الاحداث؛ لما لذلك من تفادي جنوح الأطفال قبل وقوعه، وتمارس مؤسّسات الشرطة الدور الأبرزَ في مجال الوقاية من الجنوح، وذلك بحكم قُربها من المجتمعات في جميع المكونات المحلية والمحافظات، كما يفرضُ ذلك الطبيعة العامة لوظيفة الشرطة بالوقاية والحد من وقوع الجرائم والمخالفات.
ومن هنا نفّــذت اللجنةُ الفنية بالتعاون مع الإدارَة العامة لحماية الأُسرة بوزارة الداخلية سلسلةً من البرامج والأنشطة تولت من خلالها أجهزة الشرطة تنفيذها؛ بهَدفِ وقاية الأطفال من الجنوح، سواءً بتنفيذ برامج مباشرة من خلال الحملات التفتيشية والحملات الإعلامية والتوعوية والدراسات الميدانية، أَو بشكل غير مباشر عن طريق الحفاظ على تماسك الأُسرة والمحافظة على بقاء الأطفال ضمن أسرهم لتقليل احتمالات فصلهم عن أسرهم، وكذلك الحد من العنف الأسري وحماية الأطفال من مخاطر الإساءة والانحراف ومساعدتهم في تجاوز الظروف الاستثنائية التي قد تمُرُّ بهم، حَيْــثُ تم تنفيذ حملات تفتيشية لأماكن تواجد الأطفال، من أقسام الشرطة (لوكندات، مقاهي، انترنت، نوادي، فرز باصات) وتنفيذ حملات توعية لطلاب المدارس حول العنف والأفعال المؤدية للجنوح.
أيضاً توعية عدد من المؤثرين المجتمعيين حولَ آلية حماية الأطفال من الانتهاكات والاستغلال بما فيهم الأطفال المعرضين للانحراف، وطرق حل قضايا الأطفال، ودور الشرطة في محاسبة الأهالي الذين يعرضون الأطفال للانحراف، ودور الشرطة في حماية الطفل، ودور محاميي وزارة العدل في متابعة قضايا الأطفال لدى الشرطة.
– في الاجتماع نهاية شهر فبراير للقيادات العاملة في مجال عدالة الأطفال أقرت للجنة نظامَ عدالة الأطفال خطة العام الجاري، وفْقاً للاتّفاقيات والمعايير الدولية الخَاصَّــة بحقوق الطفل هل تم تنفيذُ الخطة؟ وإلى أين توصلتم؟
بعدَ عقد اجتماع للقيادات العليا للجهات المعنية بنظام عدالة الأطفال برئاسة وزير العدل القاضي أحمد عَبدالله عقبات، وإقرارِ خطةِ عمل اللجنة العليا، تم عقدُ اجتماعيين استثنائيين للجنة الفنية تم خلالهما تزمينُ تنفيذ الأنشطة وتوزيع المهام والأنشطة بين شركاء العمل، وبدأنا جميعاً في تنفيذ الأنشطة وفقَ خطة العمل المرصودة، ومن جهتنا كرئاسة للجنة الفنية فإننا نقومُ بتنسيق الأدوار وتذليل أيةِ صعوبات قد تواجهُ شركاءَنا أثناء تنفيذ أعمالهم. وإنْ كان هناك بعضُ العراقيل خصوصاً المتعلقة بالتمويل لبعض أنشطة الخطة، إلا أننا سنستمرُّ في حشد الجهود ومواجهة أية تحديات قائمة أَو قادمة، بعون من الله تعالى.
– هناك العديدُ من المجالات المتعلقة بتعزيز نظام عدالة الأطفال.. ما هي الإنجازات التي حقّقتها اللجنةُ الفنية خلال العام المنصرم؟
أوّلاً من الصعوبة أن أذكرَ كافةَ الأنشطة المنفّــذة من خلال اللجنة الفنية، لا سيما أن اللجنةَ تضُمُّ في عضويتها عدداً من الجهات الحكومية وغير الحكومية التي نفّــذت العديدَ من الأنشطة خلال العام المنصرم 2018م، ولكنني أحاولُ ما أمكن ذكرَ بعض الأنشطة والبرامج للعام المنصرم على النحو التالي:
الوقاية من الجنوح:
حيث نفّــذت وزارةُ الداخلية أنشطةً وقائية للوقاية من جنوح الأطفال، أهمُّها تنفيذُ حملات تفتيشية لعدد (375) من أماكن تواجد الأطفال (لوكندات، مقاهي، انترنت، نوادي، فرز باصات)، كذلك تنفيذ حملات توعوية لطلاب المدارس حول العنف والأفعال المؤدية للجنوح. كما نفّــذت وزارة حقوق الإنْسَــان برامجَ توعوية لطلاب المدراس حول اتّفاقية حقوق الطفل، بالإضَافَة إلى هيئة التنسيق التي نفّــذت ندواتٍ توعويةً لعدد من المؤثرين المجتمعيين حول آليات حماية الأطفال من الانتهاكات والاستغلال بما فيهم الأطفال المعرضين للانحراف، وطرق حل قضايا الأطفال من خلال المجالس المحلية وعقال الحارات.
