الطيرانُ المسيّر.. بين الغيرة والإغارة .. بقلم/ عبدالفتّاح علي شمّار
مع بدء العدوان السعودي الإماراتي بغطاء ودعم أمريكي ومباركة إسرائيلية وتآمر أممي وخيانة من الدّاخل، انتظر البعض سقوطاً سريعاً لأحرار اليمن، وأن ينهار الشعب اليمني الحرّ ويستسلم في وجه المخطط اليهودي الّذي تنفّذه أيادٍ عربيةٍ آثمة للأسف!
كم سمعت وسمعتم، كما قرأت وقرأتم عبارات من منافقين ومنافقات تحمل اليأس والقنوط، وتدعو إلى التّخاذل والاستسلام بحجّة أنّه من العار على من يقاتلون المعتدين؛ دفاعاً عن دينهم وإنْسَــانيّتهم وأرضهم وأعراضهم وأعراض الآخرين أن يواجهوا تحالفا يملك من العتاد ما لا قبل للأحرار بالتّصدي له، وأنّه من العبث خوض حرب دون غطاء جوّي، وأنه مما يغيظ أن لا نتمكّن من توجيه أَي ضربات مباشرة لدول العدوان، وكم هو عظيم أن نرجع إلى القُــرْآن الكريم الذي ينسى كثيرون منّا ــ خُصُوصاً نحن من ندّعي انتماءنا للمسيرة القُــرْآنيّة ــ أن يعودوا إليه فينشغلون بالتّحليلات التي يعمل على فبركتها عملاء اليهود وأذنابهم لتخويف النّاس، فيذهبون بعيداً! ولو عادوا إلى الله وإلى الرّسول وإلى علم الهدى القائم من آل محمّد لوجدوا ما يشفي صدورهم وتقرّ به عيونهم وتطمئن قلوبهم له وتفرح به نفوسهم التي أرهقوها بسعيهم وراء تحليلات لا جدوى منها ولا طائل من ورائها.
كان بالإمْكَان أن يخرسهم أَي متحدّث أَو متحدّثة (أو كاتب..) بقول الله سبحانه وتعالى:
(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ)
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا، وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا، قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ، هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ، يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ)
(الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا، قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة آل عمران 168، 167، 166].
وقد أثبت الواقع وأثبتت الوقائع بالفعل أنّ الّذين قعدوا تمّ استهدافهم، وما جريمة الصالة الكبرى إلا نموذج ومثال من أمثلة عِدّة على أن الجميع مستهدفون، وأن الموت يأتي عندما يحين الأجل الذي قدّره الله تعالى سواء هربت إليه أَو هربت منه.
ومنذ ذلك الوقت ــ بداية العدوان على اليمن من قبل تحالف نجد وإسرائيل ــ والسيّد القائد يحذّر دول العدوان والنافقين الموالين لهم بأن الردّ سيكون شديد الوطأة عليهم، موجِعا حدّ الضجيج لكثرة صراخهم وعويلهم، ويهتم بالعمل على صنع سفينة النّجاة التي تشبه سفينة نوح “عليه السّلام” والتي سخر منه الكافرون المستكبرون من قومه حينذاك تماما كما فعل هؤلاء حَالياً، وإلى ذلك الحدث يشير القُــرْآن الكريم في الآية 38 من سورة هود بقول الله عزّ وجلّ:
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ، قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)..
وبنفس ذلك اليقين استمرّ العمل وعندما فار التّنور (تمّ إعداد صواريخ يختلف مداها عن بعضها البعض، وطيران مسيّر بمختلف أنواعه) أحسّ المعتدون بالخطر وحاولوا اللجوء إلى الأمم المتّحدة كما لجأ ابن نوح إلى الجبل ظنّا منه أنه سينجيه، ولو أدرك الأعراب الأشد كفرا ونفاقا حقيقة المواجهة لعلموا أنه (لا عاصم اليوم مِن أمر الله إلا من رحم).
حلّق كروز عالياً وعندما نظر إلى فريسته سال لعابه شوقا إلى التهامه فانقضّ عليه في هجوم كاسح ليجرحه جرحا بالغا تركه ينزف حتى الموت، وفي حين ظنّ محمد بن سلمان (المهفوف) أنّ ذلك آخر المطاف حاول جاهدا إنقاذ المطار قبل الاحتضار إلا أن الطيران المسيّر ــ الذي شبهه المعتدون بألعاب الإنترنت في بداية الأمر ــ شعر بالغيرة من كروز، فبادر إلى الإجهاز على المطار الذي ظنّ أهله أنهم قادرون عليه، وما علموا أن الله تعالى قد أذن للمجاهدين المؤمنين أن يذيقوا الغازي الذليل مرارة الحسرة على مطار لم ولن يكون الهدف الأخير بإذن الله تعالى الذي زفّ كتابه الكريم البشارة العظيمة بأنه هو سبحانه من يرمي العدوّ لا نحن:
(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ، وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى، وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة الأنفال 17].
ولا يزال العدوّ الجائر الظالم الغاشم الجبان، الناكث للعهود، المستبيح للحرمات، يعاني من هول الصدمة التي تركته ينوح نوح الثكالى، ويستجدي المساعدة من الشرق والغرب.
كل ذلك لم يكن بقوّتنا ولا بقدراتنا، بل هي سنّة من سنن الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [سورة الإسراء 16]
ننتظر بإشفاق وخوف من عذاب الله وبأسه، ولينتظر آل سعود وآل نهيان وآل مكتوم ودول الاستكبار التي تستخدمهم لمصلحتها نهاية ما بنوه من نظام عالمي أُسّسَ على البغي والفساد والعُهر السياسي، وليعلموا يقينا أنّهم إن ظنّوا واهمين بانّهم قد أحاطوا بنا وطوّقونا من جميع الجهات فإنّنا نؤمن بالله سبحانه وتعالى، ونردّد في ثقة قوله تعالى:
(وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ) [سورة البروج 20]
وختاماً: لا زلت اتذكّر عندما كنت أقرأ قول الله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [سورة آل عمران 140]
وقوله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ، إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ، وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ، وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [سورة النساء 104]
كان البعض ينظر إليّ شزرا، ويرد ساخراً متهكّما: لقد غسلوا دماغَك!
اليوم أقول لهم مرة أُخْـــرَى ما كنت أقوله لهم حينذاك:
نعم.. لقد غسلت الثقافة القُــرْآنية دماغي فزالت عنه أدران الضلال والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى وسننه واحكامه حتى صرت أرى يقينا أن ما وعد الله سبحانه وتعالى به في القُــرْآن الكريم هو الحقّ المبين، وما دونه الباطل
(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [سورة الإسراء 81].