الفائز بالمركز الثالث في مسابقة المبتكر اليمني محمد دباء في حوار خاص لصحيفة المسيرة:
على مدى خمسة أعوام وشعب الحكمة والإيْمَان يواجه أبشع عدوان عالمي قصف كُلّ شيء في هذا البلد، فهَذه امرأة حرمها العدوانُ من أطفالها، وهذا رجلٌ دمّــر العدوان منزله، وذا طفل يتيم حرمه العدوان من والديه وذاك بصيرٌ دمّــر العدوانُ مركَزَه؛ لينظر بقلبه ويستيقن مدى قبح وبشاعة العدو، فكم أناس ضحوا بأجزاء من أجسادهم نتيجة غارة عدوانية أَو نتيجة التصدي لقوى الغزو والاحتلال وذلك بمختلف جبهات العزة والكرامة.
ومن كُلّ تلك المعاناة انبثق الفكرُ الاختراعي لدى محمد دباء صاحب المركز الثالث في مسابقة المبتكر اليمني والذي حمل بين ثنايا فكره العبقري ما يخلّصُ الإنْسَانية من أوجاعها، فتبلورت فكرةُ اختراعه في “أطراف صناعية” ذات ذكاء اصطناعي تعوّض الإنْسَان اليمني من ذوي الاحتياجات الخَاصَّــة والمجاهد الجريح الذي فقد أعضاءه في سبيل الذود عن الوطن لتعيد الأملَ له بأن بمكانه إكمال ما بدأ به من التنكيل بجحافل العدوان ومرتزقته.
ولمواكبة هذا الاختراع حرصت صحيفةُ المسيرة على الالتقاء بصاحب المركز الثالث في مسابقة الرواد المبتكرين اليمنيين مخترع الأطراف الصناعية إليكم حصيلة اللقاء:
حاوره: محمد ناصر حتروش
– بداية.. نريد منك التعريفَ بنفسك للقارئ؟
محمد عبدالوهاب دباء مهندس ميكاترونكس خرّيج سنة 2017 الأول على الدفعة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، معيد وباحث حَالياً بجامعة صنعاء ومهندس واستشاري في عدة شركات يمنية.
– محمد عبدالوهاب دباء تمكّن من تقديم اختراع جديد محقّقاً إنجاز كبير لا سيما في الوضع الراهن كيف جاءت الفكرة لهذا الإنجاز؟
حينما وصلنا سنة خامسة الكلية تلزمك بمشروع تخرج سواء بحثي أَو عملي مع مجموعة من الطلاب فاخترت مجموعة من الطلاب للبدء في المشروع وبعد تسليم المشروع وبالتعاون مع الدكتور غسان بن همام قمت بالتقدم خطواتٍ أُخْــرَى لإخراج طرف صناعي فعّال ومُجدٍ اقتصادياً بصناعة محلية ففكرت في مشروع يستفيد منه المجتمع أبناء البلد ومن خلال النزول المتكرّر لمركز الأطراف الصناعية تكونت فكرة متكاملة حول مشروع الأطراف الصناعية وبدعم من الشيخ يحيى الحباري والدكتور غسان بن همام بدأت بإخراج ما كان فكرةً إلى واقع.
– الأطراف الصناعية حظيت باهتمام كبير على الساحة.. نريد نبذة تعريفية مختصرة عن الأطراف؟
مشروع “الأطراف الصناعية” يتكون من نوعين أطراف صناعية ميكانيكية وأطراف صناعية إلكترونية، الأطراف الميكانيكية هي عبارة عن طرف متحَـرّك تتميز بالرخص وَأَيْــضاً يقوم بالأعمال اليومية الهامة مثل مسك الأشياء وحملها والقبض والبسط وغيرها، أما عن الطرف الصناعي الإلكتروني هي يدٌ تَمتلكُ وظائفَ اليد البشرية من تحريك الأصابع والتلويح ومسك الأشياء والتعامل معها وجميع الوظائف اليومية لليد البشرية، وبهذا يستطيعُ كُلُّ مَن فقد يدَه استخدامَ هذه اليد الصناعية كما لو كانت يداً طبيعة وذلك عن طريق التفكير بالحركة المطلوبة وستقوم دوائرُ التحكم بترجمة الإشارَة الدماغ إلى حركة واقعية لليد الصناعية تماثل ما قام الشخص بالتفكير به.
