الكرارُ في محراب الشهادة .. بقلم/ زيد البعوة
في هذه الأَيَّــامِ والليالي المباركة تطلُّ علينا ذكرى مؤلمةٌ وفاجعة كبيرةٌ، هي ذكرى استشهاد الإِمَــام عَلِيّ عليه السلام الذي تخضّبت لحيتُه بدم رأسِه بضربة سيف أشقى الأشقياء، كما وصفه الرسول مُحَمَّــد صلى الله عليه واله؛ لأَنَّه جعل الأُمَّــة تفقدُ أعظم عظمائها بعد نبيها ولأنه تسبب في استحكام قبضة الطواغيت على رقاب المسلمين؛ بسَببِ ضربته اللعينة التي استهدفت الإسْـــلَام بكله واستهدفت القُـــرْآنَ واستهدف كُــــلَّ مبادئ وقيم الخير والحكمة والهدى والوعي والعزة والكرامة، لما لا وهو هشم جمجمةَ مَن وصفه الرسول بقوله علي مني بمنزلة هارون من موسى وقال عنه علي مع القُـــرْآن والقُـــرْآن مع علي وعلي مع الحَــقّ والحق مع علي؟!.
العبارةُ المشهورةُ التي ستبقى مخلدةً في ذَاكرةِ التأريخ وفي وجدان البشر (فُـــزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَـةِ) العبارة التي ردّدها أميرُ المؤمنين علي عليه السلام عندما ضربه أشقى الأشقياء ابن ملجم اللعين في محراب مسجد الكوفة، فكان تلك الكلماتُ القُـــرْآنيةُ المشحونةُ بالقُــــوَّة والعزيمة والبصيرة هي الردَّ على تلك الضربة ودرس وعبرة للمسلمين عبر التأريخ إلى يوم القيامة وعلينا أن نقف وقفة تأمل في محراب مسجد الكوفة في ليلة القدر نقف وقفة من يريد أن يخرج بدرس عظيم وعبرة مشحونة بالحكمة والقُــــوَّة لماذا لم يتفوه الإِمَــام عَلِيّ بكلمة أُخْــرَى غير كلمة فُـــزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَـةِ؟ لم يقل يا ويلتي أَو يئن من شدة الوجع ومن هول الفاجعة بل استقبل الشهادة كما يليق به وكما يليق بها.
وبما أننا من شيعة علي ومن أحبابه ومن المتبعين له ولأهل بيته كما وجهنا رسول الله فنحن اليوم نسيرُ على نفس الطريق التي سار عليها نقتدي به ونتأسى به ونجاهد كما كان يجاهد ونقدم الشهداء في سبيل الله في مواجهة الطواغيت والظالمين نعم نحن كذلك اليوم كشعب يمني ونحن نواجه العدوان الأمريكي السعوديّ على مدى أَكْثَـــرَ من أربعة أعوام نخوضُ معركة الحَــقّ ضد الباطل لن مشروع رسول الله ومشروع أمير المؤمنين علي عليه السلام هو المشروع الذي نمضي عليه ونتحَــرّك من خلاله وهو المشروع القُـــرْآني العظيم الذي أعاد نشاطه في عصرنا حفيد الكرار الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه والذي لا يزال قائماً بفضل من الله بعطاء وحركة ونشاط قائد المسيرة القُـــرْآنية السيد عَبدالملك الحوثي حفظه الله.
نفسُ النهج ونفسُ المعنويات ونفس المشروع ونفس المواقف وإنِ اختلفَ الزمانُ والمكانُ إلّا أن نفسيةَ علي عليه السلام تسكُنُ بين جوانحنا ونجسدها في واقعنا ليس مئة بالمئة ولكن بنسبة لا بأس بها ونتمنى من الله أن يبلغ بإيْمَــاننا أكمل الإيْمَــان وفي هذه الذكرى المؤلمة علينا أن نستلهمَ من الإِمَــام عَلِيّ عليه السلام العبرة والدرس في استقبال الشهادة والإنْسَــان في موقفِ حَــقّ وثابت على دينه.. ولو نأتي لنتساءل عما قبل فُـــزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَـةِ سنجدُ أن الرسولَ صلى الله عليه وآله عندما أخبر الإِمَــام عَلِيًّا أنه سَـتُخضَّبُ لحيتُه بدم رأسه كان سؤاله الوحيد (أَفِيْ سَلَامَةٍ مِنْ دِيْنِي؟) وهذا هو السؤال القائم على الحكمة والفوز والنجاة في الدنيا والآخرة.
حين ردّد الإِمَــام عَلِيّ عليه السلام العبارة العظيمة (فُـــزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَـةِ) في محرابِ الصلاة وفي ليلة القدر وفي لحظات ما قبل العروج إلى عالم الخلد وعالم الشهادة كان الهدف من هذه الكلمات العظيمة هو أن يقول للجميع والخطاب موجة للقلوب والعقول أن التضحية بالدم والروح والنفس في سبيل الله وفي سبيل الحَــقّ هي الفوز الذي لا يمكن أن يرقى إليه فوز على الإطلاق وما أشبه ذلك بتلك الكلمات التي ردّدها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين عند استشهاده حين قال اللهم: ثبِّتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.. لا تختلفُ هذه الكلماتُ عن الكلمات التي ردّدها جَدُّه في محراب مسجد الكوفة (فُـــزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَـةِ).