حصار الدريهمي يكشف زيف الشعارات الأممية
تقرير| هاني أحمد علي:
يزدادُ الوضعُ الإنساني تعقيداً يوماً بعد يوم في الدريهمي الواقعة على بُعد نحو 20 كم من مدينة الحديدة الساحلية، بعد أن أوشك الآلافُ من أهالي المديرية على الهلاك نتيجة الحصار المفروض عليهم من قبل تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقتهما منذ ما يقارب العام، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء وأبسط مقومات العيش إليهم بما فيها المساعدات الدولية، في جريمة حرب وحشية وإبادة جماعية يقابلها صمت مريب ومخجل من الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
وفيما تواجِهُ عشراتُ الأسر بالدريهمي المَوت جراء الحصار الخانِق عليهم، وانعدام الغِذاء والدواء بشكل كلي في ظل انتشار للأمراض والأوبئة، فقد دفع ذلك وزارة الصحة العامة، أمس الأول الخميس، إلى إطلاق نداء استغاثة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومناشدة الضمير العالمي بالتدخل الفوري لإنقاذ حياة من تبقى من سكان مديرية الدريهمي، وذلك بعد يوم واحد وفاة خمسة مرضى (رجل وأربع نساء) من ذوي الأمراض المزمنة لعدم توفر الأدوية الضرورية ومنع تحالف العدوان دخول أية أدوية إلى المدينة ورفضها أيضاً خروج أي مريض للحصول على العلاج داخلَ مستشفيات مدينة الحديدة.
السلطةُ المحليةُ تندّد بتخاذل الأمم المتحدة وتهدّد بالتدخل
وحولَ المأساة الإنسانية التي يعيشها أهالي الدريهمي المحاصَرين منذ ما يقارب 10 أشهر، أشار الأُستاذُ عبدالجبار أحمد – وكيل محافظة الحديدة، إلى ما يتعرضُ له أبناء المديرية من حصار ظالم وقتل جماعي على أيدي تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقتهما على مدى عام، بعد أن منع دخول المياه والأغذية والأدوية للأهالي، معرضاً حياتهم جميعاً للهلاك على مرأى ومسمع العالم.
وقال وكيل محافظة الحديدة في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” مساء، أمس الجمعة: إن السلطةَ المحليةَ بالمحافظة تحاول وبصورة مستمرّة إدخال المساعدات الغذائية إلى مديرية الدريهمي إلا أن تعنت العدوان ومرتزِقته يحولُ دون ذلك، مبيناً أنه تم تجهيز قافلة غذائية مكونة من المواد الضرورية والأساسية ومياه الشرب وأصناف مختلفة من الأدوية الضرورية للمواطنين من أجل إدخالها إلى المديرية المحاصرة عبرَ رئيس بعثة التنسيق الأممي مايكل لوليسغارد، إلا أنه رفض التعاطي مع الموضوع واستقبال تلك القافلة، ما تسبب في وفاة خمسة مواطنين مرضى لعدم توفر الأدوية الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة.
وأوضح الوكيل عبدالجبار أحمد، أن قيادة السلطة المحلية رفعت مذكرةً رسمية إلى الأمم المتحدة حول ما يتعرض له أبناء الدريهمي من حصار دوائي وغذائي وقتل يومي عبر قذائف المدفعية والأسلحة الرشاشة في خروقات متواصلة لاتّفاق السويد، لافتاً إلى أن الأممَ المتحدة موقفها سلبي جداً ولم تحَــرّك أي ساكن تجاه الحصار القاتل لسكان الدريهمي من قبل تحالف العدوان ولم تقم بواجبها المناط بها.
وأكّــد وكيل محافظة الحديدة الحرص الشديد على إنجاح اتّفاقية السويد رغم الخروقات اليومية المتواصلة لقوى العدوان ومرتزِقته في الحديدة الهادفة إلى إفشال الاتّفاق منذ الوهلة الأولى، مشيراً إلى أنه وفي حال لم تستجب الأمم المتحدة لنداءات واستغاثات الأطفال والنساء وكبار السن المحاصرين في الدريهمي، وعدم تدخلها بإلزام تحالف العدوان فك الحصار عن المديرية، فإن قيادةَ السلطة المحلية بالحديدة ستتخذ خطواتٍ أُخْــرَى لفك الحصار عن أبناء الدريهمي منها الحلُّ العسكريّ الذي تمتنعُ قيادةُ المحافظة اللجوءَ إليه حتى اللحظة؛ حرصاً على إنجاح اتّفاقية مشاورات السويد.
حصارُ الدريهمي والموقفُ الأممي
إلى ذلك، جدد المكتبُ السياسيّ لأنصار الله استنكارَه ورفضه لما تتعرض له منطقة الدريهمي في محافظة الحديدة من حصار جائر من قبل تحالف العدوان ومرتزِقتهم منذ ما يقارب العام.
وعبّر سياسيُّ أنصار الله في بيان، أمس، عن أسفه للصمت المخزي الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه هذه المأساة الإنسانية بحق المدنيين في منطقة الدريهمي، مؤكّــداً أن الصمتَ عن حصار الدريهمي يكشف للشعب اليمني وللعالم زيف الشعارات التي ترفعها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية التي تعمل باسم الإنسانية وحقوق الإنسان.