– ما الذي يتميز به مشروع اختراعكم الأطراف الصناعية عن بقية الأطراف؟
إن أغلب الأطراف الصناعية التي يتم تصنيعها في بلادنا تعتبر بدائية وتخدم شكلاً جمالياً فقط وغير متحَـرّكة ويوجد أطراف صناعية متحَـرّكة ولكنها ليست فعالة وذات جدوى؛ لذا لا يتم إنْتَاجها لعدم رضا المستخدمين عنها. كما إن الأطرافَ الصناعية المتحَـرّكة المستوردة من الخارج تعتبر غاليةَ الثمن ولا يمكن توفيرُها في بلادنا نتيجة لعدم القدرة الشرائية لدينا وَأَيْــضاً لا يمكن توفيرها لشحة الكوادر المتواجدة في بلادنا الذي تستطيع تشغيلها وتفعيلَها لصعوبة المجال وتعقيده وارتفاع التكلفة التشغيلية لهذه الكوادر. كما يجدر بالذكر بأنه أثناء خبرتنا بالنزول إلى مركز الأطراف الصناعية الذي يعتبر أَهَـــمّ المراكز والوحيد في الجمهورية اليمنية المعني بهذا المجال، وجدناهم عاجزين عن إنْتَاج أطراف صناعية متحَـرّكة لمن بُترت أيديهم من المفصل السفلي لليد ويقومون بإرجاع أية حالة تذهبُ إليهم، أما بالنسبة للأطراف الصناعية الإلكترونية فلا يستطيع المركز إنْتَاجها أو حتى استيرادها وتشغيلها ويوجد عددٌ من الأطراف الصناعية في مخازن المركز الذي تم إهمالها لعدم الإمْكَانية في تشغيلها وتفعيلها.
– نحن نعرف أن وضع المؤسّسات التعليمية في اليمن غير مشجّع سيما أن التعليم العالي محبط إلى حَــدّ كبير.. كيف تجاوزت ذلك؟
للحقيقة المؤسّسات التعليمية في اليمن كانت غيرَ محفزة وغير مشجعة لمثل هذه الأعمال ولكن الهُوِيَّة والعزيمة جعلتنا نتجاوز العراقيل والتحديات.
وَأَهَـــمّ دافع جعلني نستمر وأصل إلى ما أنا فيه هو الشغف الكبير والحب اللا نهائي لعالم التكنولوجيا والهندسة منذ الصغر وبتوفر البيئة الذي تجعلنا أطبِّقُ ما أحبه، في كلية الهندسة انطلقت بالإمْكَانيات البسيطة وبالتعليم الذاتي بتوفر المصادر من على الشبكة العالمية وبالاعتماد على الذات وعدم إلقاء الأعذار على الغير، انطلقت بهذا الشغف وبالمكانيات الموجودة إلى الهدف الذي بنيناه.
– دَائماً ما تصطدم الكثير من الأفكار الجديدة سيما الاختراعات بواقع التنفيذ العملي.. كيف تمكّنت من تنفيذ الفكرة؟
بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في التصنيع الموجودة حول العالم كان اهتمامي الكبير بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد منذ السنة الأولى من دراستي كتقنية واعدة تتيحُ إمْكَانية التصنيع بدقة وكفاءة عالية وَأَيْــضاً بتواجد السوق المفتوحة من على شبكة الانترنت استطعت جلب المعدات اللازمة لتنفيذ وإكمال المشروع.
– كم المدة الزمنية التي استغرقها هذا الاختراع حتى رأى النور؟
ما يقارب ثلاث سنوات، كانت بدايته بفكرة في مشروع التخرج ومن ثَم المسيرة ما يقارب السنتين من التطوير وبإعطاء حل يوافق السوق المحلية وتطبيقه والاكتمال منه بحيث تصبح فكرةً نهائيةً، وليكن في العلم أننا قمنا بتطبيق المشروع في الواقع العملي في المسابقة الوطنية على أحد جرحى الحرب وقام بتحريكه وشرب الماء أمام الجميع وكان ذلك لإثبات فعالية ونجاح الطرف الصناعي.
– برنامج المبتكر اليمني كان إحدى المحطات الهامة التي قدمت وسوقت لهذا الإنجاز كيف جاءت مشاركتك في البرنامج؟ وما السبب الذي يقف خلف حصادك للمرتبة الثالثة بهذا البرنامج؟
في البداية كان عميد الهندسة مطلعاً على مشروع التخرج وكان له اهتمام خاص بنا وعندما أطلقت وزارة التجارة والصناعة مسابقةَ المخترعين تواصلت بنا الوزارة وطلبوا منا المشاركة ونحن حينما شاركنا في المسابقة لم يكن همنا وهدفنا أن نحصل على المرتبة بقدر ما كان الهدف إيصال رسالة للمجتمع اليمني بمشروعنا وتعريفهم بفائدة اختراع الأطراف. ولكن أجواء المنافسة خلقت نوعاً من الرغبة في الحصول على المركز الأول والحمد لله حصلنا على المرتبة الثالثة.
