مؤتمرُ المنامة أم مؤتمرُ الخيانة والتطبيع؟! بقلم/ مطهر يحيى شرف الدين
مرحلةٌ أخرى من مراحل صفقة القرن تسعى فيها الولاياتُ المتحدة الأمريكية مع إسرائيل إلى إنهاء مشروع التحرّر الفلسطيني وبسط السيطرة الاقتصادية والسياسية على الأراضي المقدَّسة والضفة الغربية باستثمار 50 مليار دولار على الأراضي الفلسطينية ودول عربية مجاورة.
فمنذ عدة عقود من الزمن بل عدة قرون لم يعرف العالمُ الإسْــلَامي والعربي أن جاءت أمريكا بخيرٍ أَو مصلحةٍ لأي بلدٍ عربي، ولن تكون هناك أية مصلحة لصالح الفلسطينيين من انعقاد ورشة المنامة إلا أنها ترمي في الأخير إلى إلغاء آخر أمل لهم في نيل حقوقهم السياسية والاقتصادية والسيادية.
ففي باطن الورشة غدر وخيانة وتعزيز للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وانعقادها في دولة عربية بمشاركة دول عربية ليست إلا محاولة بائسة لإضفاء شرعية لانعقادها التي إن لم يتم مواجهتها برفض مخرجاتها فإنها ستأتي بتشتيت وتمزيق وحدة الأراضي الفلسطينية والقضاء على أي أملٍ للوحدة العربية وهويتها الإسْــلَامية.
ورشةُ المنامة التي انعقدت أمس، أخذت في ظاهرها طابعاً اقتصادياً بخطة تدعو إلى إقامةِ صندوق استثمار عالمي لدعم الاقتصاد الفلسطيني وعدد من الدول المجاورة كالأردن ومصر، وعن ذلك المبلغ الباهض المخصص للاستثمار يتمنى كوشنر صهر ترامب ويؤمّل في مغازلة متجددة لدول الخليج أن تنال هذه الأخيرة نصيباً استثمارياً من الميزانية الهائلة للخطة.
مصر والأردن والسعوديةُ والإماراتُ والشرعية المزعومة في اليمن باركت انعقاد الورشة، وَاختارت أن تكونَ هي السباقة ومن أوائل الدول العربية التي أدخلت نفسها في مربع الخيانة والتطبيع المتمثل في مؤتمر أسماه الشارعُ المغربي مؤتمرَ العار، واعتبروه تلاعباً بكرامة الأمة العربية والإسْــلَامية.
فكان من نتائج إعلان انعقاد الورشة أنْ تحَــرّكَ الشارع المغربي بكل حمية وغيرة في تظاهرة دعت إليها الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني وشاركت فيه أطياف وَهيئات سياسية ويسارية وإسْــلَامية أدانوا فيها المؤتمر وطالبوا في التظاهرة بإصدار قانون يُجرم التطبيع مع العدو الإسرائيلي، ومؤكّـــدين رفضَهم للمؤتمر من خلال الشعارات واللافتات التي عكست امتعاضَهم من المؤتمر معلنين بأنه انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني ولقرارات مجلس الأمن الدولي.
ولذلك فإنَّ الخطوةَ التي أقدمت عليها واشنطن في افتتاحها لصفقة ترامب التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية تعتبر طعنات غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني وتدمير لأحلامه وآماله في أن يعيشَ بحرية وكرامة واستقلال وسيادة، كما أن ذلك المخطط يسعى لتحقيق عدة أهداف، منها إظهار حسن نوايا الصهيوأمريكية في إنعاش التنمية والاقتصاد الفلسطيني التي تخفي وراءها خبثَ نواياهم المبيّتة للاحتلال والتغطية على جرائمها بحق الشعوب الفلسطينية والسورية واليمنية التي تورطت فيها بالدعم العسكري والمعنوي المباشر وَغير المباشر.
ومن الجدير بالذكر أن اختيارَ انعقاد مثل هذا المؤتمر في دولة عربية هو اختيارٌ معد له مسبقاً لتحقيق غايةٍ تتمثل في مشاركة واسعة لزعامات عربية وفي أرضٍ عربية لإيجاد مبرّرات ودوافعَ تساعدُ في نجاح المؤتمر وتنفيذ مخرجاته التي ستخرج بقرارات بمشاركة ومباركةٍ عربية، وبذلك يكون للعرب الدورُ الكبير في منح أمريكا وإسرائيل امتيازاتٍ على أراضٍ عربية وحقوقٍ سيادية وذلك على حساب الحق العربي والفلسطيني.
وبالتالي فعلى كُـــلّ زعيم عربي ساقته أهواؤه وشهواتُه وخوفُه من أمريكا وإسرائيل إلى المشاركة في مؤتمر المنامة وإلى تعزيز التطبيع مع إسرائيل أن يعلمَ أن القضيةَ الفلسطينية ليست قضيةً إنْسَــانية أَو قضية تنموية حتى يتم بناء مشاريع تنموية هي في حقيقة الأمر طريق واضح ليهودة المقدسات الإسْــلَامية وعليهم أيضاً أن يسألوا أنفسهم، هل سيأتي الأمريكيون بالخير؟ وهل ستأتي منهم مصلحة؟ وهل سيكون لنا منهم عزةً وكرامة؟!، فإذا كنتم لا تعرفون بماذا سيأتون فاعلموا أن أمريكا هي الشيطان الأكبر وأنها وراءَ كُـــلّ شرٍ في هذا العالم وهي وراء كُـــلّ أزمةٍ سياسية واقتصادية في كُـــلّ بلدٍ عربي، وأن من يهيمن على أمريكا هم اليهود الذين يسعون في الأرض الفساد.
وكما قال الشهيدُ القائدُ حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه “لا تدخل الشركاتُ الأمريكية بلداً إلا وتنهَبُ ثرواته إلا وتستذلُّ أهلَه عن طريق الخداع للحكومات والشعوب بتبريرات يصنعونها ونصدقها بسرعة ونوصلها إلى بعضنا البعض”.