البناء المؤسّسي:
وفي مجالِ البناء المؤسّسي، عُقد اجتماعٌ على مستوى القيادات العليا وتم الاتّفاق على إنشاء عدد من مجمعات الأحداث، وتم البدء في الإجراءات التمهيدية في أمانة العاصمة ومحافظة ذمار.. ووصل عددُ المستفيدين إلى (9) مؤسّسات معنية بعدالة الأحداث من شرطة ونيابة ومحاكم ودُور رعاية.. كما تم عملُ قوائم المواصفات التحديدية للتجهيزات والأثاث والترميم والاحتياجات لمؤسّسات عدالة الأحداث المتضررة والمحتاجة للتأهيل(استفاد منها(9) مؤسّسات)، بالإضَافَة إلى مراجعة وتقييم السجلات المستخدمة في مؤسّسات عدالة الأحداث، وأقيمت ورشة عمل لتطوير السجلات والمِـلَـفّات الخَاصَّــة بقضايا الأحداث في كُــــلٍّ من أمانة العاصمة، وذمار، وإب، وحجة، والحديدة ووصل عددُ الفئة المستفيدة إلى (20) مؤسّسة.. وكذا تطوير قاعدة البيانات للنظام الإلكتروني لعدالة الأطفال مع تدريب مدخلي البيانات في (5) مؤسّسات بأمانة العاصمة، وإعَادَة تشغيل وتفعيل مؤسّسات عدالة الأطفال المتوقفة في الحديدة، وإب وبواقع (6) مؤسّسات. كما نفّــذ عددٌ من الشركاء برامجَ ترميم وتأهيل لأقسام الأطفال في بعض السجون المركزي، منها اتّحادُ نساء اليمن، ووزارة الشئون الاجتماعية، بالتعاون مع منظمة الإصلاح الجنائي، كذلك تجهيز عيادة اسعافات أولية، وتوفير تجهيزات إلكترونية لقاعدة بيانات إدارَة مِـلَـفّات الأحداث.
الخدمــــات:
وفيما يخُصُّ مجالَ الخدمات، نفّــذت الجهاتُ الأعضاءُ في اللجنة الفنية عَدَداً من الأنشطة، أهمُّها تقديمُ خدمات تأهيلية، وتقديمُ الرعاية والتأهيل والتدريب للأطفال، بالإضَافَة إلى مساعدات نقدية للتغذية والمواد الأساسية في دُور التوجيه الاجتماعية، ودفع تكاليف علاج ورقود وعمليات جراحية وفحص طبي متخصص.
وفيما يخُصُّ خدماتِ العَـــــــــــوْن القضائي للأحداث، فقد تم متابعةُ قضايا الأطفال في أقسام الشرطة والترافع أمام النيابات ومحاكم الأحداث ومتابعة حالة الأطفال في دور وأماكن الاحتجاز، حَيْــثُ بلغ عددُ المستفيدين من الأطفال من الفئة العمرية (8-15) سنة عدد (319) طفلاً، أما الفئة العمرية (16-18) فقد بلغ عدد المستفيدين (198) طفلاً، وفيما يخصُّ الحمايةَ القانونية للأطفال ضحايا العنف والجريمة والانحراف، وضحايا التحرّش والاغتصاب، والمنتهكة حقوقهم فقد بلغ عددُ المستفيدين (249) طفلاً، وذلك في مختلف محافظات الجمهورية. وفيما يخُصُّ الفحص الطبي فبلغ عدد المستفيدين من خدمات الفحص الطبي الشرعي (316) طفلاً.
