السيد عبدالملك الحوثي في محاضرته الرمضانية الثالثة عشرة:
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.
وَارْضَ اللَّهُم برِضَاكَ عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وَعَـــنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّـالِحِين.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ.. السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
وَتقبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمال، اللهم اهدِنا وتقبَّلْ منا إنك أنت السميعُ العليمُ، وتُبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيم.
استكمالاً لحديثِنا في المحاضرات الماضية بالأمس وما قبل الأمس، على ضوءِ الآياتِ المباركةِ التي نستفيدُ منها الكثيرَ من الدروسِ المهمة فيما يتعلق بالجانبِ الاقتصاديِّ والذي له أهميَّتُه الكبيرةُ في حياتِنا كبشر، وفي واقعنا العملي وحتى في التزامنا الإيْمَـــاني والديني، ونجدُ أن القُـــرْآنَ الكريمَ يقدمُ معالجاتٍ مهمةٍ جِـــدًّا وأَسَاسية وفعّالة ومؤثرة ومفيدة لمشكلة الفقر بما يساهم بالتخفيف وكذلك بالعمل على المعالجات التي تحُدُّ من البؤس والعناء والشقاء والفقر.
اللهُ -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- قال في الآية المباركة (وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ، نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم) [الإسراء: 31] قدم أول معالجة مهمة جِـــدًّا وهي المعالجة للواقع النفسي، الخشية من الفقر والخوف من الفقر والقلق من الفقر هذا العامل النفسي بحد ذاته يؤثر على الكثير من الناس ويدفعهم إلى تصرفات إجرامية في كثيرة من الحالات أَو يدفعهم إلى ارتكاب الخيانات والأفعال المحرمة والتصرفات الخاطئة، فالعاملُ النفسي المتمثل بالقلق من الفقر أَو حالة اليأس وانعدام الأمل تمثل مشكلة بحد ذاتها والإنْسَــان إذَا امتلك الأملَ والثقةَ بالله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- والاطمئنان النفسي تجاه الرزق هذا سيساعدُه لأَنْ ينطلق في ميدان العمل للأخذ بالأسباب من واقع نفسي متوازن ومطمئن، الحالة القلقة حالة اليأس الاضطراب النفسي الشديد، الهم القاتل، الهم الكبير، الضغط النفسي الشديد يؤثر على الكثير من الناس وبالذات إذَا كانت طبيعة الأسرة مقلقة مَثَــلاً البعض طبيعة زوجته مقلقة جِـــدًّا، تطالبه بإلحاح شديد وتضغط عليه بشكل متكرّر وتبدي انزعاجها الشديد وتطلق العبارات الجارحة والعبارات المحطمة والعبارات المزعجة والمستفزة والأولاد بعضهم كذلك فيعيش البعض من الناس في هذا الجو الضاغط المقلق المزعج ويندفع بغية توفير المال بغية توفير المتطلبات التي تطالب بها أُسرته لفعل أي شيء قد يكون جريمة قد يكون خيانةً قد يكون فِعْــلًا محرماً وهذه حالة خطيرة جِـــدًّا والإنْسَــان المؤمن، الإنْسَــانُ المسلمُ حظي في القُـــرْآن الكريم برعاية وهداية واسعة، جانب منها يتجه إلى هذا الجانب النفسي الحساس والمهم بالأول هو، فالله جل شأنه عندما قال (نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم) [الإسراء: 31] هذه طمأنة كبيرة، اللهُ تكفّل -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- بالرزقِ لا تحملُ هذا الهمَّ وكأنك أنت الرزاق كأنك أنت من يرزق نفسك ويرزق أسرتك ويرزق أولادك ويرزق الآخرين، هذا إلى الله هذا إلى ربنا -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- الكريم الغني الحميد الوهاب المنّان ذو الفضل الواسع العظيم، لا تقلقْ نفسَك بشكلٍ زائد، لا تزهق نفسَك بالهم والحسرات، لا، اطمئن وخذ بالأسباب الصحيحة، خذ بالأسباب الصحية وتقيد عندها، ونجد آياتٍ كثيرةً تلاحظ هذا الجانبَ النفسي مثل قول الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- فيما يحكيه عن نبيه إبراهيم وهو يخاطبُ قومه (فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ) [العنكبوت: 17] ابتغوا عند الله، ابتغوا عنده من خلال الالتجاء إليه، من خلال الأخذ بالأسباب أسباب رحمته أسباب فضله، أسباب رضوانه أسباب نيل الخير منه، (فَابتَغوا عِندَ اللَّهِ الرِّزقَ) [العنكبوت: 17] نجدُ في القُـــرْآن الكريم كذلك الوعدَ الإلهي المقترِنَ بالتقوى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجًا (2) وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ) [الطلاق: 2-3] نجد مثلَ قول الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (الطلاق: 7) فالقُـــرْآن يعزز الأمل والاطمئنان والثقة بالله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-، وَإذَا عشت في مرحلة معينة ظروفاً صعبة نتيجة واقع معين أَو ظروف معينة على مستوى واقعك الشخصي أَو على المستوى العام، تعتبر أنها قد تكون مرحلة قد تكون ظروفاً معينة وقد تعبر منها وقد تتجاوزها وقد يأتي الفرج، وقد تكون حالة اختبار بحد ذاتها هل ستصبر عند تلك الظروف، قد يكون لها أسباب معينة تقصير في الأخذ بأسباب عملية لكسب الرزق والحصول على الرزق.
