السيد عبدالملك الحوثي في محاضرته الرمضانية الخامسة تحدث عن: مراحل الحساب والجزاء والقيامة وفق ما عرضها القرآن الكريم
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.
وارْضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
وَتقبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمال، اللهم اهدِنا وتقبَّلْ منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتُبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
وصلنا في محاضرةِ الأمسِ في الحديثِ عن اليومِ العظيمِ عن يومِ القيامةِ عن يومِ الحسابِ والسؤالِ والجزاءِ وعن ما ورد في بعضِ الآياتِ المباركةِ الآياتِ القُــرْآنيةِ الكريمةِ مِن مشاهدَ تحدثت عن ذلك اليومِ العظيم في بدايته وعندما ينفخُ اللهُ في الصورِ تأتي الصيحةُ الأولى لتدمير هذا العالم بشكلٍ كليِّ ولفناءِ مَن بقي على قيد الحياة من البشرية وغيرها حينئذ والهول العظيم عندما تأتي الساعة لا يمكن أن يتصورَه الإنْسَــانُ ويستوعبَه بمستواه وبحقيقته إنما قدّم القُــرْآن الكريم صورةً للإنْسَــان وعن مدى الذهول الذي يصيبُ كُـــلَّ الذين هم آن ذاك على قيد الحياة عندما قال الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- في كتابه الكريم (يَومَ تَرَونَها) يعني الساعة هذه الزلزال العظيم عندما تأتي الساعة (يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى)، هذه الحالةُ من الذهول والرهبة والفزع والجزع والدهشة التي تصيبُ الناسَ وهم يرَون هذه الأرض تتزلزلُ على نحو لم يسبق له مثيلٌ زلزالاً سبب لهم الفناء هلكوا منه وانتهت الحياة البشرية على الأرض بالكامل.
اللهُ -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- حذّرنا وأنذرنا لنحسبَ حسابَ هذا اليوم الآتي الذي لا ريبَ فيه والذي أصبح قريباً أَكْثَــرَ من أي وقت مضى، البشريةُ اقتربت من هذا اليوم على نحو لم يسبق له في ما مضى من الأمم الماضية والعصور السالفة والله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- قال: (اقتربت الساعة) قال -جَـــلَّ شَأْنُــهُ-: (اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم) وكُلُّ يوم من أَيَّــام هذه الحياة ينقضي نحنُ نقتربُ أَكْثَــرَ وأَكْثَــرَ من هذه اللحظة الرهيبة من هذا اليوم العظيم، والحالةُ التي يكونُ الإنْسَــان فيها منذُ الموت وكما سبق كُـــلّ إنْسَــان حياتُه محدودةٌ ومؤقتة وتنتهي بالموت لكن منذ الموت إلى قيام الساعة هي مرحلةٌ تمُرُّ بالنسبة للإنْسَــان بشكلٍ سريع أول ما يبعث هو يستقل جِــدًّا تلك الفترة التي أمضاها منذ موته إلى قيام الساعة وهذا ما تحدثت عنه الآيات القُــرْآنية التي سنقرأ بعض منها.
هولُ الساعة الذي يدمّـــرُ هذا العالم بكله ويدمّـــرُ الأرضَ تدميراً كُليًّا ينسفُ جبالَها ويسجُرُ ويبخر مياهَها وبحارَها ومحيطاتها ويسوّي الأرضَ على نحو تام لا يبقى فيها أيُّ عوج ولا أية منخفضات ولا مرتفعات، لا منخفضات ولا مرتفعات (فَيَذَرُها قاعًا صَفصَفًا لا تَرى فيها عِوَجًا وَلا أَمتًا)، يعني يتبدل هذا العالم تتبدل الأرض تتبدل السماوات كما قال الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- (يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ، وَبَرَزوا لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ) وهذه الحالة من تدمير الأرض وتسويتها إلى ساحة مستوية تماما لتؤدي دورا آخرا ووظيفة أُخْـــرَى، هي في البداية كانت عالما لنعيش فيه كبشر مهيئة لنعيش فيها ولكل أسباب معيشتنا أما بعد القيامة فلها وظيفةٌ أُخْـــرَى محدودة ومؤقتة جِــدًّا الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- يبعَثُ الخلائقَ ما بعد قيام الساعة وتدمير هذا العالم وتدمير الأرض وفناء كُـــلِّ مَن كانوا لا يزالون على قيد الحياة، ينفخُ في الصور مرةً أُخْـــرَى وتأتي الصيحةُ أُخْـــرَى صيحةً واحدةً، صيحة واحدة فيبعثُ اللهُ البشرَ من جديد ويبعَثُ الخلائقَ من جديد ويعيد إليهم الحياة.