وطالب المكتبُ السياسيّ لأنصار الله الأممَ المتحدة بتحمل مسئولياتها في الضغط على تحالف العدوان لفك الحصار ورفع العدوان عن منطقة الدريهمي وأهلها المظلومين الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية وصلت ببعضهم إلى الموت؛ بسَببِ الجوع والمرض في ظل الحصار المطبق فضلاً عن الاستهداف والقتل اليومي والمباشر بمختلف أنواع الأسلحة، كما طالب المنظمات الإنسانية المحلية والعربية والدولية بالتحَــرّك الإنساني للضغط على دول العدوان ومرتزِقتهم لرفع هذا الحصار والتحَــرّك لمحاكمة المتورطين فيه؛ باعتبَارِه جريمةَ حرب ضد الإنسانية.
الصحة تندّد بالحصار ووفاة أبناء الدريهمي المرضى
بدورها، قالت وزارة الصحة العامة: إن تحالف العدوان يمنع كُــــلّ مقومات الحياة من غذاء ودواء ومستلزمات طبية وغير ذلك على سكان مدينة الدريهمي.
وَأَشَارَ بيان صادر عن الوزارة إلى وفاة المواطن قاسم صغير قاسم ووفاة ثلاث نساء أُخريات وهن “سلامة علي بهيدر شجيني وسعيدة حسن سعيد وفاطمة عجيلي” وكلهم من أبناء المدينة؛ بسَببِ انقطاع الدواء الخاص بهم وعجزهم عن الحصول على دواء أَو الخروج من المدينة إلى أقرب مركز صحي يقدم الخدمات العلاجية؛ كَون العدوان يستهدف أي شيء يتحَــرّك خروجاً ودخولاً إلى الدريهمي، ضارباً بكل الاتّفاقيات التي أبرمت في السويد عرض الحائط، مستمرًّا في خروقاته وانتهاكاته للمواثيق الدولية والإنسانية والدينية.
وأوضح البيان أن جريمة وفاة مرضى بالدريهمي جراء انعدام الدواء لا تقل قبحاً ووحشية عن القتل المباشر للطيران خَاصَّة وجرائم الحصار الخانق يؤدي إلى الموت ببطء سواء بانعدام الغذاء أَو الدواء والرعاية الصحية المناسبة كما هو الحال في هذه الحالات التي توفت اليوم بعد صراع طويل مع المرض وانعدام الدواء الخاص بهم، محملاً النظام السعوديّ والإماراتي وكل من تحالف معهما وساندهما وأيدهما وأرسل إليهما السلاح وأيدهما في المحافل الدولية كبريطانيا وأمريكا كُــــلّ المسئولية القانونية والإنسانية عن هذه الجريمة، مؤكّــداً أن اليمن يمتلك الحق في ملاحقتهم جميعاً بالمحاكم الجنائية المحلية وَالدولية طال الوقت أَو قَصُرَ.
واستغربت وزارةُ الصحة السلبيةَ المفرطة التي تتعامل بها الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن ورؤساء لجان التهدئة في الساحل الغربي أمام جريمة حصار الدريهمي الذي طال منذ أَكْثَــرَ من 9 أشهر، مبينة أنه تمت مطالبتُهم أَكْثَــرَ من مرة بإرسال المساعدات الغذائية والدوائية أَو رفع الحصار ولكن لم تجد أي تحَــرّك تجاه هذه الكارثة الإنسانية، ولم تلتفت إلى التحذيرات بحدوث كارثة فحصلت اليوم أمام مرأى الجميع.
منظماتٌ دولية تدق ناقوس الخطر
هذا وكان مجلسُ جنيف للحقوق والحريات قد طالب الشهر الماضي بتحَــرّك دولي عاجل وفوري لإنهاء معاناة المدنيين في الدريهمي الذين يدفعون ثمنًا باهظًا جراء هذا الحصار، مشيراً إلى أن نحو سبعة آلاف مدني يُعانون منذ أَكْثَــرَ من عشرة أشهر من حصار خانق يفرضه تحالف العدوان على المديرية.
وأوضحت المنظمةُ الدوليةُ أن الحصارَ يطالُ تدفُّقَ الغذاء والوقود والدواء، في مخالفة جسيمة للقانون الدولي الإنساني، حَيْــثُ تعاني عشراتُ الأُسر بالمنطقة خطر الموت جراء الحصار في ظل نقص الغِذاء وانعدام الدواء وما يسببه ذلك من انتشار للأمراض والأوبئة، موضحة أن العدوان السعوديّ لم يترك أية ممرات آمنة للسكان المدنيين في الدريهمي للخروج من ديارهم، ولم تكتفِ بذلك بل تقوم بالقصف العشوائي عبر طائراته بالصواريخ والقنابل، وكذا القصف المدفعي لميليشياته ومرتزِقته على المنطقة.
وأكّــد مجلس جنيف للحقوق والحريات أن انتهاكات تحالف العدوان بحصار قرى ومنازل سكنية في الدريهمي وفرض قيود على المساعدات الإنسانية تمثل تجاهلًا لمعاناة السكان المدنيين وانتهاكاً للحظر على استخدام التجويع كوسيلة حرب بما يرتقي لجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، داعياً إلى إنهاء حصار مديرية الدريهمي فورًا والسماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة للمدنيين المحتاجين إليها، وعدم التدخل التعسفي بها والتسبب عمدًا في معاناة السكان من الجوع، ولا سيما عبر حرمانهم من مصادر الغذاء أَو الإمدادات.