فالمعالجةُ الأولى في الإسْــلَام وفي القُـــرْآن الكريم وفي توجيهات الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- تأتي إلى الواقعِ النفسي وهذه معالجة في غاية الأهميّة وَإذَا عمل الإنْسَــانُ استقصاءً لكثير من الجرائم والخيانات والتصرفات المحرمة التي هي بهَدفِ الحصولِ على المال أَو الحصول على متطلبات مادية معينة فأول وأَكْبَـــر عامل فيها هو القلق النفسي هو الاضطراب هو الضغط النفسي هو اليأس الذي لدى البعض فيتجه إلى وسائل وبدائل محرَّمة، الإنْسَــانُ الذي يعيشُ الأملَ، الثقةَ بالله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- هذا يجعلُه محطَّ رعاية من الله، محط رعاية وفضل من الله أن يرحمه الله أن يغيثه الله أن يعينه الله، كيف يتركُ الله من يثق به من يتوكل عليه من يأمل فضلَه من يرجو رحمتَه هو أَكْثَـــرَ من أن يترك إنْسَــاناً كهذا، أن يهمله أن لا يلتفت إليه وهو يلتجئ إليه من هذا الواقع الإيْمَـــاني، فبالالتجاءِ إلى الله والأمل بالله والدعاء مع الصبر مع القناعة؛ لأَنَّ البعضَ مشكلتهم أَيْــضاً أنهم يفتقدون القناعةَ لا يمتلكون القناعة يعيشون حالة من الطمع الكبير والآمال والطموحات الكبيرة ولا يقدرون الظروف والمراحل، يأتي إلى مرحلةٍ حساسةٍ أَو صعبة أَو مهمة ويريد أن يعيشَ فيها حالةَ الرفاهية أن يمتدَّ في توفيره وفي ما يحصل عليه إلى أَشْيَــاءَ هناك شكلية، هامشية، أَشْيَــاء ليست في قائمة الضرورات والأَشْيَــاء الضرورية وإنما في قائمة الرفاهية والسعة الزائدة ولا يقدر للظروف تقديرها.
المعالجةُ الثانية في الإسْــلَام هي الإغاثة الخيرية، الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- جعل في الجانب الخيري عناوين متعددة البعض منها إلزامية والبعض منها تطوعية، الحالة الإلزامية الزكاة تقدم الحديث عنها وهي حالة إسعافية للفقير وقد تفيد في كثير من الحالات بأَكْثَـــرَ من حادثة إسعافية وجرعة إغاثية إلى كونها أَيْــضاً تمثل عاملاً مساعداً لبناء واقعه الاقتصادي من جديد ليستطيع أن يتخلص من البؤس الشديد والعناء الكبير من الفقر.
أيضاً الصدقةُ وهي عنوان تطوعي فيه أجرٌ وفضل وقربة عظيمة إلى الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- وسبب في أن يحصل الإنْسَــان على سعة الرزق على خُلف من الله، أن يخلف الله لك وهي سبب من أسباب البركات واستنزال الرزق، يستنزل الرزق بالصدقة.
أيضاً الحالةُ التكافلية والتضامنية بين أبناء المجتمع، الجار مع جاره، القريب مع قريبة، هذه الحالة أَيْــضاً حالة مهمة، ما بات أَو ما آمن في الرواية عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله (ما آمن، قيل من يا رسول الله، قال من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم)، فإذن هذه حالةٌ من التضامن الإلزامي، الإلزامي في الدينِ، يعني مسؤولية إيْمَـــانية دينية يوجب عليك الإسْــلَامُ التعاطفَ مع جيرانك وأن لا تبيت شبعان وجارك جائع وأنت تعلم أنه جائع وتستطيع مساعدته ثم لم تساعده تعتبر هذه جريمة وخروجا عن حالة الإيْمَـــان الذي يربينا على الرحمة فيما بيننا كمجتمع مسلم.
