منظمات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب .. بقلم/ أمل المطهر
يبدو أن المثَلَ القائلَ “رُبَّ ضارةٍ نافعة” قد انطبق علينا في اليمن، فرغم الأذى والضرر الذي لحق بنا من هذا العدوان والتكالب الكوني إلا أنه فتح أعيننا على حقائقَ كانت غائبةً عنا وكشف لنا أمور كانت في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
المنظماتُ الإنْسَــانية وعلى رأسها منظمة الغذاء العالمي التي كانت تلبسُ رداءَ الرحمة وتشع نوراً وإنْسَــانية لم يكن معروفاً لدى الأغلبية من أبناء الشعب اليمني ماهية أعمالها ومهامها الحقيقة حتى رأوا بأعينهم ماهي تلك الأعمال منظمات عملها تقديم مساعدات غذائية ودوائية للمتضررين من هذا العدوان نراها تنزل لعمل مسح ميداني شامل لمعرفة أماكن الضربات ومدى دقتها أيضاً تصوير أماكن الضرب وتصوير الضحايا والجرحى وتصوير الأجنة المشوهة؛ بسَببِ استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وأخذ المعلومات الشخصية من الأهالي والتطرق إلى أخص الخصوصيات كالانتماء المذهبي والحزبي وغيره.
هذه فقط بعضٌ مما لمسه المواطن اليمني وفطن له من دون أي شرح؛ لأَنَّه لم يرَ لتلك التحَــرّكات التي تقوم بها تلك المنظمات أي أثر مفيد في واقعه ولا حتى مستوى نشرها تلك الصور وَإدانة مرتكبي تلك الجرائم الإنْسَــانية فتلك الاحصائيات والصور تذهب لملفات دول العدوان ليتأكّدوا من نتاج ما يفعلونه بهذا الشعب.
وحينما نأتي لا حديث عن توزيع المساعدات فالمواطن يجد فيها ما هو أمرُّ وأنكى فما يقدمونه هو أغذية فاسدة لا تصلح حتى للاستخدام الحيواني.
فهل يعتقد أصحاب تلك المنظمات ومديروها التنفيذيون في اليمن أن الشعب اليمني الذي تحمل خمسة أعوام من الضرب المتواصل بأقوى وأفتك أنواع الأسلحة والحصار والتجويع والنزوح والمعاناة في سبيل أن يحافظ على كرامته وعزته وشموخه سيقبل بتلك الأغذية الفاسدة أَو سيقبل بأخذ ما عجز العدوّ عن أخذه عسكريًّا ليأخذه بطرقهم الملتوية وبإمساكه من اليد التي توجعه واهمون هم إن ظنوا ذلك.
منظمات ليس لها من اسمها نصيب فلا تمت للإنْسَــانية بصلة ولا تخدم الإنْسَــانية بأية طريقة كُــلّ أعمالها تصب في خانة خدمة أعداء الشعوب.
فلم نرَ لها منذ بداية هذا العدوان أية إدانة لكل تلك الجرائم والمجازر بحق الشعب اليمني.
مما كشف لأبناء الشعب اليمني وظيفتُها الحقيقية التي أنشئت لأجلها وهي: مضاعفة معاناته وإبقاء حالة المعاناة الإنْسَــانية قائمة ومستمرّة ومتسعة فلا هم الذين تركوا المريضَ يرتاح من معاناته بعلاجه ولا اعتقوه ليموت ويرتاح.
وأيضاً لوصل الخيط الذي قطع عنهم داخلياً بعد الثورة المباركة لمعرفة كلما يدور في الداخل اليمني على كافة الأصعدة وأبسط الأمور التي يمكنكم تخيلها.
أنا لا أتكلم من باب التكهنات غير المنطقية أَو أرمي بالاتّهامات جزافاً.
أليس من المنطق أن تكون تحَــرّكات هذه المنظمات ملموساً على أرض الواقع كأن نرى مثلا سعيا حثيثا لفك الحصار عن اليمن وفتح مطار صنعاء ليتم سفر المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج في الخارج وعودة العالقين هناك ودخول الأدوية لمرضى الفشل الكلوي والسرطان والقلب الذين يموتون كُــلّ يوم؛ بسَببِ شحة الأدوية وانعدامها أَو حتى ادخال تلك الأدوية لمساعدتهم على أقل مستوى للإنْسَــانية!!
أليس من المنطقي أن تعالج تلك المنظمات جذور وأساس تلك المشكلة التي تسببت في هذه الكارثة الإنْسَــانية في اليمن عوضا عن وضع المسكنات على جروحنا المفتوحة والعميقة لتزداد توسعا وعمقا ووجعا؟!
أليس من المنطقي أن تعمل المنظمات الإنْسَــانية في نطاق عملها ولا تحشر أنفها في كُــلّ شاردة وواردة لا تعنيها؟!
أليس من الإنْسَــاني والأَخْـــلَاقي أن تتوقف تلك المنظمات عن إرسال الأغذية الفاسدة لأبناء الشعب اليمني التي تصر بإرسالها على إيصال رسالة واضحة لهذا الشعب الأبي مفادها الاستهدافُ المباشر له والاستهزاء والاحتقار له وهذا ما لن يقبله اليمنيون أبداً؟!!
لذلك أقولها بصراحة إن لم تتوقفْ تلك المنظمات عن ممارساتها المجحفة بحق أبناء الشعب اليمني فإن العواقبَ ستكون وخيمة جداً فهذا الشعبُ يدوسُ على جراحه وينام على أنين أوجاعه ولا يقبل أن تُمَسَّ سيادته وكرامته وشموخه بأي حال من الأحوال.