منظمة العفو الدولية:السعودية اعتمدت قراراً للتحقيق في جرائم الحرب واستثنت “جرائم العدوان”
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
جددت منظمة العفو الدولية اتهاماتها المدعمة بالأدلة والموجهة لدول العدوان على اليمن وفي مقدمتها السعودية بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية واستخدام الأسلحة المحرمة دولية بشكل عشوائي استهدف المدنيين.
منذ بداية العدوان أصدرت المنظمة تقارير أعدتها فرق ميدانية في صعدة وحجة وغيرهما اثبتت فيها استخدام العدوان السعودي للصواريخ والقنابل العنقودية المحرمة وأكدت أنه جرى استخدامها بشكل عشوائي على مناطق سكنية في قرى ومديريات حجة وصعدة وأجرت عدة لقاءات مع الضحايا وذويهم.
مؤخرا جنى النظام السعودي أولى ثمار شرائه لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وسحب مشروع القرار الهولندي للتحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبت باليمن.
ولم يكتفي النظام السعودي بسحب القرار الهولندي بل وضع قراراً اعدته السعودية بموجبه يتجنب النظام السعودي أي تحقيق بجرائمه في اليمن.
تلك الخطوة وصفتها منظمة العفو الدولية بـ”اليوم المظلم” في تقريرها الأخير مطلع الشهر الحالي معتبرة أن الأمم المتحدة عبر مجلس حقوق الإنسان فشلت في فتح تحقيق دولي في انتهاكات القانون الدولي والإنساني والأخلاقي التي ارتكبت في اليمن.
- النظام السعودي في اليوم المظلم..القاضي والجلاد
أن تقوم السعودية بسحب قرار دولي للتحقيق بجرائم الحرب في اليمن مستخدمة رئاستها لمجلس حقوق الإنسان ووضعها لقرار آخر وهي طرف في الحرب بل من يقودها ويستثني ذلك التقرير جرائمها في اليمن فهي بذلك تكون الجلاد الذي نصب نفسه ليكون قاضياً يحاكم ضحاياه.
كان ذلك ما أرادت منظمة العفو الدولية أن تقوله وإن بصياغة أخرى قالت فيها أن مجلس حقوق الإنسان اعتمد “قراراً تقدمت به المملكة العربية السعودية نيابة عن الدول العربية المعنية بالصراع وحكومة عبد ربه منصور هادي اليمنية، وتغاضى عن إنشاء آلية دولية للتحقيق في هذه الانتهاكات والخروقات من قبل أطراف النزاع”.
من جانبه قال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في المنظمة جيمس لينتش أن القرار “يعكس الفشل المروع لمجلس حقوق الإنسان في الوفاء بالتزاماته لضمان العدالة والمساءلة، ويبعث برسالة مفادها أن المجتمع الدولي غير جاد في إنهاء معاناة المدنيين في اليمن لأن القرار تمت صياغته من قبل المملكة العربية السعودية، التي تقود التحالف العسكري الذي قام بنفسه بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي في اليمن، بوجود أدلة تشير إلى جرائم حرب.”
- النظام السعودي يريد تحقيقاً في جرائم حرب أخرى لم تحدث
القرار الدولي الذي تمكن اللوبي السعودي من سحبه كان يقضي بالتحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن من جميع الأطراف لكن النظام السعودي سحب القرار ووضع قراراً آخر يستثني العدوان الذي هو أساس الصراع في اليمن وهو بذلك كمن يريد أن يحقق في جرائم حرب مفترضة لم تحدث في خطوة توضح الصورة الحالية للمجتمع الدولي والمنظمة الأممية التي خرجت عن سياق مناصرة الأمم والشعوب إلى مناصرة الأنظمة التي تمنحها الأموال.
تقول منظمة العفو في التقرير نفسه أن القرار الذي اعتمدته السعودية عبر مجلس حقوق الإنسان لا يتضمن “أية إشارة إلى قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية، كما لم يذكر صراحة الحملة العسكرية الجارية للتحالف ضد اليمن. ويطلب من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان مساعدة لجنة وطنية لتقصي الحقائق أنشئت من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمدعومة من المملكة العربية السعودية.”