نجدُ التشجيعَ على الاهتمام مَثَــلاً بالإطعام؛ لأَنَّ البعض قد يصل بهم الفقر والبؤس إلى حَـــدِّ الجوع، فيأتي في القُـــرْآن الكريم الحثُّ المتكرّر عل الإطعام إطعام الجائعين في آيات كثيرة عندما نجدُ قولَ الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- (فَلَا اقتَحَمَ العَقَبَةَ (11) وَما أَدراكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ (14) يَتيمًا ذا مَقرَبَةٍ (15) أَو مِسكينًا ذا مَترَبَةٍ (16)) [البلد: 11-16] ذلك العربي الذي يفاخر ويتباهى بأنه يهلك الكثير من أمواله يقول (أَهلَكتُ مالًا لُبَدًا) [البلد: 6] يتفاخر بما يضيعه من المال في أَشْيَــاءَ تافهة أَو أَشْيَــاء محرمة، لماذا لم يسخر ماله في ما هو شرف فيما هو فضل فيما هو أجر فيما هو قربة عالية عند الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- فيما فيه خير الدنيا وشرفها وأجر الآخرة ونعيمها، وهو هذا (فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَو إِطعامٌ في يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ (14)) [البلد: 13-14] في المراحل التي فيها مجاعة ومعاناة لهذه الدرجة إما الأيتام وهم فئة محتاجة وفقيرة وإما المساكين (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذينَ آمَنوا وَتَواصَوا بِالصَّبرِ وَتَواصَوا بِالمَرحَمَةِ) [البلد: 17] التواصي بالمرحمة المجتمع المسلم يجب أن يكون مجتمعاً متراحماً متعاوناً يغيثُ بعضُه بعضاً، لا يتفرجُ الناسُ على البؤس في أَوْسَاطهم وفي واقعهم، ثم نجدُ مع هذا الجانب الخيري الذي فيه صلةُ الرحم ورعايةُ القريب وتعاونُ الجار مع جاره والصاحب مع زميله، مع المجتمع بشكلٍ عام فيما بينه والحثِّ على الإحسان كعنوان عام، الإحسان وما أدراك ما الإحسان (وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195) وهذه الروحية التي يجب أن تكون روحية عامة فيما بيننا كمجتمع مسلم نحسن إلى بعضنا البعض يغيث ذو السعة منا الملهوف والفقير والمحتاج، يساعد بعضنا بعضا في مختلف الظروف والحالات، الإنْسَــانُ مَثَــلاً قد يكون البعضُ يعيشُ حالةً لا بأس حالة ستر في توفير احتياجاته الغذائية لأُسرته ولكن عندما يعاني من مشكل مرض، إما يمرض هو أَو تمرض زوجته أَو حالة ولادة لزوجته أَو مريض من أقربائه أَو من أولاده تمثل مشكلة، ظروفه المادية صعبة لا يستطيع أن يغطي بها تكاليف العلاج حالة طرأت في واقعه تفوق قدرته المادية مثل هذه الحالة يجب فيها التعاون، الإحسان، المساعدة، حالة الزواج البعض يفتقر من الشباب إلى الزواج ولكن ظروفه المادية متعسرة في مثل هذه الحال يتعاون الناس وعنوان التعاون هو من أهمّ العناوين في الإسْــلَام ومن أهمها وأعظمها أثراً وبركةً، إذَا كان المجتمع متعاوناً فيما بينه يستطيعُ بالتعاون أن يغطيَ حالاتٍ كثيرةً، احتياجات كثيرة مَثَــلاً عندما أتعاون أنا وأنت والآخر ونجمع مبلغاً معينا هذا المبلغ الذي جمعناه من مجموعة من الناس قد نستطيع أن نساهمَ به في زواج محتاج للزواج فقير ويمثل مساهمة فعلية وحقيقية أَكْثَـــر من التعاون الفردي، التعاون الجماعي مهم جِـــدًّا ويستطيع أن يعالج كَثيراً من المشاكل وبطريقة ميسرة؛ لأَنَّها تتبارك عندما يجتمع مبلغ من هذا ومن هذا ومن هذا، كلما كان العدد أَكْثَـــرَ كلما كان المبلغ أَكْثَـــر، تكون النتيجة مفيدة ومؤثرة هذه الحالة من التضامن والتعاون هي حالة إنْسَــانية أَخْــلَاقية إيْمَـــانية إذَا كانت بدافع إيْمَـــاني ومهمة جِـــدًّا ومؤثرة في الواقع تعالج الكثير من الحالات من الأزمات، من أعظم الأعمال قربة إلى الله إغاثة الملهوف إغاثة الملهوف، الكثير من الناس قد يمر بظروف استثنائية صعبة في حياته جِـــدًّا عندما تتعاون معه أنت عندما يتعاون معه المجتمع، هذا قُربةٌ إلى الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- عملٌ عظيم عمل إيْمَـــاني حتى على التدليل على الحالة النفسية، حالة إيجابية نفوس كريمة نفوس فيها الرحمة فيها الإغاثة فيها اللهفة بالناس ليست نفوسا متوحشة وقاسية ليست قلوبا قاسية ومتحجرة ومتبلدة لا تمتلك الأحاسيس والمشاعر الإنْسَــانية تجاه ما تلحظه في الواقع، فهذا أَيْــضاً جانب من المعالجات المهمة الجانب الخيري الذي فيه الإحسان فيه الزكاة فيه التضامن والتعاطف والتكافل إلى آخره عناوين واسعة قد لا نكون أحطنا بها في حديثنا.
