عمليةُ التاسع من رمضان: مرحلةُ قطع شرايين العدوان
المسيرة | خاص
تلقَّت مملكةُ العدوان السعوديّ، أمس الثلاثاء، أكبر ضربة عسكريّة ينفّـــذها سلاح الجو المسيّر التابع للجيش واللجان الشعبية منذ بدء العدوان، تمثلت في هجوم غير مسبوق نفّـــذته 7 طائرات مسيرة بعيدة المدى على عددٍ من أهمّ المنشآت النفطية التابعة للعدوّ في منطقة الرياض، وحقّـــق الهجوم نجاحاً كاملاً أجبر النظام السعوديّ على الاعتراف به، وإلى جانب ما حملته هذه الضربة من رسالة شديدة الوضوح عن مدى التطور الذي وصلت إليه قدرات القُـــوَّات المسلحة اليمنية، فقد كان هناك العديد من الرسائل المفاجئة أَيْضاً كان أهمها “تعاون أبناء المناطق” التي شملت الأهداف المضروبة، وهو ما يمثل إنجازاً استخباراتياً لا يقلُّ ثِقَلُه عن ثقل الهجوم العسكريّ نفسه، كما لا تخفى الطبيعة “الاقتصادية” للضربة والتي تأتي في سياق الرد على استمرار العدوان والحصار المفروض على اليمن، وهو ردٌّ موجه إلى الولايات المتحدة التي أقرت بأنها لن توقفَ عدوانها على اليمن؛ لكي لا تخسر الأموال السعوديّة.
ضربةٌ اقتصاديةٌ لتجفيف منابع استمرار العدوان
القُـــوَّاتُ المسلحة أطلقت على الهجوم اسم “عملية التاسع من رمضان” وأكّــــدت في بيان لها، أن العملية استهدفت محطَّتَي الضخ البترولية في خط الأنبوب الرئيس للنفط 8-7 الذي يربط بين رأس التنورة وينبع، في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض، وهي من أهمّ المنشآت النفطية السعوديّة، حَيْثُ تنتج ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً.
طبيعةُ هذه الأهداف تحملُ دلالةً واضحةً للرد على الحرب الاقتصادية التي يمارسُها العدوانُ على اليمن، وقد أكّــــدت القُـــوَّاتُ المسلحة أن هذه العملية تأتي “بعد أن تمادى العدوان في حصاره على الشعب اليمني”، محذرة دول العدوان من مغبة الاستهداف الاقتصادي لليمنيين، والاستمرار في التوقف عن دفع مرتبات الموظفين.
لكن حجمَ هذا الرد يحملُ رسالةً يتجاوز مداها النظامَ السعوديّ ويصلُ إلى الولايات المتحدة التي اعترف رئيسُها قبل فترة بأنه لن يقبلَ بإيقافِ دعم العدوان على اليمن، لكي لا يخسرَ الأموالَ السعوديّة؛ وباعتبار المال السعوديّ هو المحرك الرئيسي الذي يجعل واشنطن تواصل عدوانها فإن استهداف المنشآت السعوديّة الحيوية يعتبر رَدًّا مباشراً على الولايات المتحدة وتدميراً لاستثمارها القذر في هذا العدوان.
ويجسد هذا الرد بطبيعته ونوعية أهدافه، وعدَ قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي أكّــــد في أَكْثَـــرَ من مناسبة، بأن المنشآت الحيوية للعدوّ ستكونُ في مرمى نيران اليمن، إذَا لم يتوقف العدوان.
وكانت القُـــوَّاتُ المسلحة قد عرضت في وقت سابق من هذا العام مشاهدَ مصورةً لعمليات رصد جوية لعددٍ من الأهداف الحيوية المسجّلة على قائمة عملياتها العسكريّة، داخلَ العُمق السعوديّ، وتضمنت تلك الأهدافُ منشآتٍ نفطيةً عدة.
قدراتُ الجيش واللجان تتفوق مجدّداً
وبحسب القُـــوَّاتِ المسلحة، فقد تم تنفيذُ العملية بسبع طائرات مسيّرة بعيدة المدى، وهي أولُ عملية جوية يتم فيها استخدام هذا العدد من هذا النوع من الطائرات، ويؤكّــــد ذلك على تطور لافت واستثنائي في قدرات سلاح الجو المسيّر، أوّلاً من ناحية المدى البعيد الذي باتت تغطيه الطائراتُ الهجومية المسيّرة، إلى جانب دقة هجماتها، وتضليلها لأنظمة الرصد والدفاع المعادية، ثم من ناحية التنسيق المتكامل بين عدد من الطائرات في وقت واحد على أهداف محدّدة.
عناصرُ تتكاملُ مع بعضها موضحةً أن قُـــوَّةَ سلاح الجو المسيّر اليمنية استطاعت إحداثَ تغييرات جذرية في موازين المعركة بشكل إعجازي تغلبت فيه على التكنولوجيا الحديثة والإمْكَــانات المتطورة التي يمتلكها العدوان، وهو ما يفسرُ السببَ الذي دفع بالقُـــوَّات المسلحة إلى إطلاق تسمية “عام سلاح الجو المسير” على العام القتالي الحالي.
