الزراعةُ وتعزيزُ الأمن الغذائي .. بقلم/ محمد عبدالمؤمن الشامي
تلعب الزراعة دورا هاما في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للدول، هي المحرك لبقية القطاعات الخدمية الأُخْـــرَى، وعند الحديث عن قطاع الزراعة في بلادنا قبل الثمانينيات تشير العديد من الدراسات أنه حقّـــق اكتفاء ذاتيا لا نظير له من المنتجات الزراعية، لدرجة أن البلد آنذاك (فترة حكم الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي)، أصدر عملة معدنية ذهبية في العام 1974، نقشت عليها عبارة (لزيادة إنتاج المحاصيل الغذائية)؛ ونظراً لأهمية هذا القطاع الذي يشكل أحد دعائم الاقتصاد الوطني المحلي فقد شكل أهمّ موارد الدخل الوطني للبلاد، كما أن القطاع الزراعي كان أَكْــبَــر الأنشطة الاقتصادية في استيعاب السكان، إذ كانت نسبة المشتغلين فيه نحو 70 % من مجموع القوة العاملة في البلاد، لكن الأهمية للقطاع الزراعي أخذت اتِّجَــاهاً متناقضاً ومنحدراً، بشكل ملحوظ منذ الثمانينيات وحتى اليوم وقطاع الزراعة يتعرض إلى حملة تدمير مُمَنهجة ومدروسة من النخبة السياسيّة وَالحكومات المتعاقبة التي تعاونت مع القوى الإقليمية لإبقاء اليمن في حالة فشل وإبقاء الحال على ما هو عليه مما أثَّر بشكل كبير على القطاع الزراعي والظروف الاجتماعية والاقتصادية العامة في البلاد.
فالأمن الغذائي والواقع الزراعي في بلادنا اليوم بات مؤلما جِــدًّا مع استمرار العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي الصهيوني منذ عام 2015م الذي استهداف هذا القطاع ومُؤَسّساته في إطار مخطط عدواني سعوديّ إماراتي بهدف تجويع الشعب اليمني، بطريقة ممنهجة ومقصودة الهدف منها تركيع اليمن قيادة وشعبنا، حيث أوضحت وزارة الزراعة والري في صحيفة الثورة أن خسائر القطاع الزراعي تجاوزت الخسائر 16 مليار دولار تمثل ذلك في الاستهداف المباشر للمزارع والمنشآت والمباني الزراعية التي تم حصرها وهي أَكْــثَــر من (5000) موقعٍ زراعيٍّ متنوعٍ تعرضت للقصف المباشر من طيران وبوارج العدوّ بينها ما يزيد عن (1000) موقع في أراضي زراعية تنتج أنواع المحاصيل الزراعية المختلفة وكذا تدمير كامل وجزئي لأَكْــثَــرَ من (3700) من مباني ومنشآت والبيوت الزراعية المحمية المنتجة لمختلف المحاصيل كالخضار والشتلات وَتدمير ما يزيد عن عدد (30) خزانا وسدا وحاجزا وقنوات ري أبرزها سد مارب التأريخي والذي يروي آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية كما تم تدمير(9) حفارات ووحدات طاقة شمسية وكذا تدمير أَكْــثَــر من (101) مضخة مياه.
لذلك نحن اليوم أمام تَحَدٍّ للنهوض بالتنمية الاقتصادية والنهوض بالقطاع الزراعي وجعل بلادنا في مقدمة الدول الزراعية، فالتعاون بين الحكومة وكافة المعنيين بالاستثمار الزراعي من القطاعين الحكومي والخاص وَتشجيع المزارعين على الدخول والاستثمار في القطاع الزراعي سيحوّل القطاع الزراعي إلى رافعة حقيقية للاقتصاد وليس إلى هبات من دول أَو منظمات وجمعيات دولية، فالقطاع الزراعي من أهمّ الركائز الأَسَاسية في تنشيط الاقتصاد الوطني الذي يسهم في إحداث التنمية الشاملة في النهوض باقتصاد البلاد؛ لذلك على الحكومة رسم السياسات الاقتصادية الزراعية من حيث أَهْـــدَافها وآلياتها وأساليب دعمها للإنتاج والتصنيع والتسويق الزراعي، تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء على المستوى الوطني، من أجل بناء اقتصاد محلي مستدام وَمكتفٍ ذاتيًا من المنتجات الزراعية.