المعالجة الأُخْــــرَى هي الترك للمحرَّمات، الترك للمحرمات، المحرمات بشكل عام؛ لأَنَّها تنزعُ البركةَ، تسبِّبُ سخطَ الله، تنزل على الناس عقوباتٍ كثيرة ومنها عقوبات اقتصادية، من أهمّ العقوبات التي يعاقبُ اللهُ بها عبادَه العقوباتُ الاقتصادية، عندما نعاني من شحة الأمطار وقل الأمطار عندما نعاني من انعدام البركات عندما نلحظ النقص في كثيرٍ من الأَشْيَــاء، مَثَــلاً الغور في الماء أَشْيَــاء كثيرة عقوبات اقتصادية متنوعة آفات تفتك بالمحاصيل الزراعية، إشكالات كثيرة نعاني منها قد تكون في بعض من الحالات عقوبة قد تكون عقوبة من الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- ونحن بحاجة إلى رحمته إلى فضله هو الرزاق هو الذي يملك رزقنا، يملك كُــلّ هذه الأَشْيَــاء هو الزارع جل شأنه هو الذي يخلق هذه النباتات والمحاصيل وهو الذي يمنحها النماء والبركة أَو يفتك بها إذَا أراد ويجعلها حطاماً أَو بائرة أَو غيرَ صالحة للاستخدام الإنْسَــاني أَو غير ذلك، فإذن نحن بحاجة إلى ترك المحرمات التي تسخط الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- وترك المحرمات ذات العلاقة بالجانب الاقتصادي كالربا والاحتكار والتصرفات المحرمة، أكل الحرام بكل أشكاله وأنواعه وتحت كُــلِّ العناوين قضية خطيرة جِـــدًّا ومؤثرة جِـــدًّا، الإخراج للحقوق مسألة مهمة جِـــدًّا أَشْيَــاء كثيرة تدخل تحت هذا العنوان وهي أَيْــضاً تدخل تحت عنوان التقوى لله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى-.
من المعالجات المهمة العمل والسعي لكسب الرزق وبشكل صحيح وبالالتزام بالحلال وبالدافع الإيْمَـــاني والمسؤول، يعني لا يكون الدافع الجشع والطمع والهلع والطموحات غير المشروعة، لا، يحرص الإنْسَــان على التصرف الصحيح وهذه المسألة مهمة جِـــدًّا المجتمع إذَا كان مجتمع يعاني من الكسل، يعاني من البطالة الناتجة أَو الناشئة عن الفتور وعدم الاهتمام فهذه حالة خطيرة جِـــدًّا، نحن كمجتمع مسلم يجب أن نكون مجتمعاً عمليًّا، عمليًّا بما تعنيه الكلمة، ولاحظوا المحفزاتِ كثيرة في مجال كسب الرزق عن طريق العمل، العمل في التجارة العمل في الزراعة العمل في الصناعة، الأعمال في مختلف مجالات العمل المشروع، هذه مسالة مهمة جِـــدًّا لا يعترف الإسْــلَام بحالة الكسل والبطالة الناتجة عنه، أَو سوء الفهم لمعنى التوكل، التوكل الذي هو تواكل وإهمال ليس من التوكل الذي هو في إطار العمل والتحَــرّك.
القُـــرْآنُ الكريمُ يعَلِّمُنا أن نتحَــرّكَ في واقع الحياة لكسب الرزق تحت عناوينَ كثيرةٍ، منها أَو أهمّ عنوان فيها هو المسؤولية بدءا من المسؤولية تجاه الأسرة (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول أَو يكون عيالا على الناس) في الحديث عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، بمعنى عليك مسؤولية بدءاً من أسرتك أن تنفقَ على أسرتك هذه المسؤولية يجب أن تكون حافزاً في السعي لكسب الرزق والحصول على الرزق وتوفير متطلباتهم الضرورية واحتياجاتهم الأَسَاسية.
عنوانٌ أَكْبَـــرُ مسؤوليتُنا العامة نحن كأُمَّــة مسلمة علينا مسؤوليات جماعية، أن نعملَ على إقامة الحَـــقّ على إقامة العدل، أن نكون قوامين بالقسط، أن نعمل لتطهير ساحتنا من المنكر ومن الظلم ومن الفساد ومن الطغيان، هذه المسؤولية تحتاج إلى مال؛ ولهذا أتى في القُـــرْآن الكريم عنوانُ الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، ويأتي المالُ قبل النفس، أن نجاهدَ في سبيل الله بأموالنا يأتي في الترتيب في الآيات القُـــرْآنية في كثيرٍ منها، في كثير منها يأتي الحديثُ عن الجهاد بالمال قبل الحديث بالجهاد بالنفس لدرجة أن آيةً قرآنيةً قدمت هذا العنوان، الإنفاق في سبيل الله -سُبْحَانَــهُ وَتَعَالَى- تحت عنوان مهم جِـــدًّا جدا.