مشهدُ البعث تحدثت عنه آياتٌ قرآنية مثل قول الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-: (يَومَ تَشَقَّقُ الأَرضُ عَنهُم سِراعًا، ذلِكَ حَشرٌ عَلَينا يَسيرٌ) (وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَإِذا هُم مِنَ الأَجداثِ إِلى رَبِّهِم يَنسِلونَ)، يقول أَيْــضاً في آية أُخْـــرَى (يَخرُجونَ مِنَ الأَجداثِ كَأَنَّهُم جَرادٌ مُنتَشِرٌ)، هذه حالةُ البعث السريعة جِــدًّا التي يبعثُ اللهُ فيها البشرَ فيخرجون من بطن الأرض فيخرجون من التربة وبشكل سريعٍ سِراعاً تشققُ الأرضُ عنهم، سِراعاً فيخرجون يخرجون من الأجداث كأنهم جرادٌ منتشر بكثرة كبيرة كُـــلّ البشر يبعثون ويخرجون فعندما يخرجون وبعد عملية الحياة والبعث يقول الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- عنهم (مُهطِعينَ إِلَى الدّاعِ).
بعدَ عملية البعث وعودة الحياة والخروج من الأجداث ومن التُّربة ومن القبور من الأرض نفسها، تأتي العمليةُ الرئيسيةُ للحشر والحساب التي هي عمليةُ تجميع البشر وتنظيمهم لعملية الحساب والقضاء فيما بينهم، الحسابُ على أعمالهم والمساءلةُ على أعمالهم وإثبات المِـلَـفَّات المتعلقة بأعمالهم وتصرفاتهم في هذه الحياة والقضاء فيما بينهم، فيما بينهم من مظالم فيما بينهم من نزاعات واختلافات وخصومات يقضي اللهُ بينهم.
ثم بعدَ ذلك عمليةُ الانتقال من على الأرض بالكامل الانتقال إلى عالَم الجزاء عالم الجنة وعالم النار؛ ولذلك بعد البعث مباشرةً هناك عمليةُ تنظيم، تنظيم لهم وتجميع؛ ولهذا قال الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- عن هذه الحالة (مُهطِعينَ إِلَى الدّاعِ)، وطَبْعاً حالةُ الذهول بعد البعث والتفاجؤ بتلك اللحظة بالذات مَن كانوا مكذبين بها ولا يحسبون حسابها، (يَا وَيلَنا مَن بَعَثَنا مِن مَرقَدِنا، هذا ما وَعَدَ الرَّحمنُ وَصَدَقَ المُرسَلونَ)، والإنْسَــانُ في تلك اللحظة يستقلُّ كُـــلَّ ماضي حياته في الدنيا الحال التي عاشها الإنْسَــانُ في الدنيا عبّر القُــرْآن الكريم عن استقلالِ الناس لهذه الحالة كأنهم لم يلبثوا إلا ساعةً من النهار، يتعارفون بينهم كأن مرحلةَ الحياة في الدنيا هذه لم تكن إلا ساعة واحدة وكأنها كانت عبارةً عن ساعة يتعارَفُ فيها الكل ثم انتهت وانقضت، والمرحلةُ من بعدِ الموت إلى يوم الحساب كذلك يستقلها الإنْسَــان جِــدًّا يستقلُّها الإنْسَــانُ وكأنها كانت كذلك ساعة، يوم، بعض يوم، بحسب التقديرات المختلفة، (وَيَومَ تَقومُ السّاعَةُ يُقسِمُ المُجرِمونَ ما لَبِثوا غَيرَ ساعَةٍ) (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ)، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا)، (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ)، تختلفُ وتتفاوتُ التقديراتُ، قد يقولُ أمثلُهم طريقةً إن لبثتم إلا عشراً أو إلا يَوْماً، البعضُ يُقَدِّرُ عشرة أَيَّــام، البعضُ يُقَدِّرُ يَوْماً، البعضُ يُقَدِّرُ بعضَ يوم، البعض يُقَدِّرُ، تختلفُ التقديراتُ فيما بينهم، أَكْبَــرُ التقديرات للبعض يقولُ عشرة أَيَّــام، البعض يقول بعض يوم، البعضُ يقولُ يَوْماً، البعض يقول ساعة واحدة، يستقل الناسُ ذلك الماضي يصبحُ قليلا جِــدًّا وقد بعثوا لحياة أبدية لا حساب فيها للزمن ولا تقدير فيها للأعمال حياة أبدية (مُهطِعينَ إِلَى الدّاعِ) (يَومَئِذٍ يَتَّبِعونَ الدّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ) استجابة تامة وانقياد