تعاظم قوة الردع اليمنية يجبر الإمارات على بدء إجلاء قواتها المحتلة
المسيرة | ضرار الطيب
على وَقْــــعِ التصعيد العسكري الجديد والمتزايد لقوات الجيش واللجان الشعبيّة، والذي صنعت مجرياتُه خلال الفترة الماضية تحولاتٍ استراتيجيةً كبيرةً من خلال تكثيف الضربات الجوية والصاروخية الناجحة على مطارات ومنشآت العدو السعودي، سارع الاحتلالُ الإماراتي مؤخّراً إلى سحبِ جزء كبير من قواته المتواجدة في اليمن، في ما بدا أنه استشعارٌ إماراتي مبكر لخطر هذا التصعيد الذي تؤكّـــد القوات المسلحة أنه سيتوسعُ في قادم الأيام وسيطال أهدافاً حساسةً ومهمةً لتحالف العدوان بوجهَيه السعودي والإماراتي، في الوقت الذي ما زالت تتوعدُ فيه أَيْــضاً بالكشف عن صناعات حربية جديدة متطورة قريباً.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء، أمس الأول، عن “مصادر دبلوماسية غربية” أن الإمارات بدأت بـ”تقليص” وجودها العسكري داخل اليمن، حيث قامت مؤخّراً بسحب جزء من قواتها التي كانت متواجدة في ميناء عدن في وفي الساحل الغربي.
وبحسبِ أحد الدبلوماسيين الذين تحدثوا لرويترز، فإن “الكثير من القوات الإماراتية اليمن تم سحبُه الأسابيعَ الثلاثة الماضية” وهي الفترةُ التي تصاعدت فيها الضرباتُ الجوية والصاروخية اليمنية بشكل كبير على المنشآت السعودية ضمن التصعيد الاستراتيجي الجديد الذي بدأ بتكوين ملامح جديدة للمواجهة بعد نجاحه في تحويل مطارات نجران وجيزان وأبها إلى مناطقَ غيرِ آمنةٍ باتت تخرج عن الخدمة بشكل مستمر جراء الضربات المتواصلة.
الفترةُ نفسُها التي شهدت سحب “الكثير” من قوات الاحتلال الإماراتي هي أَيْــضاً الفترة التي شهدت تصريحات لافتة للقوات المسلحة، حيث حذرت على لسان ناطقها، العميد يحيى سريع، من أن “مساحة التصعيد ستتوسع” كما أكّـــدت أن التقنيات العسكرية اليمنية باتت تتجاوز قدرة أنظمة الحماية والدفاع الأمريكية، وتوعدت مؤخّراً بالكشف عن بعض تلك التقنيات والأسلحة الجديدة “صواريخ وطائرات مسيّرة” خلال الأيام القادمة.
إنذاراتُ خطر يبدو أن الاحتلالَ الإماراتي فضّل أن لا يرتكبَ خطأَ الاستخفاف بها كما فعلت الرياض، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن مطارات الجنوب السعودي باتت شاهداً حياً على أن قوات الجيش واللجان لا تطلقُ تهديداتٍ جوفاءَ، إلى جانب أن الاعتمادَ على منظومات الدفاع الأمريكية المتواجدة في أماكِنِ تمركز القوات الإماراتية بات رهاناً خاسراً بالنظر إلى نجاح وتكرار العمليات الجوية والصاروخية الأخيرة، ناهيك عن أن الإماراتِ تمتلكُ بالفعل تأريخاً “مؤلماً” مع الضربات البالستية اليمنية منذ “توشكا صافر”.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول إماراتي، أن سحب الإمارات لقواتها له علاقة باتّفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، وهو ما يؤكّـــد أَيْــضاً أن هذا التحرّك ناجمٌ عن خوف “أبو ظبي” من الضربات اليمنية، وقد نقلت صحيفة “رأي اليوم” عن مصادرَ “مطلعةٍ” أن قيادةَ الاحتلال الإماراتي اتخذت قرارَ سحب القوات بعد عمليات رصد جوي نفّذتها قواتُ الجيش واللجان على أهدافٍ حيوية داخل الأراضي الإماراتية، وهو الأمر الذي أوصل رسالةَ وعيد واضحة.
الإماراتُ كانت قد تلقت أَيْــضاً تحذيراً مباشراً وجّهه قائدُ الثورة السيد عَبدالملك بدر الدين الحوثي، في فبراير الفائت، من مغبة “العودة إلى التصعيد العسكري في الحديدة”، وهو تحذيرٌ بات على أبو ظبي أن تضاعفَ حرصُها على تجنب عواقبه وبالذات في هذا الوقت الذي تحاول فيه الانقلابُ اتّفاق الحديدة عسكرياً، وهو ما يفسّرُ سحبَ “الكثير” قواتها في اليمن، لكن الواقعَ الميداني يؤكّـــد أنها ستكونُ مخطئةً إنْ فكّرت بأن سحبَ القوات سيُبقيها بأمانٍ من نتائج أفعالها، وليس عليها إلا أن تنظُرَ إلى العمق السعودي وما يتعرض له من ضربات، لتتأكّـــد من ذلك.
وفيما تقولُ مصادرُ “رويترز”: إن الاحتلالَ الإماراتي استبدل قواتِه التي سحبها بـ “قوات محلية”، أكّـــدت مصادرُ أُخْـــرَى مطلعة أن هذه القوات البديلة هي عبارة عن تشكيلات من المرتزقة السودانيين الذين دأبت كُـــلٌّ من أبو ظبي والرياض على استخدامهم بشكل كبير ومكثّف كبّديل للجنود السعوديين والإماراتيين في مختلف المناطق المعرضة للاستهداف، والمناطق التي تحتضن مواجهات كما في الجبهات الحدودية بالنسبة للجيش السعودي، وفي الساحل الغربي بالنسبة للقوات الإماراتية.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد نشرت، نهاية العام الماضي، تحقيقاً نقلت فيه شهادات عن جنود من المرتزقة السودانيين المشاركين في القتال لصالح السعودية والإمارات في اليمن، وأكّـــدت تلك الشهادات أن الإماراتيين والسعوديين يقومون بتوزيع القوات السودانية في الأماكن المعرضة للمواجهات والاستهداف، لكي يبقوا على أنفسهم بأمان في أماكن بعيدة، لكن التصعيد الأخير للجيش واللجان أثبت بما لا يدع مجالاً للشكوك أنه لم تعد هناك أية أماكنَ بعيدةٍ آمنة لقوات الاحتلال الإماراتي داخل اليمن.