(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: 195) يعني القُـــرْآن يقول لنا إذَا لم ننفق في سبيل الله فنحن أُمَّــة ستكون حكمت على نفسها بالهلاك، أُمَّــة تنتهي لماذا؟؛ لأَنَّها لن تكون قوية بدون أن تنفق مالاً، يعني لا يمكن مَثَــلاً أن نتحَــرّكَ لمواجهة التحديات والأخطار وأن ندفع الخطر عن أنفسنا كأمةٍ مسلمة خطر أعدائنا عسكريًّا، خطرهم بشكل عام تحت كُــلّ العناوين والمجالات وفي كُــلّ المجالات لا يمكن من دون أن ننفق مالاً، كُــلّ تحَــرّك في هذه الحياة يحتاج إلى مال، تريد أن تتحَــرّك عسكريّا هذا يحتاج إلى مال، تريد أن تتحَــرّك إعلاميا تحتاج إلى مال، كُــلّ الحركة في الحياة حركة الإنْسَــان، المال هو قيام للحياة يعني تقوم به الحياة في كُــلّ مجالاتها وَفي كُــلّ ميادينها لا بد من عملية تمويل لكل تحَــرّك، عمليات التمويل هذه تحتاج إلى إمكانات، الإمكانات هذه كيف تأتي؟ من خلال العمل الكسب السعي التحَــرّك (ولَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء: 32) لا نتحول إلى أُمَّــةٍ تمتلك الأماني، يتمنى الإنْسَــان أن لديه ما لدى الآخر، أَو أن يحصل من الثروة هكذا تلقائيا من دون عناء ولا عمل مثل ما لدى الآخر أَو هكذا، الكسب اكتسبوا، اعملوا هذه مسألة مهمة جِـــدًّا، وفي سيرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله بعدما وصل إلى المدينة حرص على توسيع النشاط الزراعي وشجع المسلمين على الزراعة وزرعوا مساحات إضافية واسعة بالنخيل والبعض بالقمح، لدرجة أن المساحة كما في بعض الكتب، المساحة التي كانت تزرع من المدينة في عصر رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله قبل 1400 سنة هي أَكْثَـــر من المساحة التي تزرع اليوم في عصر التطور والإمكانات الهائلة وَالإمكانات المادية من المساحات التي تزرع اليوم في المدينة نفسها، المدينة المنورة، شجع على هذا الجانب.
أيضاً كانت الأسواقُ تحت سيطرة اليهود في المدينة بعدما هاجر الرسول إلى المدينة صلوات الله عليه وعلى آله، شجع المسلمين على العمل التجاري وجاء في المواجهة مع اليهود وطردوا وعاد المسلمون هم حضروا إلى الأسواق واشتغلوا في التجارة وهكذا عمل المسلمون حتى في التصنيع، بما في ذلك التصنيع الحربي، التصنيع الحربي، اشتغلوا عليه ووصلوا إلى صناعة ما يسمى آنذاك بالدبابة وهي آلة تصنع من الجلود ليستفيد منها المحاربون للتقدم متمترسين بها لدفع خطر السهام من جانب العدو وسميت في ذلك الزمن بالدبابة.
التصنيع الحربي، التصنيع لآلات الزراعة، التصنيع في العالم الإسْــلَامي آنذاك حتى في العصر الأول كانوا يصنعون الثياب، هنا في اليمن كانت اليمن من أهمّ البلدان الصناعية، كان اليمن يصنع الحديد ويستخرج الحديد ويصنع منه الآلات الحربية والآلات الزراعية، كان اليمن يصدر هذه الآلات والمعدات إلى الجزيرة العربية ومناطق أُخْــــرَى.
صناعة الثياب في اليمن، من أهمّ الصناعات التي كانت منتشرة وقوية بشكل كبير، وكانت تصدر من اليمن إلى بقية المناطق، صناعة الثياب بأنواعها، وهكذا كثير من الصناعات في ذلك الزمن كانت قائمة في العالم الإسْــلَامي وفي المنطقة الإسْــلَامية بالذات بعد فترة يعني من تمكن الإسْــلَام وانتشاره، فالعمل والتحَــرّك تحت عنوان (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) (الأنفال: 60) يمثل حافزاً مهماً وكَبيراً في الاهتمام بالجانب الاقتصادي مع السياسات المهمة في الحذر من التبذير في السعي للتوفير، للتوفير في ترشيد الإنفاق، والاقتصار على الأَشْيَــاء المهمة في التركيز على الأولويات في كُــلّ مرحلة أولويات كُــلّ مرحلة.
العنايةُ بالتعليم الصحيح، العنايةُ بالحِرَفِ والمهن، التعليم المهني وتطويره، هذه أمورٌ يجبُ التركيزُ عليها والعناية بها والاستفادة منها، اكتساب الخبرات في مختلف الأعمال، ومجالات العمل واسعة في هذا الزمن، تجد مَثَــلاً في مجالات، مجالات معينة هناك أزمة فيها، أزمة في توفير الكادر العامل فيها، تجد مَثَــلاً على مستوى المهندسين الزراعيين قلة قليلة من الذين يمتلكون هذه الخبرة والشعب بحاجة إليهم، مجالات عمل أُخْــــرَى يمكن دراستها في المعاهد المهنية مع تطوير المعاهد المهنية حتى في مناهجها مجالات عمل واسعة.
مجالُ التصنيع في كُــلِّ مساراته على المستوى الحربي، على المستوى الطبي والصحي، على بقية المسارات في مختلف أغراض الحياة ومتطلباتها مجالات واسعة الزراعة وغيرها.
