ريهام المختاري -الفائزة بالمركز الأول في مسابقة المبتكر اليمني- في حديثها لصحيفة المسيرة:
رغم التكالُبِ العدواني العالمي وحصاره الخانق الجائر على شعب الحكمة والإيمان على مدى خمسة أعوام متتالية، إلّا أنه أثبت جدارتَه وأذهل العالم أجمع بصمود وثبات وإدارة أزمات منقطع النظير، فكما أثبت للغزاة المتعدين أن اليمنيين أولو قوة وأولو بأس شديد، يظهر المزارعون والناشطون والمخترعون ليقولوا للعالم كما انذهلتم من قوة وصلابة وصناعة مجاهدينا من الجيش واللجان الشعبية، ستذهلون من اهتمامنا وبنائنا واحتفائنا ببلدنا المظلوم المحاصَر، محققين مقولةَ شهيدنا الرئيس صالح الصماد “يدٌ تحمي ويدٌ تبني”.
حيث برَزَ على الساحة اليمنية برنامجٌ يسهمُ بشكل كبير جداً في تطوير وبناء البلد برنامج يطلق عليه “المبتكر اليمني” فاتحاً المجالَ أمام المخترعين من أبناء شعب الإيمان وبعد التنافس بين المخترعين وإعلان النتائج حازت المخترعة ريهام المختاري صاحبة الاختراع “سترة الغسيل الكلوي المنزلية” على المركز الأول بجدارة.
ومواكبة لهذا الإنجاز الكبير التقت صحيفة المسيرة بصاحبة المركز الأول ببرنامج المبتكر اليمني “ريهام المختاري” وأجرت معها الحوار التالي:
حاورها: محمد حتروش
– بداية.. نريدُ منك التعريفَ بنفسك للقارئ الكريم من هي ريهام المختاري؟
ريهام علي عبده المختاري من مواليد ريمة عام (1997)م خرّيجة من كلية المجتمع صنعاء قسم المعدات الطبية.
– ريهام المختاري طالبة تمكّنت من تقديم اختراع جديد محققة إنجازاً كَبيراً كيف جاءت الفكرة لهذا الإنجاز؟
الفكرة أتت من خلال النزول المتكرّر لأقسام الكلى في مستشفى الثورة وعندما وجدت معاناة المرضى وازدحامهم أمام مراكز الغسيل من أجل الغسيل ووجدت المرضى يخضعون لجلسات غسيل أقل من الجلسات التي يحتاجونها مثلاً الذي يغسل مرتين في الأسبوع يغسل مرة واحدة فقط نظراً لكثرة المرضى وقلة الإمكانيات وأتذكر أني شاهدت طفلةً لا يتجاوز عمرها أربع سنوت تخضعُ للغسيل الكلوي وهي نموذجٌ لآلاف المرضى عندها فكّرت بإنشاء جهاز غسيل منزلي يخفف معاناتهم ويسهم في إنقاذ أرواح المرضى، وهذا كان أكبر دافع بالنسبة لي لخوض غمار هذا الإنجاز.
وعلى الرغم من أن أجهزةَ غسيل الكلى من الأجهزة المعقدة جداً نظراً لكثرة الحساسات التي توجد فيه؛ لذلك تجد الدكاترة والمهندسين يرتهبون منه وعندما تخبر الدكاترة حق القسم والعمادة بالفكرة حق الجهاز يقلوا لك ابتعدي عن الفكرة انسي الموضوع؛ لأَنَّه صعب جداً، لكن حالة المرضى الحرجة ولّدت لديَّ الإصرار على إنشاء الجهاز وتحدي الظروف مهما كانت ولولا الحاجة المادية أن الجهاز طُبِّقَ على المرضى من قبل عام.
– تمكّنت من ابتكار جهاز غسيل كلوي، حَيْـــثُ حظي بشهرة كبيرة.. نريد نبذةً تعريفيةً مختصرة عن هذ الجهاز؟
الجهاز عبارة عن سترة بها محتويات جهاز الغسيل الكلوي يلبسها المريض بحيث يتمكّن من الغسيل وهو في منزله بعيداً عن المستشفيات وتكفله الجهاز تقدر(3000) دولار وفي حالة تم تحويلُه إلى صندوق بدل السترة فإن القيمة المالية ستقل عن تكلفة جهاز الغسيل “السترة”، الجهاز يفضّل استعماله لمريض واحد دونَ تدويره على عددٍ من المرضى.
الجهازُ يجبُ أن يستخدمَه مريضٌ واحد حفاظاً على سلامته سيما أن أحد المشاكل بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي يتمثل في أن الجهاز يستخدمه أشخاصٌ كُثْرٌ.
طبعاً التكلفةُ الحاليةُ للجهاز الواحد ثلاثة آلاف دولار، لكن بعد الإنتاج في معامل أَو مصانع ستقل تكلفةُ الإنتاج وبالتالي ستنخفض القيمة.
