اليمن يكشفُ عن جديد إنتاجاته الحربية: ما بعد الـ “قدس”
المسيرة | خاص
أزاحت القواتُ المسلحةُ، أمس الأحد، الستارَ عن المفاجَأةِ المنتظَرةِ التي احتضنها معرِضُ الرئيس الشهيد صالح الصمّاد، كاشفةً ولأول مرة عن أحدثِ إنتاجات مسيرة التصنيع العسكري اليمني التي بدأت قبل أربعة أعوام بصواريخ “النجم الثاقب” ذات الـ76 كيلو متراً، ومضت تحرِقُ المراحلَ بتسارُعٍ إعجازي بالنسبة للظروف المحيطة، لتصلَ إلى الصواريخ المجنّحة والطائرات المسيّرة التي تتغلبُ على كافة أنظمة الدفاع والحماية الغربية، والتي يدخلُ بها اليمنُ المحاصَرُ إلى ميدان المنافسة العالمية في مجالات الصناعة العسكرية، متحدياً ثورةَ التكنولوجيا الغربية وثروة الممالك العربية على حَــدٍّ سواء.
مسيرةٌ لا زالت كُـــلّ النظريات العسكرية التقليدية تقفُ عاجزةً عن تفسيرها كما يجبُ؛ لأَنَّ تلك النظرياتِ لا تضعُ في مضمونِها حساباً لإرادة الشعب وحنكة القيادة وعدالة القضية وهي الحسابات الحقيقية التي نقف اليوم بين يدي نتائجها، لنرى بوضوحٍ كيف تحوَّلَ العدوانُ على اليمن من خطةٍ لإخضاعها إلى دافعٍ لتطورها.
“قدس” المجنّح
صاروخُ “قدس” المجنَّح البالستي كان السلاحَ الأَكْثَــرَ بروزاً في المعرض؛ كونه يظهَرُ “اسماً وصورة” لأول مرة، وهو من عائلةِ ما يُعرَفُ بـ “الصواريخ الجوالة” (المجنّحة) أَو صواريخ “كروز” التي تتميز بمداها البعيد، ودقتها العالية في الإصابة، ونظام ملاحتها الذاتي، وقدرتها على تجنب الرادارات، إلى جانب قدرتها العالية على المناورة.
هذه طَبْعاً المواصفات العامة للصواريخ المجنحة، لكن “قُدس” اليمني لا زال يحتفظُ بمواصفاتٍ خَاصَّــة لم تعلن عنها القوات المسلحة التي عودتنا دائما التفوق على مستوى المواصفات المعروفة وتطويرها بحيث تصبح الأسلحة أَكْثَــر فعالية ودقة، كما رأينا ذلك في الطائرات المسيرة اليمنية التي أجبرت مواصفاتها اليمنية الفريدة، وسائل الإعلام ومراكز الدارسات العالمية، على الاعتراف بأنها “لا تشبه أية طائرات مسيّرة في العالم”.
أما إعلان وصول القوات المسلحة إلى امتلاك هذه النوعية من الصواريخ، فقد كان رسالة شديدة الوضوح لقوى العدوان بشقيها العربي والغربي، بأن حسابات المواجهة العسكرية قد مضت بالتغير لصالح الجيش واللجان تدريجياً حتى تغيّرت كلياً، وهذا يختلفُ عن التغيير المفاجئ في الموازين؛ لأَنَّ تدرج التطور العسكري اليمني ونجاحه في كُـــلّ مراحله يعني أن التجربة اليمنية شديدة التماسك ومحيطة بكل التفاصيل اللازمة لفتح مراحلَ جديدةٍ من المواجهة تفرض على العدوّ واقعاً جديداً متكاملاً يخضعُ فيه للمعادلات التي تضعها قوات الجيش واللجان، ولا يستطيع بعدها أن يعيدَ الوضعَ إلى مراحلَ سابقة.
وإذا كانت قواتُ الجيش واللجان الشعبيّة قد تمكّنت بالفعل ـ قبل إنتاج “قدس”ـ من التغلب على ترسانة الدفاع الغربية التي يستخدمها تحالف العدوان، فإن ما بعد إنتاج “قدس” هي مرحلة لا يواجه تحالف العدوان فيها “عجزه” فحسب، بل يواجه هزيمة محقّــقة.