وهكذا مجالات كثيرة لا يزال فيها أزمةٌ ونقصٌ حاد، أَحْيَـاناً يتزاحمُ الناسُ في مجال معين وأَحْيَـاناً لا يحظى الناسُ بالتأهيل اللازم، مَثَــلاً يخرجُ الكثيرُ من العمال للعرض للعمل ويتكدسون في شارع هنا أَو شارع هناك في صنعاء أَو في تعز أَو في الحديدة يعرضون أنفسهم للعمل، لكن خبراتهم المحدودة في مجال العمل قد يعني تتركهم في حالة من البطالة؛ لأَنَّ أَكْثَـــرَ العمال يتقنون أعمالاً بسيطة محدودة معينة، لكن عندما يتأهل الناس في مجال العمل يكتسبون الخبرات يستطيع أن يعمل في هذا المجال وذلك في هذا المجال وذلك في هذا المجال فهناك مجالات يواجه الناس فيها شحا في اليد العاملة فيها؛ لأَنَّها تحتاجُ إلى خبراتٍ وتأهيل، وهذا الجانبُ مهمٌّ ربط التعليم بالإنتاج، بالنهضة الاقتصادية، بالعمل في مختلف مجالات العمل، هذا مهم جِـــدًّا وأن يخرج الناس من الحالة الروتينية للتركيز على الوظيفة من التعليم على الوظيفة والوظيفة الإدارية والمكاتب، هذا ليست حالة صحيحة أَبَـدًا لا يمكن أن يجتمعَ كُــلُّ الشعب في مكاتب، من يزرع من يصنع من يبني من يعمر من يكون طبيبا؟ من يكون، بقية مجالات الحياة الواسعة جِـــدًّا، ربما كثير من الناس يدفعهم الكسل والكسل آفة، آفة وسلبية شنيعة، الحافز على البناء للأُمَّــة والنهضة يساعد الإنْسَــان أن يكون طموحُه طموحاً بناءً ما الذي سينفع فيه؟ قد يكون الله قد أودع فيك طاقات معينة وللعلم الرزق لا يأتي فقط من خارج، أول مسألة في الرزق هي ما رزقك الله بهِ، لاحظوا معي، ما رزقك الله به من طاقات وقدرات إذَا اكتشفتها وأخرجتها وفعلتها ونميتها هي التي ستشتغل بها في نهاية المطاف، ومن هنا بدأت عملية التوزيع الإلهي للرزق فيما هيأ الله به النفوس وفيما أودع في بني البشر من طاقات وقدرات كامنة متنوعة ومتعددة تُعمر بها الحياة وتتنوع بها مجالات العمل هذه نقطة مهمة جِـــدًّا بمعنى هيأ الله الناس لأعمال مختلفة ومتنوعة، هذاك ذلك إنْسَــان مَثَــلاً قد يفيد جِـــدًّا في المجال الزراعي لماذا؟؛ لأَنَّ الله أودع فيه في مكامن نفسه حتى في رغبته النفسية وميولهِ النفسية وقدراتهِ التي أودع الله فيه ما يناسب هذا المجال، في مجال التجار في أنواعها المختلفة، البعض مهيأ في ذلك المجال نفسيًّا في قدراته في تفكيرهِ في رغباتهِ في ميولهِ في ما أودع الله فيه من قدرات كامنة، البعضُ في ذلك المجال البعضُ في ذلك المجال في مجالات الحياة المختلفة البعض في المجال العسكريّ، البعض في المجال الإعلامي يمتلك اللسان والبيان والقدرة في التعبير والتوضيح والتبيين وإلى آخره، (اعملوا لكل ميسرٌ لما خلق له)، هذا العمل الذي يتحدث عنه النص المروي عن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله لا يعني القسمة بين عمل الخير والشر أَبَـدًا، المطلوب منا جَميعاً هو العمل في الخير (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الملك – آية 2) ولكن أنه العمل في مجالات الحياة، البعض مهيأ للعمل في الصناعة يتجلى فيه منذ طفلته ذلك، عندهُ طفل رغبة يهندس ويشتغل في مجال الهندسة ويبتكر ويكاد أن يخترعَ البعضُ وهو في مجال الطفالة، كُــلُّ إنْسَــان أودع اللهُ فيه قبل أن نقولَ عن توزيع الأرزاق خارج في الدنيا هذه من هناك ومن هناك داخل أودع الله فيه قدرةً، خبرةً أَو قدراتٍ كامنةً، ميولاً نفسية تُهَيِّئُهُ إذَا اتّجه في ميدان الحياة وفي مجال الحياة في مسار معيّن قد يفيد فيه، البعضُ هو طبيب، طبيب الطب في نفسه كان طاقة كان رغبة كان قدرةً كامنة درس، تأهل يبدع يتقن، يحقّـــق الله على يديهِ النتائج العجيبة المبهرة، هل نحن كشعب يمني لا نمتلك هذه القدرات الكامنة، لا، ليس الأمر كذلك نحن نمتلك، لا يمكن القولُ إننا شعبُ فقيرٌ ذاتياً فيما أودع الله في النفوس من القدرات والطاقات، هناك الكثيرُ جِـــدًّا حتى نسبة حالة الذكاء نسبة منتشرة في الواقع اليمني، نسبة عالية ويتأهل الكثير وهناك شخصيات وكوادر وكفاءات اشتغلت في الهجرة، في الغربة في دول أُخْــــرَى، البعض