وخضوع تام ما هناك أحد كما في الدنيا يعصي يتمرد يتعنت على الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، لا، الداعي الذي يدعوهم وينظمهم يستجيبون له بشكل تام وبشكل سريع وبدون تردّد وبخشوعٍ تامٍّ، والمقامُ آن ذاك مقامُ خشوع وخضوع واستشعار لعظمة الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- واستشعار لجلال الموقف (وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا) بالرغم من كثرة الخلائق من كثرة الناس وقد حشر الجميع ولكن هناك خضوع ورهبة وإجلال للموقف لدرجة الخشوع هذا أنك لا تسمعُ إلا الهمسَ ما هناك صياحٌ ما هناك أصواتٌ مرتفعة ما هناك حنجرات تصدَحُ بكل قوةٍ ما هناك أحد يتكلم بصوت رفيع لا الكل في حالة تامة من الخشوع الخضوع وإذا تكلموا فيما بينهم يتكلمون بالهمس والصوت المنخفض جِــدًّا، حالة مهيبة جِــدًّا، حالة مهيبة جِــدًّا وصولا إلى الصمت الكلي في مرحلة من مراحل الحساب يصمت الجميع (يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ) يصمتُ الجميعُ لا يتكلمُ أحدٌ إلا بإذن وتأتي عمليةُ التنظيم للحساب، يقول الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- (وَيَومَ نُسَيِّرُ الجِبالَ وَتَرَى الأَرضَ بارِزَة)، مستوية لم يعد فيها لا جبال ولا موانع ولا حواجز ولا أي شيء، (وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أَحَدًا وَعُرِضوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَد جِئتُمونا كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ).
تبدأ عمليةُ العرض على الله -جَـــلَّ شَأْنُــهُ-، العرضُ في مقام الحساب والتنظيم بشكل صَــفٍّ مستوٍ يصفُّ الناسُ يصفون ويقفون في مقام الحساب للعرض أمام الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- ومقام عظيم ومهيب جِــدًّا مهيب للغاية، الإنْسَــانُ في مواقف الحساب وهي مواقفُ متعددةٌ ومراحلُ متعددةٌ ما بعد البعث والنشر ما بعد عملية التجميع للحساب ما بين الترتيبات الأولية لعملية الحساب ما بين وفي بدايتها قدوم الملائكة بأعداد هائلة جِــدًّا قدومهم ونزولهم إلى ساحة المحشر مرحلة مهيبة جِــدًّا والاستحضار والاستشعار للقرب من الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- ولحضوره على نحو غير مسبوق (كَلَّا اِذَا دُكَّتِ الْاَرْضُ دَكًّا دَكًّا* وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)، لحظة مهيبة، اللحظةُ التي يستشعر فيها البشرُ قُربَ الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- والقربَ من الله والحضورَ الإلهي، يستشعرون هذا على نحو لم يسبقْ لهم أن استشعروه أَبْــدًا ومجيءُ الأفواج الهائلة والأعداد الكبيرة من الملائكة وحضورُهم إلى ساحة المحشر والشاهدة لهم، الإنْسَــانُ يشاهدُ الملائكةَ وهم آتون، والمجيءُ بالعرش الذي سيكونُ بمثابة القِبلة والمقر لكبار الملائكة ولإدارة عملية الحساب، أمرٌ هائلٌ جِــدًّا وأمرٌ رهيبٌ للغاية، أَيْــضاً لحظةٌ من اللحظات الرهيبة في ساحة المحشر والمهيبة جِــدًّا هي مجيءُ جهنم، هذه لحظةٌ رهيبةٌ جِــدًّا ومهيبةٌ للغاية، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ)، وفي آية أُخْـــرَى كذلك يقول: (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى)، لمن يرى، لحظة مهيبة جِــدًّا؛ لأَنَّ جهنم هي عبارة عن عالم، عالم كبير جِــدًّا، والمجيء بها والتقريب لها حتى تشاهدَ من ساحة المحشر يشاهدها البشر.