وكانت الخطوة التي أقدمت عليها الأمم المتحدة قد أثارت انتقادات حادة بإسنادها رئاسة لجنة الخبراء بمجلس حقوق الانسان إلى السعودية وتعيين سفير الرياض فيصل طراد رئيسا لها.
مراسلون بلا حدود كانت أول المتقدين ووصفت الخطوة بالأممية بالعمل البشع فيما قالت زوجة الناشط السعودي والمعتقل رائف بدوي أن تسليم لجنة الخبراء للسعودية يعد عملاً مشيناً.
فيما اعتبرت منظمة يو ان ووتش الدولية أن تسليم رئاسة لجنة الخبراء بمجلس حقوق الانسان للسعودية يعطيها دورا كبيرا في اختيار الخبراء الذين يتقدمون للعمل كخبراء في المجلس.
ولم تتوقف ردود الأفعال من قبل المنظمات والنشطاء التي استنكرت هذه الخطوة ورفضتها غير أن مصادر دبلوماسية كشفت أن السعودية دفعت أموالاً طائلة في سبيل الحصول على المنصب لمواجهة المحاولات التي تسعى لأجراء تحقيقات في جرائم حرب سعودية باليمن.
وأضافت المصادر ان السعودية دفعت رشاوي بملايين الدولارات لمسؤولين في الأمم المتحدة للحصول على المنصب مع تزايد الأصوات المطالبة بإجراء تحقيقات دولية حول جرائم الحرب والحصار على اليمن.
- حكومة هادي لا تملك سيطرة فعلية وفشلت في إطلاق تحقيقات جادة
ليست أروقة السياسة فقط من يمتلك قناعة بتبعية حكومة هادي للنظام السعودي أو معرفة أنها لا تملك أي تواجد فعلي على الأرض ناهيك على قدرتها على فرض سيطرتها على مساحة ولو صغيرة في اليمن، تلك القناعات انتقلت إلى الأروقة الحقوقية التي اكتشفت أن عملها لا يمكن أن يستفيد من تواجد تلك الحكومة.
وبالعودة لنائب رئيس برنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو فيقول “لقد فشلت الحكومة اليمنية حتى الآن في إطلاق تحقيقات ذات مصداقية في مزاعم الفظائع التي ارتكبها جميع أطراف النزاع، بما فيها هذه الحكومة نفسها، التي لا تملك السيطرة الفعلية على أجزاء كبيرة من البلاد.”
ويضيف أنه و “لسوء الحظ، فإن إخفاقات السلطات اليمنية السابقة لا تبشر بالخير فيما يتعلق بقدرتها على مساءلة الجناة، وتقديم تعويضات كافية للضحايا وأسرهم، وضمان تقيد قوات الأمن اليمنية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.فمنذ بدء النزاع، ساد جو من الإفلات من العقاب على انتهاكات القانون الإنساني الدولي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان فاستمرت دون رادع. وإحلال المساءلة محل الإفلات من العقاب أمر حاسم لمنع مثل هذه الجرائم من أن تصبح أكثر انتشاراً ورسوخاً”.
- آلاف الضحايا قتل العدوان معظمهم بدعم أمريكي
لم تكن منظمة العفو متحاملة على النظام السعودي فقد تركزت مطالباتها على فتح تحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن من قبل جميع الأطراف لكن معرفة النظام السعودي بحجم جرائمه هي التي دفعته لدفع الأموال وحشد الدول لمنع ذلك.
وقالت المنظمة في تقريرها أن أكثر من 2,300مدني، بينهم 400 طفل على الأقل، لقوا حتفهم في الصراع. وأنها قامت بتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
وتابعت المنظمة تقريرها بالقول “إن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين قد كانت ضحية هجمات التحالف الذي تقوده السعودية، المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.”
وختمت المنظمة تقريرها بإشارة رأت أنه من اللازم توضيحها وهي “أن قوات التحالف (العدوان) قد استخدمت أيضاً الذخائر العنقودية المحظورة والعشوائية بطبيعتها، والتي تبين أنها من صنع أو تصميم الولايات المتحدة الأمريكية”. واختتمت أنه “وعبر اليمن، ثمة أزمة إنسانية حادة تتصاعد، نجم عنها تشريد ما يقرب من 1.5 مليون شخص من منازلهم.”