سبع طائرات تضربها.. الرياض تستنجد بواشنطن .. بقلم/ علي الدرواني
رغم دخولِ العام الخامس من العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، إلّا أنه لا يزال هناك الكثيرُ من الخيارات المتاحة للجيش واللجان الشعبيّة بمختلف الوحدات العسكرية، ولا يزال في جعبة اليمنيين الكثير، هذا ما تؤكّــــدُه العمليةُ الواسعة صباح أمس، والتي نفذها سلاح الجو المسيّر بسبع طائرات دون طيار ضد أهداف حيوية وهامة في السعودية حسب المصدر العسكري الذي نقلت عنه قناة المسيرة هذا النبأ، وإلى الآن لم تفصح المصادرُ العسكريةُ اليمنية عن أية تفاصيلَ متعلقة بنوع الطائرات المسيّرة المهاجمة ولا بالأهداف التي ضربتها، إلّا أن المراقبين يرجحون أن تكونَ قد أصابت أهدافاً نفطيةً بالدرجة الأولى، كردٍّ على استمرار الحصار ومنع دخول السفن النفطية من قبل السعودية، ترجمةً لتحذيرات اللجنة الاقتصادية العليا.
بدورها نقلت وكالةُ واس السعودية في وقت لاحق عن المتحدث الأمني لرئاسة أمن الدولة تأكيداً للعملية، ووصفت ما جرى بأنه استهدافٌ محدود لمحطتَي الضخ البترولية التابعتين لشركة أرامكو بمحافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض، والتي تبعد قرابة 900 إلى 1000 كيلومتر، فيما نقلت وسائل الإعلام السعودية عن وزير الطاقة أنه تمت السيطرةُ على حريق نشب في إحدى محطات الأنابيب الرابط بين المنطقة الشرقية وينبع وتوقف خط النقل بعد ذلك الهجوم.
عملياتُ الطيران المسير ضد أهداف نفطية تابعة لشركة أرامكو داخل المملكة ليست بالجديدة، وإنما الجديدُ اليوم هو عدد هذه الطائرات، في عمليةٍ نوعية وغير مسبوقة، وهو الأمر الذي يعطي هذه العمليةَ أهميّة كبيرة من حَيثُ دلالتها على مدى التطور الذي وصل إليه سلاح الجو المسير، والخبرات التي اكتسبها عناصرُ وحدة سلاح الجو المسير، لتشغيل وشن هجوم واسع على أهداف متفرقة في نفس الوقت بسبع طائرات دفعة واحدة، وكذلك من حيث المقدرة على عمليات مستقبلية قادمة حسب المصدر العسكري الذي أكّــــد المقدرة والاستعداد على تنفيذ المزيد منها.
إن تشغيلَ سبع طائرات في نفس الوقت، يعني فيما يعنيه أن هناك غرفةَ عمليات متطورة وعالية التقنية، ويدحض مزاعم متحدث العدوان المالكي لمرات عديدة عن غارات جوية وتدمير قدرات سلاح الجو المسيّر، ومخازنها، وغرف عملياتها، وأجهزة الاتصالات الخاصة بها، بما يؤكّــــد فشل العدوان في منع هذا السلاح من الوصول إلى عمقه، وفشله في استهدافه، وفشله أيضاً في اختلاق المسرحيات الهزلية التي يسوقها لخداع وتضليل الرأي العام بإنجازات وهمية، تعكس حالة من الاستخفاف وبيع الوهم لجمهوره.
تدل العمليةُ على أن ما يتحققُ إنجازُه في تنفيذ اتّفاق السويد وخطوات إعادة الانتشار من طرف واحد، لا يعني البتة أيَّ ضعف ولا تراجع في الإرادة الكاملة على مواصلة إيذاء العدو السعودي في عمقه الاستراتيجي، بل إنها تحملُ رسالةً قوية على ضرورة أن يلتزم الطرفُ المعادي في تنفيذ ما يخصُّه من بنود الاتّفاق وعلى رأسها الخطوة الأولى من المرحلة الأولى وسحب قواته من محيط الحديدة وموانئها.
من جهة أُخْرَى تظهر هذه العملية مروحة واسعة من الأهداف والخيارات التي بيد الجيش واللجان لردع العدو، في الوقت الذي استنفد العدوانُ كل خياراته، وبدأ بعد هذه الضربة باستجداء واشنطن والمجتمع الدولي لحماية أنابيب النفط تحت عنوان أنها تمُسُّ العالم وليس الرياض فقط، لكنها تخفي وراءها هزيمةً وعجزاً وفشلاً سعودياً عن مواجهة الشعب اليمني، رغم حصار ودمار شامل على مدى خمسة أعوام، كما يثبت مقولة ترامب التي يردّدها دائماً عن عجز السعودية عن البقاء لولا حماية الولايات المتحدة.
هذه الضربةُ بالتأكيد سيكون لها تداعياتُها الكبيرة على المستوى الاقتصادي، وقد تناقلت وسائل الإعلام هبوطَ مؤشر الأسهم السعودية مباشرةً بعد الضربة بمقدار 2.52 بالمائة، كما تناولت أيضاً أن 162 شركةً من أصل 192 مسجلة في البورصة سجلت تراجعاً كبيراً في قيمة الأسهم، وسينسحب هذا التأثير حتماً على طموح محمد بن سلمان في طرح أرامكو للاكتتاب وقد يتم التأجيل إلى مدى أبعد مما هو حاصل الآن، وبطبيعة الحال فإن لهذا الأمر أيضاً تأثيراً مباشراً على خطة 2030 التي لم تتبين ملامحُها رغم مضي ثلاث سنوات من إعلانها.
وختاماً فكما إن هذه العملية ليست الأولى فإنها أيضاً لن تكون الأخيرة، وقد أكّــــد المصدرُ العسكري على أنها أتت ردًّا على استمرار العدوان في جرائمه وحصاره، الأمر الذي يضعُ هذه العملية في سياق التصدي للعدوان، بغضِّ النظر عن تطورات المنطقة والتوترات الحاصلة فيها، والتي يجد المراقبون لها ضرورةَ ربطها ببعضها، لا سيما الانفجارات في ينبع وما سمته الإمارات التخريب الذي تعرضت له ناقلاتُ النفط قبالة الفجيرة.