معرِضُ الشهيد صالح الصمّاد للإرادة الحرة المستقلة .. بقلم د/ أحمد الصعدي
انتظر اليمنيون المقاوِمون للعدوان الإجرامي المستمر على بلادهم منذ شهر مارس 2015 ببالغ الاهتمام وشديدِ الترقُّب ما ستبهجُهم وتعزِّزُ صمودُهم به وحدةُ التصنيع العسكري في معرِض الشهيد صالح الصمّاد منذ أن أعلن عنه المتحدثُ العسكري للقوات المسلحة.
وعصر الأحد السابع من يوليو شاهدوا عبرَ شاشة ((المسيرة)) افتتاحَ المعرض بحضور القيادات العليا للدولة، ورأوا ما يشفي صدورَهم ويرتفعُ بهم إلى أقصى درجات الفخر والاعتداد بالذات، ليس من أجل المبالَغة والمفاخرة رغم أن هذا من حقِّهم؛ بل لأنهم وصلوا إلى قناعةٍ راسخة في وقت مبكر من الحرب الغاشمة أن مآلاتِ العدوان والغزو، ومصيرَ البلاد والشعب كُلُّها ترتبطُ بموازين القوى بأوسع معنى لهذا المفهوم.
منذ البداية كان الإيمانُ بالله وبعدالة القضية هو أمضى وأقوى الأسلحة، وسيبقى كذلك، ولكنه غيرُ كافٍ في مواجهة آلة عسكرية جهنمية تحتوي أحدثَ ما خرج من مصانع السلاح الغربية. هنا تكمُنُ أهميةُ أي نوع من الأسلحة يحوزُها المقاتل اليمني المدافع عن أرضه وأهله. ومهما كان أثرُ الفعل المادي للسلاح بسيطاً نسبةً إلى ما يملكه العدو إلا أنه عظيمُ الأثر المعنوي في المقاتل اليمني والشعب الواقِفِ من خلفه وعظيم التأثير بل وبدرجة أكبرَ في العدو، لا سيما السعودي والإماراتي. يضاعِفُ من أثر السلاح اليمني اتقانُ استخدامِه، وهو الفَنُّ الذي بَرَعَ فيه جيشُنا ولجانُنا والقيادة.
إنَّ أهميةَ ما كشف عنه معرِضُ الشهيد الصمّاد لا تقتصرُ على أنواع الأسلحة، بل تشمل ما دَلَّ عليه المَعرِضُ في بُعدٍ آخرَ لا يقلُّ أهميةً عن امتلاك السلاح نفسِه من صواريخ وطيران مسيّر، وأعني بذلك امتلاكَ الإرادة الوطنية الحرة المستقلة التي جعلت من الممكن واقعاً، وتحدَّت كل المحاذير والتابوهات التي فرضتها القوى الإمبرياليةُ على بقية الشعوب لا سيما الشعوب العربية. فكثيرٌ من الدول تمتلكُ إمكانياتٍ كبيرةً لتصنيع أسلحة تفوقُ ما لدينا بما لا يقاس نوعاً وكماً، ولكنها لا تمتلكُ استقلالَ القرار السيادي، لأن القوى الإمبريالية المهيمنة تدُسُّ أنفَها في كُلِّ شأن وتئد أيةَ محاولة في هذا الشأن في مهدها.
لاريب أن صدى ما كشف عنه معرِضُ الشهيد الصمّاد سيكونُ أقوى في الكيان الصهيوني وواشنطن وبقيةِ العواصم الإمبريالية، لأنها تدركُ وتعي ما لا يدركُه السعوديُّ والإماراتي اللذان يعتقدان أن وفرةَ المال تُغنِي عن كل شيء بما في ذلك عن الاستقلال الوطني واستقلالية القرار.
وهكذا يحقُّ لنا أن نعتبرَ معرِضَ الشهيد الصمّاد للصناعات العسكرية معرِضاً للإرادة الوطنية الحرة والمستقلّة، وهذا مكسبٌ عظيمٌ نلناه بالتضحياتِ الجسيمة والمعاناة الكبيرة شأنُنا شأنُ الشعوب الحرة التي انتزعت استقلالَ بلدانها بتضحيات أشجع وأوفى أبنائها وبصبرها ومعاناتها. هكذا تقرّر الشعوبُ الحرة مصائرَها وتكتُبُ تأريخها الذي تعتز به الأجيالُ اللاحقةُ وتستمد منه زادَها الروحي وعتادَها المعنوية.