بَرَّع يا استعمار .. بقلم/ عبدالجليل محمد الموشكي
منذُ أكثرَ من أربعة أعوام من العدوان السافر على اليمن والإمارات والسعودية تنفذان أجندتيهما على الأرض؛ بُغية السيطرة على أجزاء من الأرض وإن كان الظاهر هو الانسجام بينهما إلا أن الباطن صراعات من تحت الطاولة على المصالح والنفوذ فاتجهت الأولى إلى الجنوب وركّزت على جزيرة سقطرى ومحافظة حضرموت وشبوة، في إشارة إلى حرصها على التمركز في بؤرة النفط في جنوب اليمن.
بينما اتّجهت السعوديةُ إلى محافظة المهرة اليمنية؛ حِرصاً منها على مد أنابيبها النفطية وتهيئة المنطقة لأَن تكونَ مسرحاً لمصالحها المستقبلية ومدت سيطرتها على محافظة مأرب بضغطها على المرتزقة فهي من تؤويهم في فنادقها بالرياض.
ومرت الأيام والأشهر والإمارات تستفحل في جسد الأراضي اليمنية التي تقع تحت نفوذها بنشر الفوضى التي تكفلت بإشعالها ميلشياتها في كُــلّ منطقة حيث شكلت مناطق سيطرتها نموذجاً مخزياً للتحالف الأرعن فبدلاً عن الإعمار سعت للدمار وبدلاً عن الأمن أوجدت السجون والمعتقلات السرية، ولها في عدن وتعز صورٌ بشعة أظهرت حجمَ المؤامرة التي تنفذها ضد اليمن، ففي كُــلّ منطقة أوجدت لها عصابةً تمارس سياستها الخبيثة كعصابات أبو العباس بتعز والحزام الأمني في الجنوب والنخبة الحضرمية وَ… إلخ من الشراذم والعصابات، وأحكمت سيطرتها على المنافذ البحرية لتضمن بذلك حركة موانئها الاصطناعية على حساب موانئ اليمن الطبيعية؛ واستماتت بميليشياتها على الحديدة وفشلت في الحرب وخسرت حتى في السلام فيها وحتى الآن وما برحت أطماعها.
وحينما نعود للمنطق نجد أن الإمارات ليست دولة لها من عراقة التأريخ والجذور الحضارية ما يؤهلها لأَن تكونَ دولةً تستعمر دولةً بحجم اليمن، والخفي في الأمر هو أنها مجرد عصا تستخدمُها الامبراطورية التي ما زالت تظن أنها تلك التي لا تغيب عنها الشمس تزامناً مع رغبتها في مغادرة الاتّحاد الأوروبي.
في الحديدة وما أدراك ما الحديدة؟
ذاقت الإمارات أشد النكال وحذرها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي من العودة إلى أي تصعيد عسكري في الحديدة، وطوال الفترة التي تواجدت فيها الإمارات وخصوصاً في الضالع ولحج وعدن والعند على وجه التحديد تلقت إمارات آل نهيان رسائل أوصلها سلاح الجو المسيّر أقلقت راحتها وعكرت صفوها هناك أبرزها عملية العند ورأس عباس بعدن وفي البريقة وأكثر من مكان.
وعزز الجيش واللجان الشعبيَّة تلك الرسائل بالتقدم الواسع في جبهة الضالع، ما ضاعف التحديات التي تحول دون بقائها، وها نحن نسمعُ بعض التسريبات الاستخبارية العالمية التي تقول إن الإمارات بدأت بتقليص تواجدها العسكري في اليمن واستبدال قواتها بمرتزقة سودانيين ومحليين.
وكل ما يجري نتيجة عكسية لاقتراب الأبطال من الجنوب ولا يعني ذلك التقليص هو رحيل الإمارات تماما فقد اوجدت المعسكرات والثكنات ودربت قيادات جنوبية عميلة وموالية لها لذلك تتعامل قوات الجيش واللجان الشعبيَّة مع أرض المعركة ويسطرون أروع الملاحم التي تُعد أنسب طريقة للحوار مع الغزاة والمحتلّين.
وتستمر السعودية في غيها بالمهرة وتحاول بكل ما لديها من قوة بسط نفوذها بيد أن أبناء المهرة لم يخضعوا للمشروع الاستعماري السعودي واستنفروا رفضاً ومقاومة، ما جعلها في مأزق وهي في مرحلة حرجة نتيجة تصاعد الهجمات المتتالية للطيران المسيّر والضغط على الأرض.
ويبقى الشعب اليمني رافضاً للاحتلال في كُــلّ بقاع تربته الطاهرة وهو الأسطورة التي حيرت العالم في هذا العصر فمنذ سنوات وهو يخوض غمار التحرّر والاستقلال وكما صرخ الأحرار في الجنوب بوجه المستعمر القديم في ستينات القرن الماضي سيصرخ كُــلّ الأحرار من أبناء الجنوب في وجه المستعمرين الجدد الذين لم تكتمل سيادة دولتهم ولم يستطيعوا استعادة جزرهم التي احتلتها إيران ولأراضينا الطاهرة لقاء مع كُــلّ غازٍ ومحتلّ عبر العصور سواءٌ أكان سعودياً أَو إماراتياً أَو سودانياً، اللقاء الأول عليها لتوقيع تأشيرتهم إلى الجحيم، والثاني في باطنها فهي مقبرة الغزاة.
وكما ينعم الشمال العزيز بالأمن والاستقرار والتعايش سيحظى بذلك الجنوب وقد اتجهت بوصلة التحرير ولصنعاء لقاءٌ بعدن ولو بعدَ حين.