على دمائهم أفطرنا!! بقلم/ سندس يوسف الأسعد
مشهدُ الدمِّ في اليمن بلغَ من الشناعةِ والفظاعةِ حدًّا لا يمكنُ وصفُه، ولكن الصلافةَ التي يتأسفُ عليها الضميرُ الإنْسَــاني هي ازدواجيةُ معايير بعضِ النخب. هي نخبٌ ارتضت لنفسها أن تكونَ مصدقًا للقول المأثور: “الصلاةُ خلف علي أقوم وطعام معاوية أدسم والقعود على هذا التل أسلم”.
هل بلغت يا ترى مشاهدُ جريمة الخميس هؤلاء الذين تباكوا بالأمس ورفعوا الصوتَ عاليًا؛ استنكارًا لاستهداف القواتُ اليمنية الشريفة أهدافًا حيويةً للمعتدي؟!.
وهل بلغَ هؤلاء “المسلمون” “الصائمون” يا ترى آيةُ: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ، فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)؟!
عجيبٌ هو الإفلاسُ الأَخْــلَاقي والجهلُ واستمالةُ السلطان الذي استفحل بهؤلاء؛ طمعًا بدنانيرَ ملطخةٍ بدماءٍ ذنبُها أنها على عكس “النخب”، ثقافتُها المقاومةُ والصمود وعدم الانصياع، مهما كلّفت المواقفُ الحرّة والشريفة. ولكن، شكرًا لهم. شكرًا،؛ لأَنَّهم أظهروا أن بعضًا ممن يعتقدُ بأنهم حلفاء المقاومةِ ليسوا في الواقع سوى حلفاءِ مصالح لا عقيدة، ضعافُ نفوسٍ قرروا في منتصف الطريق وبعد أن صاموا نهاراتٍ من خداع أن يفطروا جهارًا على دماء أطفال اليمن. وعجيبٌ كيف يدان المقاوِمُ اليمني، المحاصَرُ للعامِ الخامسِ على التوالي، المُجوّع، المُهجّر، المستهدفُ!.
عذرًا أيها الخونة، فالمقاومةُ ينصر أتباعُها كُـــلَّ قضيةٍ حقة ولا يجاملُ هؤلاء أميرَ إصلاحاتٍ خُطَّت بلُغةِ الدم والقصف والاعتقال. المقاومة -كما عبّر قائدها في خطاباته المتعددة- تنصُرُ اليمنَ المظلوم، وبالتالي فإن على كُـــلِّ “شريفٍ” في العالم أن يخرجَ عن صمته إزاءَ المجازر اليومية؛ لأَنَّ السكوتَ يشجّعُ المجرمين ووحشيتهم بحق شعب اليمن المسالم الذي تحمّلُ الكثيرَ من الظلم والطعن والخناجر.
هل على المقاومِ اليمني أن ينصاعَ لمملكة “النفط والمال واللا إنْسَــانية” وأن يشرّع لها أبوابَ الترحاب والتكريم؛ تحقيقًا لرغبات واشنطن وتل أبيب الاستعمارية؟
أغاب عن هؤلاء أن محطتَي النفط اللعينتين المستهدفتين ليستا أهدافًا مدنيةً أَو مجمعاتٍ سكنية بل ممونتان لعشراتٍ من الطائراتِ الحربيةِ المعتدية التي ما روتُ بعدُ تعطُّشَ الرياضِ وتحالفها للدم؟
أغابت عن هؤلاء مشاهدُ الأشلاء المتناثرة المحترقة تحت ركام المنازل والمدارس والصالات ودُور العبادة؟
يستنكرُ الحرّ، صاحبُ المواقف الحقّةِ النبيلةِ، استهدافَ الأبرياء في سوريا وغزة وكذلك في اليمن، فلا يخشى أميرًا ولا مملكةً ولا حتى أعتى القوى والسلطات والأنظمة الإرهابية. أقولُ قولي هذا وضميري اليوم يعتصرُ آسفًا؛ لأَنَّني انتخبت يومًا شخصيةً سياسيّةً لبنانية أعربت بالأمس عن استنكارها قصفَ خزانات الوقود، موصفةً إياه باعتداءٍ على “أمن السعوديّة وبأنه “يؤجج الخلافات ويخدم مصالح المتربصين باستقرار المنطقة بغية تحقيق أهداف أعداها”.
ولأنني أجد نفسي معنيةً بموقفِ نائبٍ أوصله صوتي وأصواتُ مقاومي منطقتي إلى سدة البرلمان اللبناني ليكون ممثلًا لنا، أرد بالقول: إن القصفَ الذي تشير إليه “معاليك” بعُرف المقاومين ليس سوى ردّة فعلٍ طبيعيةٍ لشعبٍ مظلومٍ اعتديَ عليه اعتباطيًا وقُصفت منازلُه وبُناه التحتية بدمٍ بارد وأمام أعين قادة العالم، تجار السلاح ومهندسي المؤامرات والصفقات. أما عن جزئية “اعتداء على أمن” فهل يعني ذلك بمنظورِك بأن الفلسطيني حين يقصف تل أبيب ليس بالمحصلة سوى منّاعٍ للخير معتد أثيم، تمامًا كما وصفت المقاوم اليمني؟!! ودعني أخبرك، وأنت تعلم، بأن أعداءَ الأُمَّــة الذين يؤجّجون الخلافات في المنطقة والمتربصون باستقرارها هم ذاتهم الذين يقاوم اليمني مرتزقتَهم وعملاءَهم، الذين قال عنهم سيدهم ترامب بأنهم لن يبقوا في السلطة أسبوعين دون دعم الولايات المتحدة.
مؤسفٌ حالُكم وباعثٌ للريبة والخوف ونحن في لبنان طرفُ حربٍ هزمَ مؤخرًا الحلمَ السعوديّ الوهابي التكفيري الصهيوني في تفتيت لبنان وتدميره، كما فُتِّت سوريا ودُمِّرت. أيكون هذا الحماسُ والغيرةُ والانصياع والانبطاح لمملكة الإرهاب موقفًا مرجحًا منكم في أية حربٍ قادمة، يُعرَفُ بأن السعوديّ لن يكون فيها إلا كما كان منذ زمن مخطّطًا وممولًا وعدوًّا شرسًا ولدودًا للمقاومةِ وأحرارها؟
بارك اللهُ مقاومةَ اليمنيين، أين ومتى قصفت، وبارك الله صواريخَهم المدافعة عن عروبة وطنهم وحريته واستقلاله. ستنتصرُ المقاومةُ اليمنيةُ ذات صُبحٍ وسيزهر الدمُ اليمني عِــزًّا وحُريةً؛ تمهيدًا للإطاحة النهائية بالعروشِ المستبدةِ القبلية المتعاملة المتصهينة.
بارك اللهُ ثباتَ اليمنيين الذين أوجعوا ويوجعون في كُـــلّ يوم الإمبرياليةَ وأدواتِها في المنطقة، والذين يثبتون قولَه تعالى: (إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ)، وهو المصيرُ الحتميُّ لكل محتلّ وغازٍ.
* صحافية لبنانية.