هو طبيب ماهر لكنهُ يُشغّل، قدراته هذه وموهبته تلك هناك في بلد آخر البعض حتى في الغرب في مختلف مجالات العمل هناك من يشتغل هناك وهناك وهناك؛ لأَنَّه لم يكن هنا في البلد من يعمل على استخراج هذه الطاقات الكامنة والقدرات الكامنة وتفعيلها وتهيئة الظروف الملائمة لها، هذا يحتاج إلى وعي عام إلى تفاعل من الجميع من الناس أنفسهم، هذا التفاعل الواعي الساعي إلى نهضة حقيقية وتفاعل من جانب الدولة في مؤسساتها المختلفة والتفاعل من أصحاب رؤوس الأموال كيف يوظفون رؤوس أموالهم فيما يبنون به بلدهم وشعبهم ويستفيدون منه، سيحصلون على الربح سيحصلون على الثروة، سيحصلون على الخير لكن بشكل صحيح مثمر وبنّاء وفعال، عندما تجدُ المعاناةَ الكبيرة التي يعانيها شعبنا وبالذات المرضى ويحتاج الكثير منهم إلى السفر إلى الخارج، هل لأَنَّه لا يوجد أطباء في اليمن أَو أطباء من اليمن لديهم الكفاءة اللازمة لمعالجة المرضى في مختلف الحالات المرضية أَو المشكلة مَثَــلاً لم يأتِ من يهيئ ما يلزم لهؤلاء الأطباء الأكفاء من البقاء في البلاد وتوفير البنية التحتية اللازمة، المستشفيات القوية التي تمتلك التجهيزات اللازمة والعناية اللازمة حتى تؤديَ ما يؤديه أيُّ مستشفى في الأردن، والكثير يحتاج إلى الذهاب إلى الأردن أتى الحصارُ على البلد والحصار على المرضى والمرضى كانوا مستهدفين في هذا البلد كما الآخرون مستهدفون أَيْــضاً، فمنعوا حالات السفر من مناطقنا المحاصرة إلى الأردن، إلى مصر، الكثيرُ كان يذهبُ إلى العلاج في الأردن وإما في مصر، كان من الممكن وليس من المستحيل أبداً أن يكونَ في صنعاء وفي غير صنعاءَ من المدن الكبرى في البلاد مستشفيات بنفس الكفاءة التي تمتلكها مستشفيات في الأردن أَو في مصر وأطباء بنفس المستوى أَو أَكْثَـــر، لكن لا الكثير من التجار فكّروا هذا التفكير مع أنهم كانوا سيستفيدون، تلك الأموال التي يضطر المواطن اليمني أن يدفعها كتكاليف للسفر للعلاج في الأردن، وهو يحتاج إلى أن يدفعَ بالدولار أحياناً في حالات كثيرة، في الأردن أَو في أوروبا أَو في مصر كان بإمكان التاجر اليمني هو من يستفيد من هذه الأموال وبأقل كلفة طبعاً، يستفيد المريض أنه لن يحتاج إلى نفس الكلفة التي احتاجها للسفر إلى الأردن أَو إلى مصر أَو أنه ليس في البلد تجار يمتلكون هذه القدرة المالية لأَن يستثمروا في هذا المجال بهذا المستوى، بلا يوجد، يوجد، بعض التجار يستطيع أن يبني خمسة مستشفيات عملاقة أَو مدينة طبية ضخمة، يوجد في هذا البلد تجار كبار يمتلكون أموال هائلة جِــدًّا، من المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها وهي كذلك، هناك تحذير منها في الشرع الإسْــلَامي في التوجيهات الإلهية، الرفع الباهظ وغير المبرّر للأسعار، يعني الكثير من التجار -هداهم الله وأصلحهم الله- والكثير من الذين يبتاعون ويشترون في كثيرٍ من الحالات يبالغون في رفع الأسعار يعني عادة في كثير من الحالات تأتي مشكلةٌ معينة أَو أزمة معينة، أول ما تبدأ تلك الأزمة أَو المشكلة يبادرون إلى رفع الأسعار بنسبة عالية جِــدًّا إلى درجة أن البعض من التجار نسبة أرباحهم مائة في المائة ومئتين في المائة، ثلاث مائة في المائة، يعني يرفع سعر السلعة بأَكْثَـــرَ مما يغطي قيمتها وغرامتها، غرامة النقل والإجراءات التي تحتاج إليها حتى أوصل السلعة، مثل هذه الحالة مرتين ثلاث، ثلاث مرات، يعني يربح أرباحاً كبيرة جِــدًّا ومن من؟ من هؤلاء الناس الذين أغلبهم فقراء يعانون، هذا يؤدي إلى ارتفاع مستوى المعاناة لدى الناس، يصبح كُــلُّ شيء مرتفعَ السعر، مرتفع الثمن، مكلفاً في شرائه، وطَبْــعاً هذا يؤدي إلى كساد وركود، في الأخير الكثير من الفقراء يتفرج في السوق على أَشْيَــاء كثيرة ولا يستطيع أن يشتريها، مع التخفيض في التكاليف يستطيع أن يشتري، وباستطاعة الكثير من التجار أن يخففوا، أن يكون الربح ربحاً منطقياً، بالميسور، بما يراعي فيه ظروف الناس، الله سيعطيه البركة أَكْثَـــر، وسيغطي وهذه نقطة مهمة في السياسة الاقتصادية، سيعطي الفارق من خلال كثرة البيع، مَثَــلاً قد يبيع بمبلغ على سبيل المثال مَثَــلاً ثلاثين ألفاً، وربحه هنا مضاعف ثلاثة أضعاف مَثَــلاً، لو أنه مَثَــلاً باعها بالنصف خمسة عشر ألفاً سيقبل الناس، سيتمكن الكثير من الشراء؛ لأَنَّها أصبحت بثلاثين ألفاً، الكثير من الفقراء ومحدودي الدخل لا يستطيعون شراءَها منه فلا يشتري منه إلا البعض من الناس، لكن لو باع بسعر أقل، بسعر منطقي وهو فيه رابح، هو فيه رابح، قد يشتري منه الكثير، قد يأتي الكثيرُ ممن في قدرتهم أن يشتروا بذلك السعر والثمن، حينها يبيعُ الكثيرَ، حينها يكثُرُ الدخلُ، حينها يغطي الفارقَ الذي كان يريدُه يومَ رفع السلعة، يحصل على ذلك الفارق من المبيعات الكثيرة، وهذه مسألة مهمة، حينها ينتعش الاقتصاد، تعالج مسألة الركود وبقاء الكثير من البضائع في البقالات والمحلات التجارية، تنتعش السوق، المواطن يرتاح، يرى الكثير من الناس أنه استطاع الحصول على تلك السلعة أَو تلك، على تلك الاحتياجات أَو تلك، أَيْــضاً مشكلتها في الواسم، تصبح المواسم فرصة لدى بعض التجار لرفع الأسعار، لا لشيء إلا لأَنَّه موسم، مَثَــلاً عندما يأتي العيد يقترب العيد، عيد الفطر أَو عيد الأضحى، يعتبر البعض من التجار هذا الموسم فرصة للحصول على الكثير من المال، لماذا؟؛ لأَنَّ الكثير من الناس يريد أن يشتري ملابس له ولأُسرته ولأطفاله وأولاده، يغتنم التاجر الفرصة ليرفع الأسعار بدون موجب لرفع الأسعار، يعني يمكنه أن يحصل على الأرباح المنطقية والمعقولة، لكنه يستغل إقبال الناس على شراء الملابس مع مناسبة العيد فيرفع السعر ليحصل على أموال كثيرة، مع قسوة الظروف يتعذر على كثير من الناس أَو يصعب عليهم شراء الملابس، قد يتجهون البعض، يتجه البعض من الناس إلى ملابس البالة وللأسف الشديد للاضطرار للشراء منها، أَو لا يمتلكون القدرة للشراء، مَثَــلاً البعض من الناس قد يكون لديه عددٌ كبيرٌ من أفراد الأسرة، عشرة أولاد، أربعة عشر ولداً، ثمانية، سبعة، لا يستطيع بتلك الأسعار أن يشتريَ للكل وَإذَا اشترى للبعض قد تحدث مشكلة، إلا إذَا صالح بينهم بين الأعياد، البعض العيد والبعض العيد الآخر، في نهاية المطاف يضطر إلى أن لا يشتري، لو أتت التخفيضات المنطقية واكتفى التاجر بربح منطقي وخفيف وراعى فيه الناس، يشتري الكثير، يحصل على أرباح، يغطي الفارق الذي رفع من أجله السعر والثمن، الدولة من جانبها يفترض أن تضع حدًّا معيناً للأسعار بالذات مع ظروف الناس الصعبة ومعاناتهم الكبيرة، وعلى كُــلّ لنعي جيدا أن الآفاقَ واسعةٌ للحلول الاقتصادية وأن الفرص كبيرة، وأن الشيءَ الخطرَ هو عندما يتجه الناس للمعالجات الخاطئة، والتصرفات الإجرامية، القتل العمالة والخيانة، الظلم، السرقة، النهب، الغش، الخيانة بكل أشكالها، ارتكاب المحرمات من أجل الحصول على المال، هذه الحالة هي الخطيرة، هناك بدائل، هناك فرص، هناك حلول، هناك ضمانة إلهية، (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) (الإسراء – الآية 31) هذه الضمانة مهمة تكفل الله بالرزق، (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) (سورة هود – الآية 6)، فيتجه التركيز لدى الناس على تقوى الله، الالتجاء إلى الله، الاستقامة، التركيز عن البحث عن الحلول، والتحَــرّك في المجالات الصحيحة التي تمثل معالجةً صحيحةً وسليمةً ويعطي اللهُ فيها البركة، ويحصلُ للكثير من الناس يتقوا الله ويرزقهم وعائشون بالحلال، كثيرٌ من الناس يعيشون بالحلال وبعيدون عن الحرام والخيانة والجريمة والظلم وكل أشكال الجريمة والإثم.
نكتفي بهذا القدر، وَنَسْأَلُ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنْ يُوَفِّـــقَنَا وإيّاكم لما يُرضيه عنَّا.. وَأَنْ يَرْحَــمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفِــيَ جرحانا، وَأَنْ يفــرِّجَ عن أسرانا وَأَنْ يَنْصُرَنَا بنَصْرِهِ.. إِنَّـهُ سَـمِيْـعُ الدُّعَـاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..