الحد من الاحتجاز:
وفي مجال الحَدِّ من الاحتجاز تم تنفيذُ دراسة شاملة لحالة الأطفال المحتجزين في دُور وأماكن الاحتجاز، من الجوانب القانونية، والاحتياجات الصحية والتأهيلية والتعليمية، والاجتماعية. عقبها تنفيذ لقاءات تشاورية لمناقشة نتائج الدراسة بمشاركة قضاة المحاكم والنيابات المتعاملين مع قضايا الأطفال، ومشاركة الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين. وبعد ذلك تم تنفيذُ جلسات فردية مع أهالي الأحداث وأهالي المجني عليهم والجهات القضائية، لكل حالة من حالات الأطفال المحتجزين؛ لمناقشة إمكانية الصلح وخروجهم من الحجز. وقد أسفر ذلك مبدئياً عن خروج 86 طفلاً من الأطفال المستهدفين بالدراسة، وهو ما يمثل 39% من إجمالي المستهدفين. وبالإضَافَة إلى ذلك نفّــذت ورشة عمل تم الخروج من خلالها بخطة عمل لآليات تطبيق برامج العدالة التصالحية والبدائل غير الاحتجازية للأطفال في تماسٍّ مع القانون وكانت الفئة المستفيدة شرطة ونيابات ومحاكم ودور الرعاية وإدارَة الحالة ومسؤولي إنفاذ القانون ومجتمع مدني.
بناء القدرات:
وفي مجال بناء القدرات، تم تنفيذ دورة تدريبية لعدد (31) من للعاملين مع الأحداث؛ وذلك بهَدفِ إكساب المشاركين معارفَ ومهاراتٍ في مجال العدالة الجزائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (7-15) سنة، إضَافَة إلى برنامج تدريبي لعدد (60) شرطياً؛ بهَدفِ إكساب المشاركين أساليب ومهارات التعامل مع الأطفال وقضاياهم أثناء مرحلة جمع الاستدلالات للعاملين في المؤسّسات الشرطية والمتعاملين مع قضايا الأطفال المتورطين في نزاع مع القانون، إلى جانب دورتين تدريبيتين لعدد (60) قاضياً من قضاة المحاكم والنيابات في عدد من محافظات الجمهورية، هدفتا إلى إكساب القضاة معارف ومهارات في مجال العدالة الجزائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (16-18) سنة، وكذا دورة تدريبية لعدد (30) محامياً للأحداث، هدفت إلى إكسابهم معارفَ حول آداب مهنة المحاماة وإجراءات التقاضي وحقوق الأطفال وطرق وآليات إرسال التقارير ومحتويات دليل العون القضائي المعد من وزارة العدل. كما نفّــذت دورة تدريبية بالتعاون مع مكتب النائب العام ووزارة الصحة لعدد (30) طبيباً وطبيبة، وهدفت الدورةُ إلى إكساب المشاركين معارفَ ومهاراتٍ حول تحديد سن الأطفال والجروح وفحص الانتهاكات الواقعة عليهم.
التكامل والتنسيق:
وفي مجال التكامل والتنسيق، انعقد اجتماعٌ على مستوى القيادات العليا لوضع الموجهات والمحدّدات لأعمال اللجنة الفنية، عدالة الأطفال. وكذلك عدد 12 اجتماعاً للجنة الفنية لوضع الخطط وإعداد التقارير والتنسيق المستمرّ فيما بين الشركاء. كذلك عدد من الاجتماعات مع مختلف الجهات، ومع المنظمات الدولية والمحلية، حول إصدار التقريرين الدوريين. كما تم عقدُ لقاء تشاوري للمانحين ومؤتمر صحفي للإعلان عن إنشاء المرصد الوطني لحقوق الطفل وبحضور معالي رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير العدل وعدد من الوزراء والجهات الحكومية والدولية والإعلاميين.
وفي الأخير أود التذكيرَ بأن المهامَّ التي تمارسُها اللجنةُ ذات طابع تنسيقي مشترك؛ بهَدفِ توحيدِ الجهود في تنفيذ الأنشطة والبرامج ذات العلاقة بتطوير الأنظمة العدلية لحماية حقوق الأطفال في تماسٍّ مع القانون، فما تنفّــذُه اللجنةُ من أنشطة وبرامجَ تستهدفُ شريحةً هامةً من الأطفال، أَلَا وهم الجانحون والمعرَّضون للجنوح الذين يتداخل دور الجهات المتعاملة معهم ابتداءً من الأُسرة والمجتمع مروراً بشرطة الأحداث ثم نيابة الأحداث ومحكمة الأحداث وانتهاءً بدور التوجيه ثم الرعاية اللاحقة من العَودة إلى الجنوح، وإعَادَة إدماجهم في المجتمع.
ولا يسعني إلا تقديمُ الشكر لصحيفتكم باسمي واسم أعضاء اللجنة الفنية على الاهتمام بقضايا الأطفال، وعلى تخصيص مساحةٍ لمناقشة واقع نظام عدالة الأطفال، وعلى متابعتكم المستمرّة للانتهاكات الواقعة على حقوقهم أولاً بأول.