المنشآت الطبية الخَاصَّـة.. بين ما أفسد الدهرُ وَتحدّيات اليوم .. بقلم/ محمد عبدالمؤمن الشامي
عندما تسيرُ في شوارع العاصمة صنعاءَ وشوارع عواصم المحافظات من المهرة إلى صعدةَ تجدُ الكثيرَ من الإعلانات واللافتات باختلاف أنواعها التي تحملُ أسماء العديد من المستشفيات الخَاصَّـة وأسماء أطباء ومراكز طبية ومختبرات طبية وعيادات الطب العام، وعيادات الاختصاص الجلدية، وعيادات أمراض النساء والولادة، والباطنية وطب الأطفال، وعيادات الأسنان والمعامل الطبية الخَاصَّـة وغيرها العديد من الكيانات الطبية الأُخْرَى، وكل يوم نسمع عن فتح منشأة طبية وتحتل هذه المنشآت الطبية الخَاصَّـة نحو 80٪ تقريباً من الطب في بلادنا.
ولكن الذي نريد أن نتعرض له هنا اليوم أن غالبية تلك المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة تعمل من دون أية معايير أَو مواصفات معتمدة من وزارة الصحة العامة والسكان، ومن دون الإجراءات المبنية المعتمدة في القانون الذي صدر قبل عشرين عام برقم (6) لسنة 1999 م بشأن المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة، والقرار رقم (269) لسنة 2004م بشأن تعديل قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (132) لسنة 2004م بشأن اللائحة التنفيذية لقانون رقم (60) لسنة 1999م بشأن المنشآت الطبية وَالصحية الخَاصَّـة، والذي ظهرت الحاجة إليه مع انتشار العديد من المراكز والمستشفيات الخَاصَّـة في عموم محافظات وتنظم عمل هذه المنشآت وكيفية تراخيصها، فحدّد القانون نُظُمَ إجراءات الترخيص لها تنظيماً دقيقاً، وَحدّد فيه المعاييرَ والمواصفاتِ التي تتضمَّنُ الكادرَ الطبي والصحي والفني وَالمعدات والأجهزة الطبية والبناء والتصميم ونظم التشغيل ولكل منشأة طبية معايير ومواصفات بحسب التخصصات التي يتم تقديمها للموافقة عليها، وكما أن القانون عالج في المادة (37) المنشآت الطبية الخَاصَّـة التي تعمل قبل سنوات على إصدار هذا القانون وَان على المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة القائمة والمشمولة بأحكام هذا القانون تعديل أوضـاعها بما يتفق مع أحكام هذا القانون فنياً خلال سنة وهندسياً خلال ثلاث سنوات من تأريخ صدوره.
ولكن الواقع المؤلم اليوم هي استمرار تلك المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة منذ عشرين عاماً بدون رقيب ولا حسيب من دون أية معايير أَو مواصفات معتمدة من قبل السلطات المعنية وزارة الصحة العامة والسكان وأجهزة السلطة المحلية فهذه المنشآت لا تقدم رعاية صحية متكاملة على الرغم من أسعارها المرتفعة وخدمات طبية رديئة، وأخطاء طبية ومن دون أية إجراءات عقابية على الرغم كمان أن غالبية الأطباء العاملين بالمنشآت الطبية والصحية الحكومية انتقلوا إلى تلك المنشآت الخَاصَّـة، فمُلاك هذه المنشآت الطبية الخَاصَّـة هم أصحاب رؤوس الأموال وتجار ليس لهم أية علاقة بمهنة الطب، هم الوحيد كسب الأموال وَهذا كله نتيجة لعدم وجود الرقابة وتغول التجار واستهتارهم بحياة الناس.
ختاماً أخلص إلى بعض التوصيات التي أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار من قيادة وزارة الصحة العامة والسكان، وذلك بغرض الحد أَو تقليل معاناة المرضى في بلادنا:-
1- العمل على توسيع صلاحيات واختصاص ديوان وزارة الصحة والسكان بالرقابة ومنح التراخيص لمنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة وسد الفراغ التشريعي الموجود حالياً بين ديوان الوزارة والمجالس المحلية في العاصمة والمحافظات، وتحديث قانون المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة برقم (6) لسنة 1999 م من أجل مواكبة التطورات وَالتصنيفات الدولية للمنشآت الطبية، وفق معايير وطنية وعالمية واضحة من ناحية تقديم الخدمات، وجودة وكفاية الكادر الطبي. فلا يمكن لأي قانون في هذا العالم أن يبقى على حاله إلى ما لا نهاية.
2- العمل على تقييم المنشآت الطبية والصحية الخَاصَّـة تقييم واسعة تشمل الكادر الطبي وَالصحي والفني والمباني والأجهزة والمعدات الطبية، للتحقُّق من إمكانية تقديمها خدمات طبية متكاملة للمرضى ومن أجل التأكّــــد بالتزام تلك المنشآت بالشروط المنصوص عليها في قانون فتح المنشآت الطبية الخَاصَّـة والقرارات واللوائح الوزارية الصادرة من ديوان الوزارة.