عندما تأتي كُـــلُّ هذه الترتيبات والإجراءات والحضور الهائل للملائكة والانتشار الواسع لهم في ساحة المحشر ثم التقريب لعالم جنهمَ حتى تُشاهَدَ من على ساحة المحشر ويراها البشر، في تلك اللحظات أَكْثَــر ما يركزُ عليه الإنْسَــانُ ويدركُ أهميتَه وحساسيتَه هو ماذا؟ العمل، العمل وما أدراك ما العمل، (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَن يَرَى)، في تلك اللحظة الإنْسَــانُ يتذكّرُ عملَه (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ، يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى)، حتى أولئك الذين عاشوا في هذه الحياة حالةَ الغفلة والتجاهُل واللامبالاة، والبعضُ إلى درجة التكبر، والنُّكران لهذه الحقائق، والجُرأة الشديدة على إنكارها، في تلك اللحظات خلاص، لا مجالَ للإنكار، يَتَذَكَّــرُ الإنْسَــانُ ينتبِهُ، ويدركُ أهميّةَ العمل، الإنْسَــانُ في تلك الحالة (يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ مَا سَعَى)، يَتَذَكَّــرُ أعمالَه التي قد عملها في هذه الحياة، في نفس الوقت يَتَذَكَّــرُ تقصيرَه يتذكَّرُ أهميّةَ الأعمال ذات القيمة العظيمة للنجاة والفوز والتي لم يتفاعل معها حينما عُرضت عليه في الدنيا، حينما عُرضت عليه في حياته، حينما كانت تتلى عليه آياتُ الله وفيها الإرشاد من الله إلى تلك الأعمال العظيمة التي فيها نجاتُه وفوزُه، الوعدُ عليها بالجنة والفوز والرضوان، والتفريطُ فيها يسبِّبُ للإنْسَــان الخسارةَ والوصولَ إلى جنهمَ؛ لذلك ماذا سيقولُ الإنْسَــانُ في تلك اللحظة، ترى الملائكة وقد احتشدت بالمليارات وانتشرت بشكل كبير يرى ترتيبات وإجراءات الحساب والمساءلة، يرى جنهمَ وقد اقتربت كعالم رهيب وهائل كله عذاب وكله نيران مستعرة، (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)، يتمنى وهو يتحسرُ تحسراً شديداً وما من فرصة آنذاك، ما من فرصة لأي عمل يعملُه الإنْسَــانُ، لا للخلاص مما قد تورط فيه في حياته في الدنيا، ولا لتدارك ما فات بعمل يقرِّبُه إلى الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- ويكسب به مرضاته والنجاة من عذابه.
(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي)، كُـــلُّ هذه التفاصيل التي عرضها القُــرْآنُ الكريمُ عن مراحل الحساب والجزاء والقيامة والتفاصيل المتعلقة بالجنة والتفاصيل المتعلقة بعذابِ الله في النار، كُـــلُّ تلك التفاصيل التي عرضها لنا القُــرْآنُ الكريمُ لنتذكّرَ هنا، لنتأثرَ هنا لنستفيدَ هنا، لنتداركَ هنا، وأمامنا الفرصةُ لا نفوِّتُ هذه الفرصةَ، هذه الحالةُ المهمةُ والرهيبة التي يَتَذَكَّــرُ الإنْسَــان فيها العملَ يوم يَتَذَكَّــرُ الإنْسَــان ما سعى، الإنْسَــان في تلك الحالة (يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ) ولا مفرَّ، ولا مهربَ (يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ)، ليس هناك من ملجأَ ولا منجى ولا مكانَ للاختباء فيه، ولا للتملُّص والتهرُّب من المحاسبة أمام الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، في تلك اللحظات الرهيبة والهائلة جِــدًّا تأتي مرحلةُ الحساب، تبدأ عمليةُ الحساب بتوزيع الصحف، ويؤتى كُـــلُّ إنْسَــان كتابَه (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا)، لكل إنْسَــان صحيفةُ أعماله، هذا الكتابُ هو الصحيفةُ لعمل الإنْسَــان موثَّقٌ فيه ما عمله هذا الإنْسَــان توثيقا دقيقا لا يفوت شيئا من أعمال الإنْسَــان في الخير أو في الشر إن كان عمله عمل الشر.