– ما مدى الاهتمام من قبل قيادة الثورة والحكومة بالمخترعين؟
كان من أَهَـــمّ وأبرز حادثة في تحول التفكير لدى القيادة بالاهتمام هي المسابقة الوطنية ونتمنى أن يستمر الاهتمام بخطوات قادمة في إخراج نماذج ناجحة تمس احتياجات هذا الشعب العظيم.
– هل سجّلت براءة الاختراع المحلية وماذا عن توثيق وتسجيل هذا الاختراع دولياً؟
للحقيقة هذا لا يعد اختراعاً والطرفُ الصناعي موجودٌ حول العالم وهو ملكيةٌ فكرية متاحة، وأن ما قمنا به هو عمليةُ “إحلال” لتلك التكنولوجيا في بلادنا العزيز وإتاحتها للجميع وإحلال إمْكَانية التصنيع في بلادنا.
– بعد كل ما تحقّق من نجاح بالنسبة لهذا الابتكار.. ما هي الخطوةُ التالية التي ستقومُ بها؟
الخطوة القادمة هو خطُّ إنْتَاج وجعل “الأطراف” في متناول كُلّ شخص من ذوي الاحتياجات الخَاصَّــة والمعاقين وافتتاح مؤسّسة محلية وطنية معنية بمعدات ذوي الاحتياجات الخَاصَّــة بجانب مركز للأبحاث والتطوير بحيث نواكبُ ما يقوم به العالم ونقومُ بإحلال التكنولوجيا المتوفرة لأبناء شعبنا بأسعارٍ مناسبة.
– على صعيد تبنّي الابتكار.. هل ستبقى في الوطن أم أنك ستذهبُ إلى الخارج إذا ما عُرض عليك ذلك؟
نحن أبناء هذا الوطن العزيز في خدمته في كُلّ وقت، وإمْكَانيةُ خروجنا للخارج سيكونُ لإكمال الدراسات العليا.
والغرضُ هو الرسالةُ الإنْسَانية والخدمة البشرية فبلادُنا الحبيبة باتت بيئةً مرحِّبةً بالعقول.
– ما هي العراقيلُ التي واجهتك خلال محاولتك العملَ على هذا الابتكار؟
في الحقيقَة العراقيلُ كانت تتمثل في الجانب المادي، فتجاوزنا ذلك بدعم الشيخ يحيى الحباري والدكتور غسان بن همام، وأَيْــضاً عراقيل تقنية تجاوزناها بالتعليم الذاتي وطالما تواجدت العزيمة والشغف والحب لعمل شيء معين سيتم التغلب على أية عراقيل.
– رسالة توجّهها للجهات المعنية وللحكومة؟
نشكرُكم على هذه الخطوة الكبيرة والعظيمة التشجيعية، برنامج المسابقة الوطنية لراود الابتكار اليمني، والتي ستظهر كُلّ المبتكرين والمخترعين، ونرجو من الحكومة بذلَ المزيد من الاهتمام ومساندة المبتكرين ومعاونتهم حتى تطبق الاختراعات على أرض الواقع، وللحقيقة خلال الأعوام الماضية كان يحصل تجاهلٌ للمخترعين وعدم الاهتمام بهم، لكن هذه القيادة السياسية الراهنة هي الوحيدة التي أولت المخترعين اهتمامَها ومَدَّت يدَ العون لهم.
– كلمةُ شكر لمن تريد إيصالها عبر المسيرة؟
أوجِّهُ رسالةَ+ محبة وود لعائلتي الكريمة الفاضلة “أبي وأمي” ورسالةَ شكر وتقدير للشيخ يحيى الحباري الذي تبنى مشروعَ التخرج وتكفَّل ببناية مبنى الميكاترونكس، وَأَيْــضاً هي شكر وتقدير للدكتور غسان بن همام، وهو أَيْــضاً شكر لدكاترة كلية الهندسة جامعة صنعاء وأخص بالذكر الدكتور محمد البخيتي عميد الهندسة والدكتور عبدالملك مؤمن رئيس قسم الميكاترونكس وكذلك الدكتور سامي المقطري مشرف مشروع التخرج، وهي أَيْــضاً للقيادة الحكيمة والمجلس السياسي الأعلى وللحكومة وَلوزارة التجارة والصناعة ممثلةً بالوزير اللواء عبدالوهاب يحيى.