– ما الذي يتميّز به جهاز الغسيل الكلوي هذا عن جهاز الغسيل الكلوي التقليدي؟
جهازُ الغسل الكلوي الذي ابتكرته يتميّز بأنه يمكن المريض من استخدامه في المنزل وهذا يعني أن يخفّف على المرضى وأهاليهم التكاليفَ التي يحتاجونها إضافة إلى أنه يخفف على المستشفيات تكاليفَ باهظة كانت تُخَصَّص لمرضى الفشل الكلوي ويتميز بأنه شخصي يحمي المريضَ من انتقال الفيروسات والجراثيم، أي أنه لا يتم استخدامُه إلّا من شخص واحد فقط وَيتميز بأنه رخيصُ الثمن مقارنةً بأجهزة الموجودة بالمستشفيات كما يتميز بحساس يزن المريض قبل وبعد الغسيل وفيه جهاز mp3 للتسلية أثناء الغسيل.
– نحن نعرف أن وضع المؤسسات التعليمية في اليمن غير مشجّع، سيما التعليم العالي محبط إلى حد كبير.. كيف تجاوزت ذلك؟
هذه الحالةُ يواجهُها كُـــلُّ الطلاب في اليمن، فعندما كنت أعرض الاختراعَ على قسم المعدات الطبية في كلية المجتمع فلى الرغم من أنهم كانوا يعطونني بعض المعلومات والاستشارات المساعدة لتنفيذ المشروع إلّا انهم رفضوا اختراعي قبل سنة تقريبًا وكذلك الأطباء عندما كنت أروح للمستشفيات وأسأل دكاترة كباراً ومهندسين حول المشروع كانوا يقولون بطلي ماعتقدري عتفشلي وفي مهندس قلي بهذه الكلمة “من أنتِ حتى تخترعي، أنتِ لست إلا يمنية” وجعتني هذه الكلمة وما أنساها أبداً وفي نفس الوقت تحولت إلى حافز لمواصلة المشوار وتحقيق المشروع؛ لأَنَّ عندي مستحيل استسلم للمعوقات وأنا أشوف أمام عينوني معاناة وأنين المرضى.
والأمرُ ذاتُه من الجهات الخاصة، حَيْـــثُ عرضت هذا الابتكار على بعض التجار والشركات إلّا أنهم لم يهتموا على الإطلاق عدا شركة يمن موبايل التي دعمتني بمبلغ (50000) ريال، واجهت صعوباتٍ كبيرةً تحولت بعضُها إلى أمراض طلع فيني مرض الروماتيزم والتهاب الدم؛ لأَنَّي كنت أجهد نفسي بشكل كبير، الاختبارات من جانب والاختراع من جانب وواجبي المنزلي من جانبٍ آخر.
– دائماً ما تصطدم الكثير من الأفكار الجديدة سيما الاختراعات بواقع التنفيذ العملي.. كيف تمكّنت من تنفيذ الفكرة؟
أول حاجة درسنا جهاز الغسيل الكلوي دراسة نظرية كاملة وعرفنا مما يتكون ثم بدأنا برسم الجهاز كامل ثم دراسة الجهاز على قطعة قطعة وحساس حساس، ثم عملنا عملية دمج طبيعي بين الدوائر حتى يصبح الجهاز كاملا وجاهزا.
كم المدة الزمنية التي استغرقها هذا الاختراع حتى رأى النور؟
بدأت في الجانب النظري منذ سنتين ثم دخلت إلى الجانب العملي من شهر إبريل من العام الماضي.
– برنامج المخترع اليمني كان إحدى المحطات الهامة التي قدمت وسوّقت لهذا الإنجاز كيف جاءت مشاركتُك في البرنامج؟ وما السبب الذي يقف خلف حصادك للمرتبة الأولى في هذا البرنامج؟
في البداية أنا ذهبت لوزارة التجارة والصناعة لتسجيل براءة اختراع من أجل الحفاظ على ملكية الاختراع، وفي الوازرة التقيت بالأُستاذ محمد الهاشمي وكيل زارة الصناعة والتجارة وعرضت عليه الاختراع فتفاعل معي بشكل كبير وحضر إلى كلية المجتمع هو ورئيس الهيئة العلياء للأدوية محمد المداني واطلعا على التجارب في المعمل وبعد ذلك كان هناك تواصل مع الوزارة ومن هنا جاءت مشاركتي في برنامج المخترع اليمني الذي كان بدعم وزارة الصناعة والتجارة.
في البرنامج مررنا على اختبارات والاختراع عرضته الوزارة على مهندس من إيطاليا وبعد التأكد أنه جهاز ممتاز وينقصه بعض الأجهزة نظرا لعدم توفر المادة وبعد أن تأكدوا من أهمية الاختراع حصدت الجائزة مع العلم أني أنا الوحيدة الذي اخترع الجهاز دون تشكيل فريق كما حصل للمركز الثاني والثالث؛ ولأني وحيدة وفتاة واجهت صعوبة في توفير بعض القطع الحساسة، الجهاز شبه جهاز وبمجرد توفير بعض القطع وبرمجتها يمكن تنفيذه على أرض الواقع.