الإنْسَــانُ يستلِمُ هذا الكتاب وحتى عملية التسليم هي تَــدُلُّ على محتوى هذا الكتاب وعلى مصير هذا الإنْسَــان، الإنْسَــانُ إما أن يؤتى كتابَه بيمينه وهذه بشارةٌ، بشارةٌ للإنْسَــان، والإنْسَــانُ المؤمنُ الإنْسَــانُ الفائزُ تأتيه البشارةُ والطمأنة من بعد عملية البعث مباشرةً، وفي مراحل الحساب مرحلةً مرحلةً، أما الخاسرون فلا، العكسُ من ذلك، كُـــلُّ مرحلة من تلك المراحل تأتي فيها المؤشراتُ المخيفةُ والعلاماتُ السيئة لخسارتهم وهلاكهم، وهذه أمورٌ رهيبة جِــدًّا في العرض على الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ) وتسليم الصحف والكتب (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) يسعدُ يستبشر، يعيشُ حالةً من الفرحة لم يسبقْ له أن فَرِحَ بمثلها أَبْــدًا، هذه فرحةٌ كبيرةٌ جِــدًّا سيقول هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ، هذه حالة من السرور والسعادة والابتهاج؛ لأَنَّها حالةُ اطمأن فيها إلى مستقبلِه الأبدي الذي لا نهاية له، إلى مستقبلِه الدائم، مستقبلٍ كبيرٍ وعظيم ومهم للغاية، فيقول (هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)، كنتُ أستشعِرُ هذا اليوم، كنت استشعرُ في الدنيا أنني سأحاسَبُ؛ ولذلك كنتُ أعملُ لحسابِ هذا اليوم وأحسبُ حسابَه في أعمالي لأعمل الأعمال التي فيها نجاتي وفيها فوزي وفيها رضا الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- وفيها الوصولُ إلى جنته، فرحةٌ كبيرة جِــدًّا.
لكن الإنْسَــانَ الخاسرَ والخائبَ عندما يؤتى كتابَه من وراء ظهره عندما يؤتى كتابَه من وراء ظهره ليستلمه بشماله، تكون علامة خطيرة جِــدًّا علامة للخسارة، فهو يصيح، يصيحُ (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ)، يقولُ اللهُ عما يقولونه يوم ذاك (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ)، يا ليتني لم أستلم هذا الكتاب، ويا ليتني لم أدرِ ما هو حسابي وما هو جزائي وأين هو مصيري، فحالةٌ من التحسُّرِ والعذاب النفسي لا يمكن أن نتخيلَها الإنْسَــانُ يرى أنه سيعيشُ للأبد في حالة خُسران وعذاب، كم هي حسرته، كم هي ندامته، كم هو عذابه النفسي وتحسره وهو يدركُ أنها قد أتته الفرصةُ التي كان بإمكانه أن يفوزَ بها وأن ينجوَ فيها ولكنه أضاعها وأهملها وغفل وتجاهل ولم يبالِ ولم ينتبه، لم يسمعْ لنداءات الله ولا لتوجيهاته ولا لآياته، تكبَّر واغترَّ وأعرض وتجاهل واستهتر وسخر، ولم يبالِ، حسرةٌ كبيرةٌ جِــدًّا جِدًّا، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا، وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) يندهشون، يندهِشُ الإنْسَــانُ آنئذ وحينئذ يندهش بشكل كبير؛ لأَنَّه يجدُ في صحيفة أعماله كُـــلَّ التفاصيل، كُـــلَّ التفاصيل، يندهش كيف سُجِّلَت ووُثِّقَت عليه كُـــلُّ تلك التفاصيل! (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)، تفاصيلُ كثيرةٌ وجزئياتٌ كثيرة من أعماله لم يكن يتوقع أنها