وبالطبع، فإن “محلية صنع” الصاروخ هي ما يجعل الرسالة العسكرية أَشَــدّ وَقْــعاً؛ لأَنَّها محور انقلاب الموازين، وهي ما يشكل الرعبَ الخالصَ بالنسبة لتحالف العدوان الذي لطالما أعتقد أن الجنسية البريطانية أَو الأمريكية أَو الفرنسية التي يحملها السلاح هي كُـــلُّ ما يحتاجه لينتصر، وها هو اليوم يرى مدى “خواء” سُمعة تلك الجنسيات، وقد أثبتت الأسلحةُ اليمنية المحلية تفوُّقَها على منظومات الدفاع الغربية، مثلما أثبتت منظوماتُ الدفاع الإيرانية تفوُّقَها على سلاح الجو الأمريكي، عند إسقاط أحدث مقاتلة أمريكية تبلغ قيمتها أَكْثَــرَ من 120 مليون دولار، بمنظومة دفاع إيرانية محلية الصنع، قبل أسابيع.
وبعبارة أُخْـــرَى، إن النجاحات التي حقّــقها التصنيعُ العسكري اليمني في مواجهة التكنولوجيا العسكرية الغربية، تجعلُ من كُـــلّ الإنتاجات الحربية الجديدة، بمثابة ضربات قاضية على الرعاة الرئيسيين لتحالف العدوان، وهو ما يوضح حجم أثر الصواريخ والطائرات المسيرة الجديدة.
ولا يخفى أن تسميةَ الصاروخ “قدس” كانت رسالةً واضحةً لكُلٍّ من السعودية والإمارات ومعهما الولايات المتحدة، بأن الشعب اليمني لا زال على موقفه المبدأي المتمسك بالقضية الفلسطينية والداعم لها، بالرغم من المحاولات المتسارعة التي تقودها واشنطن والرياض وأبو ظبي لبيع فلسطين ضمن ما يسمى “صفقة القرن”.
معرِضُ الشهيد الصمّاد، الذي تعتبر إقامتُه بحد ذاتها رسالةَ تفوق عسكري واضح على ترسانة العدوّ، ضمَّ أَيْــضاً عدة أسلحة نوعية طورتها وصنعتها الأيدي اليمنية، وتم الكشف عنها مسبقاً كصواريخ “بدر” وَ”بركان” وَ”قاهر” البالستية.
كما ضم أَيْــضاً نماذج لطائرات “قاصف 2k” وَ”الصمّاد3″ وَ”الصمّاد1″ التي يتم عرض أشكالها لأول مرة، وهي طائرات صنعت تحولات كبرى في مسار المواجهة مع العدوّ، من خلا ضرب أهداف بالغة الحساسية وبعيدة في العُمق السعودي والعمق الإماراتي، وكان ظهورها في المعرض إحراجاً مضاعفاً لتحالف العدوان الذي لم يستطع التعامل معها بمنظومات الدفاع الغربية.
الرئيس: المرحلةُ القادمةُ مليئةٌ بالمفاجآت
رئيسُ المجل السياسي الأعلى، مهدي المشّاط، والذي افتتح المعرض، أكّــد خلال الافتتاح “أن ما حقّــقته القوة الصاروخية والطيران المسيّر يعد مفخرة لكل اليمنيين”.
وأضاف بحسب وكالة الأنباء الرسمية سبأ، أن “المرحلة القادمة ستكون مليئة بالمفاجئات وأن الأسلحة الجديدة ستحدث فارقاً في موازين القوى مع العدوان وستتغير معها كُـــلّ المعطيات لصالح قواتنا؛ باعتبار هذه الأسلحة الجديدة أسلحة ردع فاعل ومؤثر”.
وزير الدفاع: وصلنا إلى مراحلَ متقدمة في التصنيع
أما وزير الدفاع، فأكّــد أنه “تم اختبارُ هذه الأسلحة بعدة عمليات ناجحة وأثبتت قدرتَها ودقتَها على إصابة أهدافها”، مُشيراً إلى أن “القوات المسلحة وصلت إلى مرحلة متقدمة في مجالات الصناعات العسكرية التي تشهد كُـــلّ يوم تطوراً ونجاحاً ملموساً بأياد وخبرات يمنية”.
ووجّه رسالة واضحة لتحالف العدوان بأن “القادم سيكون أعظم وأَشَــدّ إيلاماً ما لم يجنحوا للسلام ويوقفوا عدوانهم وحصارهم”.
من جهته، أشار المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، والذي كان متواجداً خلال افتتاح المعرض أَيْــضاً أنه سيتم إعلان تفاصيل وخصائص ومميزات الأسلحة الجديدة، وسيتم عرض تجارب اختبارها خلال مؤتمر صحفي قادم، وهو ما سيكون مفاجأة أُخْـــرَى تُظهِرُ مدى التطور النوعي في قدرات الجيش واللجان.