صدقٌ من طرف واحد .. بقلم/ علي الزهري
انتصارٌ جديدٌ للقيم حقّـــقه اليمنُ الكبيرُ تمثل في إعادة الانتشارِ والتموضع للجيش واللجان الشعبية من طرف واحد، وتسليم موانئ الحديدة لقُـــوَّات خفر السواحل المتواجدة منذ العام 2003، في خطوةٍ إضافيةٍ للحرص على تحقيق السلام العادل والمشرّف، والتأكيد على تمسّك القيادة والشعب بكل ما تم الاتّفاق عليه بكل تفاصيله في المشاورات التي عُقدت أواخر العام 2018 في السويد.
هذه الخطوةُ الانعاشيةُ التي أشرفت عليها الأممُ المتحدة جاءت بعد أن أدخلت قوى العدوان اتّفاقَ ستوكهولم في حالة موت سريري، وبعد عجز المجتمع الدولي عن إلزام المتعنتين على التنفيذ في وقت متزامن بحسب الاتّفاق والمنطق، هذا إذا افترضنا أصلاً أن المجتمعَ الدولي حريصٌ على تنفيذ الاتّفاق وتحقيق السلام في اليمن من الأساس، وهو ما لم يتبينْ على مدى أربعة أعوام ويزيد من عمر العدوان الهمجي.
هذا الصدقُ من طرف واحد عرّى مجدداً كُـــلَّ الكذابين، بدءاً من قوى العدوان وأدواتها، والأمم المتحدة ومعاييرها، والمجتمع الدولي وازدواجيته ومصالحه، وليس انتهاءً بحكومة فنادق الرياض التي تصر على الابتذال على طول الخط، مدعيةً أن القُـــوَّاتِ التي تسلّمت الموانئَ تابعةٌ لأنصار الله بينما الواقع والكشوفات والبيانات تقول إن هذه القُـــوَّات متواجدة من قبل العدوان بسنوات.
هذا الصدقُ من طرف واحد ليس غريباً على الشعب اليمني الذي تم العدوانُ عليه بكذبة إعادة الشرعية، ونفسها القوى المعتدية عليه تقول لنا اليوم وهي تطفئ شمعة كذبتها الخامسة نحن نكذب حين تصر على احتجاز المدعو هادي في فنادق الرياض.
نعم إنه صدق من طرف واحد فالكذابون ادعوا زوراً أنهم جاءوا لتحرير الشعب اليمني فحرروا المناطق المحتلة من الأمن والاستقرار، وسلبوا الناسَ كراماتِهم ومزارعَهم وحتى أرواحهم، وما أحداث محافظة المهرة وشبوة وسقطرى وعدن إلا نموذج على ذلك، الصدق من طرف واحد تمثل قبل ذلك في عزم أبناء الشعب اليمني على مقاومة المعتدين والدفاع عن سيادتهم وكرامتهم، فدعت قوى الإرهاب أن الشعبَ يقاتل بالوكالة عن إيران ومشروعها، وكأن الشعب اليمني أجير ومرتزِق وبلا مشروع ولا رؤية مستقلة ولا هوية، ولكن هذه النظرة تدلنا على أصحابها الأجراء عند أسيادهم فكلاً يحدثك من حيث جاء، فالمرتزِق والتابع يعتقد أن الجميع مثله، نموذج آخر للصدق من طرف واحد تمثل في حرص حكومة الإنقاذ على صرف ما تيسر من رواتب موظفي الدولة التي نهبتها قوى الكذب حين أقدمت على نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن والتزمت أنها ستقوم بالإيفاء بكل التزامات اليمن الداخلية المتمثلة بصرف المرتبات لجميع موظفي الدولة والتزامات اليمن الخارجية الخَاصَّــة بسداد القروض وغيره وهو ما لم يتم، صدق من طرف واحد تجلى في ملف الأسرى فالوفد الوطني كان جاهزاً وحاضراً ومتجاوباً ومبادراً ولا زال، فيما الأطراف الأُخْــــرَى متجردة من الصدق والقيم والأخلاق والإنْسَــانية، الشعب اليمني الصادق يدير كُـــلّ ملفاته بصدق وقيم، لكنه يتعامل مع أطراف مُجَـــرّدة من كُـــلّ شيء، ومع ذلك يصر الشعب على تمسكه بقيمه ونبله وشرفه ومروءته وشهامته وفروسيته في السلم والحرب معاً، وستنتصر القيم على ما عداها، طال الزمان أَو قَصُرَ، فالعاقبةُ للمتقين، واللعنةُ من الله على الكاذبين.