ستُحصى عليه وأنه لن يفوت منها شيئاً وأنها قد وُثّقت بكلها وتوثيقاً مرئياً حتى (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى)، توثيقٌ كلي لكل أعمال الإنْسَــان وكل تصرفاته السيئة على مستوى خائنة الأعين، تلك النظرة الحرام والتي لم تدُم طويلاً، ولكنها كانت متعمدة وسُجِّلت عليه خفايا الصدور التي كانت مخبأةً تطلع، عدوات، أحقاد بغير حَـــقّ، سوء ظن بغير حَـــقٍّ، معاصي كثيرة كانت مخبأة في خفايا النفوس والصدور وظهرت (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ). حالة رهيبة جِــدًّا آنذاك حالةُ الحسرة والندم وحالةُ الخوف الشديد لكل الخاسرين وكل الخائبين وحالة الرهبة الشديدة والكرب الشديد جِــدًّا (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ)، تصلُ قلوبُهم إلى حناجرهم من شدة الرعب والفزع والخوف والرهبة وحالة رهيبة جِــدًّا وحالة مهيبة للغاية، والإنْسَــانُ فيها يتحسَّرُ ويتندَّمُ.
وتبدأُ في عملية الحساب على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي على مستوى الإنْسَــان كإنْسَــانٍ مِـلَـفَّاتُ أعماله الشخصية وتصرفاته الشخصية، مشاكله مع الآخرين والفصل فيما بينهم مع ذلك الشخص مع تلك المنطقة وهكذا، ثم المحاسبات العامة للأمم والأقوام والتوجهات، كُـــلُّ أُمَّـــة جمعتها فكرةٌ وعقيدةٌ وقضيةٌ وقيادةٌ ومنهجٌ تعتمدُ عليه كذلك يفصل ما بينها وبين تلك الأُمَّـــة الأُخْـــرَى التي اختلفت معها وتعارضت معها وتنازعت معها، ويأتي الفصلُ الإلهي بين الجميع، بين الجميع (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)، يأتي بعد الحساب الشخصي الحسابُ الجماعي ويفصِلُ الله بين العباد، في تلك الساحة، ساحة الحساب، ساحة الجزاء لا مجال للمغالطة لا يمكنُ أن يستندَ طرفٌ ما إلى ماكينة إعلامية تروِّجُ له طغيانَه وظلمَه وتبرّرُ له جرائمَه، لا، حينئذ لا ماكينة إعلامية ولا إمكانية للتزييف للحقائق ولا للخداع، الحقائقُ هي التي ستكونُ متجليةً وواضحة وظاهرة، والحَكَمُ هو الله الذي لم يخفَ عليه شيءٌ، أحاط بكل شيء علماً، والشهودُ هم الملائكةُ والوثائقُ هي الصحف التي توثقت فيها كُـــلُّ الأعمال والمواقف والتصرفات، لا مجالَ للمخادعة ولا مجالَ لتضييع الحقائق، أَبْــدًا، ويفصلُ اللهُ بين العباد، لا يستطيعُ الإنْسَــانُ أن يأتيَ مستنداً إلى قدرات إعلامية أو قدرات فكرية وثقافية أو مواهبَ معينةٍ ليغطِّيَ على الحقائق، ذلك اليومُ هو يومُ تجلِّي الحقائق وظهور الحقائق والخفايا والحساب بين البشر، هو يومُ الفصل الذي يفصلُ اللهُ فيه بين العباد؛ ولذلك من أَهَــمِّ ما في يوم القيامة هو تجلِّي العدل الإلهي، الفصلُ هناك، والفرز بين الحق والباطل بين المحقين والمبطلين بين الظالمين والمظلومين، ليست هناك أية اصطفافات وتموضعات من نوع آخر، لا أَبْــدًا، لم يعد من مجال أَبْــدًا، فرزٌ سيأتي على هذا الأساس، المؤمنُ والفاجر، البارُّ والفاجر، المطيع والعاصي، المظلوم والظالم، المحق والمبطل.