– ما مدى الاهتمام من قبل الحكومة وقيادة الثورة الحكومة تجاه المخترعين؟
للحقيقة الوضع الآن غير الماضي؛ لأَنَّ ما تمر به اليمن يجعلُ من الضرورة بمكان دعم المخترعين، حَيْـــثُ لمست توجّــهاً جاداً للاهتمام بالمخترعين رغم الظروف الاستثنائية والأزمات الاقتصادية، حَيْـــثُ تلقيت اتصالاً من قبل قيادة الثورة ممثلاً بمكتب قائد الثورة السيد عبد الملك وأخبروني أنه في حالة تقصير المعنيين عن القيام بواجبهم فإنهم من سيدعمني لمواصلة المشروع وتنفيذه على الواقع، وهذا الدعم غير مسبوق، أيضاً وزارة التجارة والصناعة تسعى بأن تربطنا “المخترعين” مع الداعمين حتى تصبحَ هذه الاختراعات جزءاً من الصناعات التي تنافس في السوق.
– سجلت براءة الاختراع المحلية ماذا عن توثيق وتسجيل هذا الاختراع دولياً؟
تسجيلُ الملكية الخارجية لم أستطع حتى الآن؛ لأَنَّ الحفاظ على الملكية الدولية يتطلب مبلغاً كبيراً جداً يقدر بـ(6000) دولار.
– بعد كلما تحقق من نجاح بالنسبة لهذا الابتكار.. ما هي الخطوة التالية التي ستقومين بها؟
تطبيقُ الجهاز على مريض؛ كوننا واجهنا معوقات مادية ما استطعنا توفير بعض الحساسات الطبية لكن بعد المسابقة وبعد الإشهار عن الاختراع وبعد تواجد الداعمين سيتم إكمال بعض الأجهزة الناقصة وإكمال المشروع وتطبيقه على المرضى.
– على صعيد تبنّي الابتكار.. هل ستبقين في الوطن أم أنك ستذهبين إلى الخارج إذا ما عُرض عليك ذلك؟
بالطبع أتمنى أن يخدُمَ هذا الجهاز أبناءَ بلدي بالدرجة الأولى وأن لا يبقى هذا الإنجاز محدودَ الإنتاج وأن يتم تبنّي المشروع بشكل كبير وتوفير حياة كريمة بالتأكيد سيكون الخيار داخل الوطن، أما في حالة لم يحظَ بالدعم فهذا ما يجعل الكثير من المبدعين يغادرون إلى الخارج، وللعلم فقد تلقيت عروضاً كثيرة وبالذات بعد الفوز بالمبتكر اليمني، وهناك دولٌ كثيرة عرضت عليّ مثل من سوريا وفلسطين وبريطانيا وإيطاليا وجهات كثيرة، لكن لا أريد أن أترك بلادي؛ ولأني بدأت هذا المشروع في بلادي فلن أتركها مهما كان سأظل فيها؛ لأَنَّ اليمن فيها معاناة كبيرة لا توجد في الدول الأخرى.
– ما هي العراقيل التي واجهتك خلال محاولتك العملَ على هذا الابتكار؟
توفيرُ القطع الطبية، عملُ الدوائر الإلكترونية للقطع وللحساسات؛ لأَنَّهم يقومون باحتكارها، الشركة المصنّعة تحتكر، لديها الدوائر التي تشغل الحساس، فنضطر لعمل عدة دوائر، لكنها لا تنجح حتى تصلَ إلى الدائرة الصحيحة وتشغل الحساس، فهم يحتكرون من أجل لا أحد يقوم بالتصنيع سواهم، لكن مع كثرة التجارب ينجح العمل.
– رسالةٌ توجّــهينها للجهات المعنية وللحكومة؟
أن يهتموا بهذا المشروع ولا يتركوه وأن يتم إخراج هذا المشروع إلى النور؛ لأَنَّه مشروع مهم جداً بالنسبة للأمراض وهم بأمس الحاجة إليه، وبالذات أن المراكز التي تم قصفُها من قبل العدوان كان المرضى يتعبون للوصول إليها وبمشقة كبيرة.
نحن لسنا بحاجة إلى المنظمات ولا للمناشدات الخارجية بل نتوجّــه إلى ابداعاتنا وابتكاراتنا التي تعمل على رفع مستوى العمل والإنتاج.
– كلمةُ شكر لمن تريدين إيصالها عبر المسيرة؟
أوجّه تحيةً لوزارة الصناعة والتجارة والأُستاذ محمد الهاشمي، واللواء عبدالوهاب الدرة وكذلك المجلس السياسي الأعلى وقيادة الثورة ولا أنسى لهم هذا الشيء؛ لأَنَّه كان الناس كلهم يثبطون ويقللون من الابتكار لكن تفاجؤوا من الإنتاج والذي حصل بفضل الله وتشجيع الحكومة، وهناك دُفَعٌ من الطلاب يسارعون إلى الابتكار اكثر واكثر وأتوجّــه بالشكر لصحيفة المسيرة الذين اهتموا بهذا الموضوع وأتوا إلينا لينقلوا رسائلنا وابتكارنا.