وقد شهدت العديدُ من وسائل الإعلام العالمية الشهيرة بهذا التطور اللافت في قدرات السلاح الجو المسيّر، حَيْثُ قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل أسابيعَ: إن قُـــوَّات الجيش واللجان باتت من أَكْثَـــر القُـــوَّات مهارةً في استخدام الطائرات بدون طيار، مؤكّــــدةً على “محلية” تصنيع وتطوير هذه الطائرات.
إنجازٌ استخباراتي غير مسبوق: بالتعاون مع أبناء الرياض
بيانُ القُـــوَّات المسلحة كشف عن إنجاز استخباراتي غير مسبوق، حَيْثُ أوضح أن هذه العملية تمت بعد رصدٍ دقيق وتعاون من الشرفاء من أبناء المناطق التي تقعُ فيها المنشآتُ المستهدفة، وهي أَيْضاً المرة الأولى التي تكشفُ فيها القُـــوَّاتُ المسلحة عن تعاون من هذا النوع الذي يشكل اختراقاً استخباراتيًّا توازي أهميته أَهميّةَ اختراق الأجواء السعوديّة وضرب تلك المنشآت.
ويكشفُ هذا الاختراقُ بأن التهديدَ الذي باتت تمثله القُـــوَّة العسكريّة اليمنية تجاوز فعلا كافة التوقعات والاحتمالات، وخرج تماماً عن قدرة العدوان على مواجهتها أَو السيطرة عليها، إذ بات العمقُ السعوديّ اليوم مهيئا بشكل أكبر لردود أَكْثَـــر إيلاماً، وبعبارة أُخْـــرَى: فإن تنامي القدرات العسكريّة اليمنية أصبح له تأثير مضاعف مع هذا الاختراق الاستخباراتي.
نتائج العملية تجبر النظام السعوديّ على الاعتراف
وعن الآثار التي أحدثتها العملية، فقد أكّــــدت القُـــوَّات المسلحة أن الضربات الجوية “أدت إلى التوقف الكامل لضخ النفط عبر خط الأنبوب المستهدف وأثرت بشكل مباشر على اقتصاد العدوّ”.
واعترفت المملكة رسميا بذلك، إذ أقر وزير الطاقة السعوديّ بوضوح أن محطتي الضخّ البترولي التابعتين لشركة أرامكو بمحافظة الدوادمي ومحافظة عفيف بمنطقة الرياض تعرضتا لهجوم استهدف خط الأنابيب الرابط بين المنطقة الشرقية وينبع.
وأكّــــدت وزارة الطاقة السعوديّة أن شركة “أرامكو” أوقفت ضخ النفط في خط الأنابيب المستهدف فوراً عقب الهجوم.
من جهتها ذكرت عدة وكالات أنباء عالمية من بينها “رويترز” أن المؤشرَ الرئيسي للأسهم السعوديّة انخفض بنسبة 2% وسجل تراجعاً بواقع 8.3 نقاط بعد الضربة الجوية التي نفّـــذها سلاح الجو المسيّر.
عبد السلام: ندشّن مرحلة جديدة من الردع ولا أستبعد استهدافَ الإمارات
معلقاً على العملية، أكّــــد الناطقُ الرسميُّ لأنصار الله، محمد عبدالسلام، أن استهدافَ المنشآت السعوديّة الحيوية يأتي “ردًّا على استمرار العدوان في ارتكاب جرائم إبادة وفرض حصار على شعب بأكمله” وأضاف ضمن تغريدة له على حسابه في تويتر: “في مواجهة هذا الاستهتار من قبل تحالف العدوان وما يمارسه من إرهاب منظم وبغطاء أمريكي دولي فلا خيار أمام شعبنا العزيز إلا الدفاع عن نفسه محقاً وبكل ما يستطيع من قُـــوَّة”.
وفي تصريحات تلفزيونية، أوضح عبدُالسلام أن اليمنَ اليوم “يدشّنُ مرحلةً استراتيجية جديدة من التصعيد ضد العدوان السعوديّ”، مشيراً إلى أن عملية سلاح الجو المسيّر وجّهت ضربةً للسعوديّة “في عُمقها الاستراتيجي” وأن ما حصل “هو إنجاز أمني كبير”.
ولفت ناطقُ أنصار الله إلى أن “السعوديّين قد يكونوا أخفوا الكثيرَ من نتائج العملية التي نفّـــذها سلاحُ الجو المسير”، وأضاف ” نتوقع أن يرُدَّ السعوديّون بالمزيد من المجازر ضد الشعب اليمني”.
وأكّــــد عبدالسلام أنه من غير المستبعد “استهداف منشآت حساسة في الإمارات رداً على العدوان”، وهو ما يلتقي مع بيان القُـــوَّات المسلحة الذي أكّــــد “القدرةَ على تنفيذ عملياتٍ نوعيةٍ أوسعَ وأكبرَ في عمق دول العدوان”
وَجَدَّدَ عبدالسلام التأكيد على أنه “لا يمكن أن يوقظَ ضميرَ المجرمين والقتلة سوى الرد”.