تبدأ عملية الفرز، من أَهَــمّ مواطن الانتصار والانتصار الكبير آنئذ هو للمظلومين والمؤمنين والمستجيبين لله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، والذين وقفوا في هذه الدنيا متمسكين بنهج الله ومتبعين لرسله وأنبيائه ومطيعين له -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، الذين كانوا في هذه الحياة يخشَون الله يخشَون ربهم بالغيب ويؤثرون طاعتَه وحسبوا حسابَ ذلك اليوم وتلك الوقفة أمام الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- وهم في هذه الدنيا، اللهُ -جَـــلَّ شَأْنُــهُ- قال (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) الظالمون حينئذ، الظالمون يوم ذاك، سيكونون في وضعية فظيعة ورهيبة جِــدًّا، كُـــلُّ تبريراتهم وكلُّ الأعذار التي سيحاولون أن يبرّروا بها ما فعلوه في هذه الدنيا، وقد ظلموا عبادَ الله، ظلموا مَن اتجهوا في هذه الحياة ليتمسكوا بنهج الله ليؤمنوا بالله العزيز الحميد ليتبعوا منهجه ليتمسكوا بآياته فطغى عليهم الظالمون وحاربوهم وظلموهم في هذه الحياة، لماذا؟؛ لأَنَّهم لم يخضعوا لهم لم يسيروا في صفهم لم يطيعوهم في معصية الله لم ينهجوا منهجَهم في الباطل فظلموهم، حينئذ يأتي الانتصارُ الكبيرُ (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) يلعنُهم اللهُ ويقرّرُ مصيرَهم إلى جهنمَ والعياذ بالله، حالاتُ الفرز الجماعي في ساحة المحشر هي من المراحل المهمة في يوم القيامة والتي ستظهرُ فيها أو تتجلى فيها خسارةُ أولئك الذين كانوا في هذه الدنيا في صَــفّ الباطل.
فرزٌ حتى في داخل الساحة الإسْــلَامية أو الواقع واقع المسلمين حتى في داخل الأُمَّـــة التي هي أُمَّـــةٌ محسوبةٌ على الإسْــلَام، مَن هو الصادقُ ومن هو المنافقُ، من هو الوفي مع دينه والثابت على الحق، يُفرَزُ المجرمون والمنافقون والفاسقون والفاجرون ويخرجون من داخل صَــفّ المؤمنين ويميِّزُهم اللهُ (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)، حالةٌ رهيبةٌ جِــدًّا لدرجة أن المنافقين يسعَون ويحاولون أن يعودوا إلى داخل المؤمنين ولكن تمنعهم ملائكة الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- (قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا) طردٌ، طردٌ لهم، مرحلةٌ مهمةٌ جِــدًّا هي مرحلة ما قبل المرحلة النهائية التي بعدَها تبدأُ عمليةُ الانتقال من ساحةِ الأرض إلى عالم الجزاء مَن سينتقلون إلى الجنة من سينتقلون إلى النار، ما قبل هذه المرحلة الأخيرة المحطة الأخيرة في المحشر بعد إكمال عمليةِ الحساب وبعدَ عملية التمييز والفرز والتجهيز لكل اتّجاه، مَن ستكون وجهتهم الجنة وباتوا مفروزين لوحدهم ومعزولين لوحدهم، ومن إلى جهنمَ من الكافرين والمنافقين والفاسدين والفاجرين والظالمين وباتوا كذلك مفروزين لوحدهم؛ تمهيداً وتجهيزاً لمرحلة الانتقال من ساحة المحشر إلى عالم الجزاء.
نكتفي بهذا القدرِ ونتحدَّثُ على ضوءِ بعض الآيات المباركة إنْ شاءَ اللهُ في المحاضرةِ القادمةِ عن مرحلة الانتقال وما قبل مرحلة الانتقال وعالَم الجنّة وعالم النار، عالم الجزاء.
نَسْأَلُ اللهَ سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى أَنْ يُوَفِّقَنَا وإيّاكم لما يُرضيه عنَّا.. وأَن يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفيَ جرحانا وأن يفرِّجُ عن أسرانا وأن ينصُرَ مجاهدينا بنصرِه ويثبِّتَهم ويُؤيِّدَهم.. إِنَّـهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..