الزراعة استراتيجيةُ التنمية وخطوةٌ مهمةٌ لمواجهة العدوان والحصار .. بقلم/ أمين النهمي
تشكل الزراعة أحد أهمّ ركائز التنمية الاقتصادية في اليمن إلى جانب قطاعات أُخْـــرَى، ويعتَبرُ اليمن بلدا غنيا بموارده الطبيعية ووجود فرص واسعة وأراضي شاسعة صالحة للزراعة توفر المقومات الأساسية للتنمية، لكن ما يؤسف له إن المساحة المزروعة في اليمن لا تتجاوز 2% من مساحة اليمن المقدرة بخمسة وأربعين مليون هكتار، وهو ما يعني أن انتفاعَ اليمن من الأرض بالشكل الأمثل والمطلوب لم يبدأ بعدُ.
إن القطاع الزراعي على مدار 1600 يوم كان ولازال واحدا من أهمّ بنك الأهداف لدول تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، حَيْثُ تشير إحصائيات وزارة الزراعة والري إلى أن خسائر هذا القطاع الحيوي تجاوزت 16 مليار دولار، ناهيك عن الآثار وتداعيات الحصار المباشرة وغير المباشرة التي انعكست سلبا على مجمل النشاط الزراعي وتضرر منها المزارع بالدرجة الأولى وضاعفت من حجم خسائره في الحصاد والتسويق وأشياء كثيرة ذات ارتباط عمل العدوان الصهيوأمريكي على تدميرها بكل الوسائل.
ولأهميّة دور القطاع الزراعي في تحريك عملية التنمية الاقتصادية لليمن، سعى الأمريكان والصهاينة قبل العدوان بطرق وأساليب مختلفة إلى استهداف الجانب الزراعي وَالتحكم به من خلال البنك الدولي وتوقيع اتّفاقيات مع النظام السابق تقتضي عدم زراعة القمح واستيراده من الخارج.
ولذلك أدرك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-، خطط الأَعْــدَاء الأمريكان وخطورة أهدافهم وسياساتهم التي يعملون على تحقيقها، فجاءت دعوته على حث المجتمع بالعودة إلى الزراعة والاهتمام بهذا الجانب.
إذا كانت الصلاة لا بد لها من طهور بالماء أَو بالتراب، فلا بد للإسْلَام، ولهذه الأُمَّــة التي تهدّد كُــلّ يوم الآن تهدّد، وتهدّد من قبل من؟ تهدّد من قبل من قوتها من تحت أقدامهم، من فتات موائدهم. لا بد لها من الاهتمام بجانب الزراعة، لا بد أن تحصل على الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بحاجياتها الضرورية. هكذا جاء دعوة ونصح الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـــوَانُ اللهِ عَلَيْــهِ- مؤكّــداً أنها مسؤولية إيْمَــانية ودينية بالدرجة الأولى أن من كمال الإيْمَــان الاهتمام بالجانب الاقتصادي الذاتي وعلى رأس ذلك الاهتمام بالزراعة مشدّداً بأن من واجب العلماء أنفسهم الذين لا يمتلكون مزارع، ومن تأتيهم أقواتهم إلى بيوتهم عليهم هم أن يلحوا في هذا المجال؛ لأَنَّه اتضح جلياً أن الأُمَّــة لا تستطيع أن تدافع عن دينها، ولا تستطيع أن تدافع عن نفسها وهي ما تزال فاقدة لقوتها الضروري الذي الزراعة أساسه، وليس الاستيراد. أصبح شرطا، أصبح أساساً، أصبح ضروريا الاهتمام بجانب الزراعة في مجال نصر الإسْلَام أشد من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به.. هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذَا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي.
وانطلاقاً من تلك المنهجية نجد الجانب الزراعي يتصدر أولويات اهتمام قائد الثورة السيد عَبدالملك الحوثي، حَيْثُ سلطت محاضراته الرمضانية الضوء على إمكانات وروافع مِلَــفّات النهضة العالقة وهي فرصة نطل من خلالها على الإمكانيات التي تملكها أرض السعيدة وتمكّنها من نهوض زراعي.
في محاضرتِه الرمضانية الثانية عشرة للعام 1440ه حَثَّ السيد القائد عَبدالملك الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- على أهميّة الحفاظ على المناطق الصالحة للزراعة بمختلف محافظات الجمهورية من أجل تحقيق الأمن الغذائي للشعب اليمن، واستغلال مواسم الزراعة بتعاون رسمي وشعبي، مؤكّــداً أن الجميع معنيون بالسعي والاهتمام.
ولفت السيد القائد إلى أن الكثير من الناس يغطون مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية بالمباني والسكن والبيوت، وهي ذات إنتاج وفير من المحاصيل الزراعية وَأرض خصبة جداً.. قائلاً “لو بقيت مزرعة كانت ستنتج إنتاجاً وفيرًا جداً من المحاصيل الزراعية، يذهب يجعل فيها بيتًا، مسكنا والمسكن يمكن أن تبنيه في أَي مكان حتى لو لم يكن مكاناً خصبا للزراعة واترك تلك القطعة لتكون مزرعة”.
في الختام فَإنَّ دعوة السيد القائد -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- جاءت من منطلق النصح الصادق للجميع وخَاصَّــة أن الجميع يخوضون معركة مصيرية كشفت لنا وقائع الأحداث خلالها الكثير من الأمور، والمطلوب من الجميع حكومة ومزارعين استشعار المسؤولية الدينية والوطنية والاهتمام كُــلّ الاهتمام بالجانب الزراعي ودعمه بكل الإمكانيات على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق تنمية اقتصادية لبناء يمن حر ومستقل، “وعلى الله فليتوكل المؤمنون”.