معادلةُ المواجهة تغيّرت فعلاً .. بقلم/ إبراهيم السراجي
شهدت أسواقُ النفط خلال الأيّام الماضية، في مناسبتين، اضطراباً وارتفاعاً للأسعار وتكاليف النقل والتأمين وغيرها، الأولى عقب عملية التاسع من رمضانَ التي استهدفت مضخاتِ النفط السعودية والثانية عقب استهداف تحالف العدوان للعاصمة صنعاء والجريمة التي ارتكبها بحق المدنيين ورئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين وأفراد أسرته.
ما لفت انتباهي ليس الحالة الأولى، فمن الطبيعي أن أي استهداف لقطاع النفط سيؤدي إلى ارتفاق الأسعار نظراً للتوقف جزئي للإنتاج ومخاوف مستهلكي النفط، لكن في الحالة الثانية وهي الحدث الجديد الذي يجبُ التوقفُ عنده كثيراً؛ لنُجيبَ على سؤال: لماذا ترتفعُ أسعارُ النفط عقب استهداف العدوان للعاصمة صنعاء كما تحدثت التقارير الاقتصادية ولماذا يحدث ذلك هذه المرة وصنعاء تستهدف منذ أكثرَ من أربعة أعوام؟
والجوابُ على ذلك السؤال يقتضي معرفة أن الأسواق العالمية وخصوصاً أسواق النفط تتأثر بالأحداث العسكرية وتداعياتها، ولما بات اليمن يمتلك سلاحَ ردع فعّالاً، خصوصاً بعد دقة عملية التاسع من رمضانَ وحجمها، فإن المراكزَ المتخصصة في المجال الاقتصادي باتت لديها معطياتٌ تفيد باحتمال أن يكون هناك ردٌّ يمني على جريمة العدوان في صنعاء وأن هذا الرد قد يستهدف مجدداً قطاعَ النفط السعودي أو الإماراتي، وبالتالي باتت تداعياتُ جرائم العدوان تؤثرُ على حالة الأسواق العالمية وعلى رأسها أسواق النفط خصوصاً أن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وأن الرئيس الأمريكي يطالب أو بالأصح يأمرُ النظامَ السعودي والنظم الخليجية بتخفيضِ أسعار النفط.
إنه لو لم يحصل اليمنيون على سلاح الردع ويصنعوه بأنفسهم لَكان العالمُ بأسره قد ترك تحالف العدوان يرتكب الجرائم اليومية دون أي اعتراض بل وبتعتيم دولي متعمد، بل لاحظنا كيف سارعت دولُ العالم والأنظمةُ العربية والمؤسساتُ الدينية التابعة للأنظمة لإدانة عملية التاسع من رمضان بل واعتبرت مرفوضةً من كل الأديان كما زعم القائمون على الأزهر في مصر، وكلنا تابع كيف برّر الرئيس الأمريكي استخدامَه حقَّ الفيتو لإيقاف قرار المشاركة الأمريكية في العدوان، مُبدياً حرصَه على الحصول على أموال النفط السعودي والإماراتي.
وبناءً على كل ذلك بات على اليمنيين أن يجبروا العالمَ على تجرُّعِ تداعياتِ استمرار العدوان على اليمن وكذلك علينا جميعاً أن نعيَ حجمَ العناية الإلهية بنا، إذ وفّق اللهُ رجالَ التصنيع الحربي على تصنيع سلاحٍ استراتيجي ضاربٍ وقادر على تهديد مصالح الدول الغربية التي رأت أن مصلحتَها في استمرار تدفق النفط السعودي إليها عبر السكوت عن استمرار العدوان على اليمن ومساندته وتسليحه ومشاركته في جرائمه الوحشية اليومية، وبالتالي على العالم أن يدركَ أن المعادلةَ قد تغيّرت بالفعل وأنه إذا كانت مصالحُه المادية في السابق كانت قائمةً على دعم العدوان والصمتِ على جرائمه فإن مصلحتَه اليوم بالدفع نحو إنهاء العدوان واحترام الشعب اليمني وحقِّه في الحرية والاستقلال.